إن للافتقار إلى الله علامات نذكر بعضا منها ليعرف كل واحد منا مكانه منها ومكانها منه: فمن هذه العلامات خشية الله في السر والعلن، فخشية الله في السر والعلن من أعظم آيات الافتقار إلى الله، فمن أدرك عظمة ربه وجبروته، وسلطانه الذي لا يقهر، خاف منه حق الخوف، فالذي يخاف ربه بالغيب صادق في تعظيم ربه، فلم يترك ما يغضب الله إلا لأجل الله، لا لأجل الناس وكلامهم، بل تعظيما لحق الله وإكبارا لعظيم جنابه، فلم يتعلق قلبه إلا بربه ولم يلتفت إلى ما سواه، لا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {لأعلمن أقواما يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا فيجعلها الله هباء منثورا} فقال ثوبان: يا رسول الله ! صفهم لنا جلهم لنا، أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم أقوام إذا خلو بمحارم الله انتهكوها} والعياذ بالله. والعلامة الثانية من علامات خشوع القلب إلى الله عز وجل هي في تعظيم أمره ونهيه، فمن العبودية التسليم والانقياد محبة وتذللا إلى الله، فتعظيم أوامر الله ونواهيه من تعظيم الله جل وعلا، فمن وقف عند حدود النصوص الشرعية، والتزم صادقا بأوامر النبي صلى الله عليه وسلم و كف مخلصا عن نواهيه وزواجره فلقد صدق في خشوع قلبه، فإن تعظيم الأمر والنهي ناشئ عن تعظيم الآمر والناهي، وعلامة تعظيم هذه الأوامر القيام بها كما أمر شارعها على أحسن هيئة وأكمل صورة والفرح بالقيام بها والتحسر على فواتها وفقدها، والخوف والوجل من الوقوع في نواهي الله عز وجل ومحرماته والحزن عند الوقوع بها والمسارعة إلى التوبة منها والتخلص من آثارها فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون. فهذه هي العلامة الثالثة من علامات خشوع القلب وهي سرعة التوبة بعد المعصية، فالتوبة هي الندم على ما بدر من معاصي، والإقلاع عنها في الحال، والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل، وعدم الاستهانة بالمعاصي تعينك على الإسراع بالتوبة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {إياكم ومحقرات الذنوب}، وقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه: [إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشَعر، إنا كنا نعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أضف إلى Facebook del.icio.us Digg StumbleUpon Twitter