إن من محاسن الأخلاق الإسلامية خلق الإيثار، فهو مرتبة راقية من مراتب البذل ومنزلة عظيمة من منازل العطاء، لذا أثنى الله على أصحابه ومدح المتحلين به وبين أنهم المفلحون في الدنيا والآخرة، وهم يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدءون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك، ويقول ابن تيمية: (وأما الإيثار مع الخصاصة فهو أكمل من مجرد التصدق مع المحبة فإنه ليس كل متصدق محبا مؤثرا ولا كل متصدق يكون به خصاصة، بل قد يتصدق بما يحب مع اكتفائه ببعضه مع محبة لا تبلغ به الخصاصة)، ويقول الله تعالى: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم” آل عمران، يعني لن ننال وندرك البر الذي هو اسم جامع للخيرات، وهو الطريق الموصل إلى الجنة، حتى ننفق مما نحب، من أطيب أموالنا وأزكاها، فإن النفقة من الطيب المحبوب للنفوس من أكبر الأدلة على سماحة النفس، واتصافها بمكارم الأخلاق ورحمتها ورقتها، ومن أدل الدلائل على محبة الله، وتقديم محبته على محبة الأموال، التي جبلت النفوس على قوة التعلق بها، فمن آثر محبة الله على محبة نفسه، فقد بلغ الذروة العليا من الكمال، وكذلك من أنفق الطيبات، وأحسن إلى عباد الله، أحسن الله إليه ووفقه أعمالا وأخلاقا، لا تحصل بدون هذه الحالة، كما بين الله تبارك وتعالى أن من البر بعد الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والأنبياء، إطعام الطعام لمحتاجيه وبذله لمريديه، مع حبه واشتهائه والرغبة فيه، وقد جاء به الله تعالى أي إطعام الطعام - بعد أركان الإيمان مباشرة وفي ذلك دلالة على عظمته وعلو منزلته، وقال ابن مسعود في قوله (على حبه): هو أن تتصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل البقاء وتخشى الفقر. عن أبي موسى الأشعري رضي اللّه عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ((إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني، وأنا منهم)، وعن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (طعام الإثنين كافي الثلاثة، وطعام الثلاثة كافي الأربع)، وفي لفظ لمسلم: (طعام الواحد يكفي الإثنين، وطعام الإثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثّمانية)، وقيل المراد بهذه الأحاديث الحض على أضف إلى Facebook del.icio.us Digg StumbleUpon Twitter