إن النية مجرد قصد الفعل، فإذا قام أحدنا إلى الصلاة وعلم أنه سيصلي الظهر مثلا فقد حصلت النية، ولا يحتاج استحضارها إلى العناء الذي هو فيه، فمعرفته بالصلاة التي تريد أن يصليها هي النية، قال شيخ الإسلام: النية تتبع العلم فمن علم ما يريد فعله قصده ضرورة، ولو غابت عنك نية صلاة الظهر مثلا، ولكنك تعلم أنك ستصلي فريضة الوقت فقد حصلت النية أيضا في قول كثير من الفقهاء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وقال ابن عثيمين رحمه الله في شرح الزاد: فيكفي أن ينوي الصلاة، وتتعين الصلاة بتعين الوقت، فإذا توضأ لصلاة الظهر ثم صلى وغاب عن ذهنه أنها الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء فالصلاة صحيحة لأنه لو سئل ماذا تريد بهذه الصلاة لقال: أريد الظهر، فيحمل على ما كان فرض الوقت وهذا القول هو الذي لا يسع الناس العمل إلا به لأن كثيرا من الناس يتوضأ ويأتي ليصلي ويغيب عن ذهنه أنها الظهر أو العصر، ولاسيما إذا جاء والإمام راكع فإنه يغيب عنه ذلك لحرصه على إدراك الركوع، ولا يجب عليك الاغتسال لمجرد الشك بأنك أجنبت، والأصل أنك طاهر وهذا الأصل لا يزول بمجرد الشك. وأجمع أهل العلم على وجوب النية للصلاة وأنها لا تنعقد إلا بها، وأصل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى”، فيما رواه البخاري ومسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد اختلفوا في تقديم النية على الصلاة على ثلاثة أقوال: الأول: يجوز تقديم النية على تكبيرة الإحرام ولو طال الزمن ما لم يصرفها إلى غيرها، وتحصيل مذهب مالك أن المصلي إذا قام إلى صلاته أو قصد المسجد لها فهو على نيته وإن غابت عنه إلى أن يصرفها إلى غير ذلك”، والمنصوص عن أحمد رحمه الله يشبه ذلك فإنه سئل عن الذي يخرج من بيته يوم الجمعة ينوي قال: خروجه من بيته نية، وقال: إذا خرج الرجل من بيته فهو نيته، أفتراه كبّر وهو لا ينوي الصلاة؟! قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد ذكره ما نقل عن أحمد: “ولهذا قال أكابر أصحابه كالخرقي وغيره: يجزئه تقديم النية على التكبير من حين دخول وقت الصلاة”. الثاني: يجوز تقديم النية على تكبيرة الإحرام بزمن يسير ما لم يفسخها،