مقبرة العالية من المقابر العتيقة بالجزائر العاصمة، حيث تتربع على مساحة تقدر بحوالي 80 هكتارا تم عقد ملكيتها سنة 1936، وهناك من يؤكد أن هذه القطعة اشتراها المجلس الشعبي الولائي لمدينة الجزائر، نفس السنة من السيدة المسماة العالية، في حين أن هاته الأخيرة ملكتها بطريقة غير قانونية وسمتها باسمها وتمت أول عملية دفن بها سنة 1942. المقبرة مقسمة الى ثلاثة أقسام مقبرة الشهداء والشخصيات السياسية. وأخرى لعامة الناس أما الجزء الثالث فهو خاص بالمسيحيين فالداخل الى المقبرة يخيل له أنه في نزل الشيراتون، حيث أن مدخلاها يثيرا الانتباه ناهيك عن تنميقات وترحيب المسؤولين لكن صدق من قال "يامشبح من برة واش حالك من الداخل"، إنها الطامة الكبرى فالمقابر تغطيها تماما الحشائش الضارة، وهي في قمة الإهمال إذ يتعذر على أهل الموتى أن يجتازوا كل تلك الحشائش ليزوروا أمواتهم، إضافة إلى عدة عائلات جاءت من بلدية واد السمار كونها منكوبة لتقيم وسط القبور، فالمذياع على آخر صوته.. ضجيج وقاذورات، قنوات صرف المياه تعبر وسط القبور شباب وشابات جعلوها محطة لمواعيد فسق وممارسات لا أخلاقية خاصة وأنّ طريق المرور رقم 5 نساء يبزنسن عند رؤوس الموتى وأخريات تعقدن صفقات للدعارة والمشعوذات تحفرن القبور لتأخذن التراب والحشائش الضارة لتستعملهن في أغراضهن الشيطانية. مأساة الحفار أما عن وضعية الحفارين فحدث ولا حرج نقص تام في وسائل العمل وغياب كامل للعمال. فالحفارون يشترون وسائل العمل من ميزانيتهم الخاصة كالألبسة والأحذية وعند الحفر يساعدهم اولياء الموتى كون الحفارين متعبين طيلة النهار، وقد يتعدى عملهم الى اقتلاع الحشائش الضارة مقابل راتب زهيد علاوة على ذلك فهم يقطنون بالمقبرة التي تخضع بدورها الى ظروف صعبة، فالصيف عندهم سواء اذ لا يملكون مكانا خاصايحتمون فيه اثناء العمل لا من حر الصيف ولا من برد الشتاء. والجميع يؤكد ان هذا التدهور عرف اشده منذ سنة 2005، حيث انتقلت من مهام للوظيف العمومي الى المؤسسة العمومية لتسيير المقابر والجنائز، ناهيك عن الهوة العميقة الموجودة بين العامل والادارة من سخط وتذمر سببه التلاعب بالرواتب والوعود الكاذبة فالمدير دائما غائبا دوما والمصالح كلها معطلة. جثث تنتظر الدفن مصلحة حفظ الجثث بدورها مأساة اخرى يعيشها العمال بسبب عدم توفر الألبسة الخاصة، وغياب التحفين وضعف الأجور التي لاتتعدى 8000 دج الى جانب غياب سيارات الاسعاف. في حين أن الغلاف المالي للمؤسسة حسب تصريح العمال و المسؤولين يتعدى 66 مليون سنتيم لكنه لم يفدهم في شيء، ومن امثلة هذا الاهمال وجود جثتين واحدة منذ اكثر من سنة واخرى لازيد من شهرين لم يتم دفنها بعد لأن سيارة الاسعاف التي تنقلها الى قسم التشريح غير متوافرة رغم تواجد سيارات اخرى من نوع "بوكسار" لكن المسؤولين لم يقرروا بعد التخلي عنها للتنزه في شوارع العاصمة. محسوبية هناك الكثير من الناس يستغلون الوضع وحاجة العائلة الملحة لدفن الميت، ليضربوا ضربتهم حيث يتلقى العاملون بالمقبرة رشاوى تتراوح بين 3000 دج و5000دج ليوفروا قبرا للاشخاص المعنيين، وحتى الحفارينتظر نصيبه ومثله الحارس ايضا والا فقد يحضر الموكب الجنائزي ليجد باب المقبرة مغلقا، هذا مايرغم العائلات على دفع مبالغ مالية لتوفير شبه قبر يدفنون فيه اقاربهم قبل ان تتعفن الجثة. للمقبرة حرمتها التي يجب ان لا تدنس لكن ما يحدت بمقبرة العالية شوه صورة المقابر، لأنها اصبحت لا تخضع لأدنى الشروط الواجب توفرها، علما ان مقبرة العالية تضم قبورا لشخصيات مميزة مثل مجموعة شهداء الثورة وغيرهم. وشخصيات تاريخية بارزة كالأمير عبد القادر وقبر الراحل محمد بوضياف وهواري بومدين، ومع كل ما لهاته القبور من قيمة تاريخية واجتماعية ودينية الا انها اصبحت مسرحا للتجاوزات والرشاوى والتلاعبات الادارية التي ادت بوضعية المقبرة الى التدهور التام، في ظل الغياب الكلي للسلطات المعنية فهل من مغيث لمقبرة العالية.