اعس الأشقاء العرب في شدّ أزر الجزائر ثقافيا كلمة نقولها ونحن نتجرّع كؤوس الأسى والحسرة من مرارتها، ومع ذلك نقولها لأنها تحمل حقيقة محزنة لكلّ مثقف عربي غيور على ثقافته وانتمائه، حقيقة تتجلىّ للعيان جلاء الشمس عند مطلعها، حيث لا يخفى على عارف ضعف التبادل الثقافي بين الأشقاء العرب في الجزائر رغم قوّة الوشائج التاريخية والإقليمية، ووحدة المقوّمات العربية المتمثلة في اللغة والدين والمصير المشترك في الآمال والآلام، فخلوّ الساحة الثقافية الجزائرية من الأنشطة الثقافية العربية جعلها في معزل عن كافة معالم الإشعاع الثقافي العربي والإسلامي بشكل يبعث على الرّيبة والاندهاش ويجعل النخب المتشبعة بالثقافة العربية والإسلامية تعاني الأمرّين من شحّ الحضور الثقافي العربي الشاحب في الجزائر، ممّا يؤكد تقاعس العرب وتقصيرهم في مدّ جسور التعاون والتقارب والتواصل مع هذا البلد الجريح ثقافيا جرّاء تعرضه للغزو الثقافي الأوربي الحاقد الذي يريد أن يردّ له الصّاع صاعين، كيف لا يفعل ذلك وقد انطلقت من أرض هذا البلد الطاهرة مختلف الفتوحات الإسلامية باتجاه أوربا؟. إنّ ضعف الحصانة الثقافية، وانتشار الأمّية واختلال موازين الصراع بين دعاة التعريب ودعاة التغريب في الجزائر، أدّى إلى تأزّم حادّ للوضع الثقافي بها، بصورة تخدش هويّتها الثقافية الأصيلة، وتغري أنصار الفرنسة والأوربة على التطاول على أنصار العوربة بها، والإجهاز عليهم، وإلحاق شرّ الهزائم بهم في هذا البلد الذي يعتبر بوّابة أوربا، التي تسعى لأن تغزو سوقه الفكرية بالحابل والنابل من سلعها الثقافية، الجّيد منها والركيك، ومع تزايد تدفقها، فإنّ نسبة التعاطي بها في تزايد مطرد رغم بقاء المعاهد والجامعات الجزائرية حلبة صراع عريق بين دعاة التغريب ودعاة التعريب، لكنّ نسبة نجاح الفئة الثانية ضئيلة جدّا، إن لم نقل منعدمة، بسبب تقاعس الإخوة الأشقاء في شدّ أزرها ثقافيا على المستويين الشعبي والرسمي، وعلى خذلانهم لها. لذا نطلب منهم إعادة النظر في ضرورة اهتمامهم بهذا القطر من خلال إنشاء مركز ثقافي عربي ذي نوعية ثرية ومضمون أصيل يعزّز البعد الثقافي العربي الإسلامي لهذا البلد الذي سيظلّ محلّ أطماع قوى استعمارية ثقافية تتميّز بالخبث والمكر والدّهاء في مخططاتها لتغييب الحضور الثقافي العربي فيه واستبداله بالحضور الثقافي الغربي من أجل استدراجه رويدا رويدا نحو محيط ثقافي غريب على أبنائها، خاصّة في ظل غياب الدعم العربي الثقافي المطلوب في هذا الظرف وكأنّ العرب نسوا أنّ الجزائر بمثابة القلب للجسد في كيان أمّة العرب، فمتى تراهم يبعثون الحياة في هذا القلب لعله ينتعش وينبض بحسّ ثقافي عربي أصيل؟ . جامعة الدّول العربية والمنظمة العربية للتربية والثّقافة والعلوم كفيلتان بتحويل الحلم إلا واقع العارفون بخبايا المشهد الثقافي في الجزائر يدركون جيدا مدى تداعيات خلوّ ساحتها الثقافية من معالم الإشعاع الثقافي العربي الإسلامي بشكل يبعث على الدهشة والاستغراب، ويستنهض همم النخب المثقفة ثقافة عربية أصيلة، والواعية بمدى الخطر المحدق بالجزائر الجريحة بعمق، ويدعوها إلى وجوب التنديد بهذا الغزو الثقافي الأوربي المتزايد على بلدها، خاصّة في هذه الفترة، بل وتماديه في سعيه إلى تنصير بعض شعبها ضمن مخطط مدروس بدقة وإحكام من قبل الاستعمار الثقافي العالمي المعاصر، والذي تختل فيه موازين القوى بين الأقوياء والضعفاء. فهذه النخبة ممثلة من السّواد الأعظم من خريجي معاهد وجامعات جزائرية ومشرقية، تهفو قلوبهم إلى الثقافة العربية، يتساءلون لماذا لا نرى اليوم حيوية، وقوّة ثقافية تنبعث من مركز ثقافي لدولة عربية تواجه هذا المدّ الثقافي الغربي الجارف، وعدم الاكتفاء ببعض المناسبات القليلة المنحصرة في المعارض الدّولية للكتاب الذي يتميز بحضور عربي مكثف وإقبال حاشد على اقتناء المنتوج الثّقافي العربي بشكل لا نظير له. إنّ المثقفين الجزائريين ومن خلال كثرة احتكاكنا بهم يأملون أن تبادر الدّول العربية إلى كسر الجمود القاتل من قلة الحضور الثقافي العربي في هذا البلد، إن لم نقل انعدامه، وذلك بإعادة تفعيل رسالة المراكز الثقافية، ونشرها عبر كلّ أرجاء الوطن العربي، حتى تصير قلاعا ثقافية شامخة تتصدّى للغزو الفكري الأوربي الزاحف، وذلك بدعمها وترشيدها، وإعطائها ما تستحقّ من العناية لأجل تقديم عروض فكرية وخدمات إعلامية ومحاضرات وندوات ومعارض وملتقيات وأسابيع ثقافية وفنية تليق بمستوى الثقافة العربية الراسخ ذكرها في التاريخ بكلّ مجيد، حتى تصبح هذه النشاطات حصنا فكريّا منيعا يلجأ إليه كلّ مواطن عربي أينما كان. ونحن إذ نتحدث عن الواقع الثقافي الحالي في الجزائر، نتمنىّ من كلّ أعماقنا أن يكون انطلاق هذا الصّرح الحضاري منها، حتى يعين على تأصيل الثقافة العربية لدى الجزائريين، ويحثهم على الاستمرار في التمسّك بعروبتهم، والحفاظ على هويتهم الأصيلة، ويعصمهم من الأطماع الثقافية الغربية التي تتربّص بهم الدوائر في السّر والعلن!. فالتواصل الثقافي بين الدّول العربية يجعلها متآزرة متماسكة، كالبنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضا، فلا تفلت إحداها من حلقة هذا التماسك، ولا تشذ إلى اعتناق التغريب، وقد كان هذا التواصل بالأمس القريب أحد الأسباب التي عجّلت في اندلاع الثورة التحريرية الجزائرية الكبرى، واستمرارها حتى ظفرها بالنصر المبين، كما أنّ التبادل في ميدان التعليم بنوعيه العام والعالي، قد أدّى إلى تنمية العلاقات الثقافية بين الجزائر ومختلف الدّول العربية، تجسيدا للتماسك العربي المنشود، وهنا نقدم مثلا عن وطني، المملكة العربية السعودية، التي يعود لجامعاتها ومعاهدها الفضل في تكوين الكثير من الكوادر الجزائرية، ورغم رجوع هؤلاء إلى بلدهم الأم إلا أنّ قلوبهم ظلت تهفو إلى أرض الحرمين الشريفين فكتبوا فيها وفي سائر العلوم، لكن جلّ أعمالهم الفكرية والأدبية لم تعرف النور بعد لأسباب أقلّ ما يقال عنها أنه لا يصح أن تكون عائقا في وجه نشر الثقافة، وبوجه خاصّ مشكل انعدام دور نشر عربية تسعى لإخراج إبداعاتهم الفكرية للوجود، حتى تنتفع بها الأمّة العربية جمعاء، فانعدامها منطلق من عدم وجود تنسيق وتواصل ثقافي بين الجزائر والدّول العربية الأخرى إلا القليل منه، كما ذكرنا. لذا فجلّ المثقفين في الجزائر ممّن لهم توجهات ثقافية عربية أصيلة، وتطلعات نحو المشرق يأملون في أن تبادر الدّول العربية إلى كسر هذا الجمود الثقافي، وإذابة جليد الثقافة المادية الآتية من وراء البحار، والمخيّمة على سماء الساحة الجزائرية، بإعادة تفحّص خريطة توزيع المراكز الثقافية بتولية هذا القطر اهتماما أكثر، نظرا لبعده الإقليمي عن الدّول المشرقية، ومحاذاته لأوربا، الأمر الذي جعله دائما عرضة لحملات طمس الهوية العربية الإسلامية، ونحن نضمّ أصواتنا إلى أصواتهم، ونلتمس من الدّول العربية التفكير في إنشاء مركز ثقافي متعدّد الجوانب، وذي فعالية ثقافية عالية، عساه يعزّز ويرسخ البعد العربي الإسلامي لهذا البلد، ويحميه من تلك الحملات الهوجاء المتكالبة عليه من كل حدب وصوب. غاية أمانينا أن تتحرّك الهيئات العربية كجامعة الدّول العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مدعومة من المثقفين الجزائريين الذين يكنون لها كلّ التقدير، لتجسيد حلمهم في إنشاء هذه القلعة الحضارية، حتى يتمّ بواسطتها تعزيز وتمتين روابط التبادل الثقافي بين الشعوب العربية، والمسؤولية ملقاة على عاتق مسئولي القطاعات الثقافية لبلدانها. إن تجربتي المتواضعة في عملي بالسفارة كملحقا ثقافيا لدى الجزائر، التشاد، والنيجر، كشفت لي تعطش الكثيرين من الأكاديميين والمثقفين الجزائريين إلى وجود مرفق عربي يلبيّ احتياجاتهم الثقافية، وهذه الفكرة لا ينقصها لا المال ولا الرجال، ولكنها تفتقر إلى قرار سياسي تاريخي شجاع، على أن لا يصبح مجرّد قرار مطبوع على ورق دون أن يرى النور، مثل غيره من القرارات الرنانة التي تطلقها منظماتنا وهيئاتنا العربية والإسلامية بتوقيع نخبة من علماء ومفكري وسياسيي الأمّة العربية، في كلّ المناسبات المختلفة، وما أكثرها من شعارات وتوصيات، تخرج بها هذه الهيئات في الملتقيات، الندوات، القمم، المؤتمرات، وتبقى أسودا على أبيض في طيّ سجلات لو أردنا جمعها لملأت مكتبة وكدستها، وكأنها وضعت لتبقى هناك حبيسة جدران البيروقراطية التي تخنقها، وتمنع كلّ مساعي التغيير التي يطمح كلّ مثقف عربي إلى رؤيتها رؤيا العين على أرض الواقع، وليس مجرّد قرارات. فالتوصيات القديمة قد صارت في حكم النسيان، ومجرّد ذكريات، قد نتباهى بها في يوم من الأيام، في مناسبات أخرى نرجو ألا يكون مصيرها مثل سابقتها، ونأمل أن يكون ما هو آت خير وأبقى ممّا فات، بدءا بقرارات مجلس جامعة الدول العربية الصادرة على المستوى الوزاري بالقاهرة في الثامن سبتمبر 2005م في قرارها رقم 6564 /أ – د.ع ( -(124ج 2 -8 /9 / 2005 الخاص بالعلاقات العربية– الدّولية في الفقرة الأولى الخاصة بالعلاقات العربية- الإفريقية في البند الأول منها، حيث جاء فيه: «مسيرة التعاون العربي- الإفريقي: إنّ مجلس الجامعة على المستوى الوزاري: بعد اطلاعه على مذكرة الأمانة العامة، وعلى تقرير نشاط الأمانة العامة فيما بين الدورتين، وعلى توصية لجنة الشؤون السياسية. إذ يؤكد على قراراته السابقة في هذا الشأن يقرر: 1- التأكيد على أهمية مواصلة الجهود لإزالة العوائق التي تعترض سبيل تفعيل وتطوير التعاون العربي الإفريقي وتنظيم اجتماعات أجهزته، وذلك في ضوء قرارات مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، وتكليف الأمين العام متابعة اتصالاته في هذا الخصوص للوصول بالتعاون إلى مرحلة تعاون حقيقية ومنفعة مشتركة تقوم على تشابك المصالح في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية ليكون تعاونا يرسي المرتكزات التي تصون العلاقات العربية الإفريقية ويدرأ عنها الأخطار». يشير هذا البند من القرار إلى وجوب استمرار مسيرة التعاون في مضمار العلاقات العربية والإفريقية في كل المجالات بما فيها المجال الثقافي لما له من أهمية لا تقل عن أهمية باقي المجالات الأخرى لدرأ الأخطار التي تحدق بالقارة الإفريقية على مستوى كل الأصعدة بما فيها الهيمنة الثقافية التي يرسم الغرب تطبيق خططه فيها، وبخاصة في الجزائر باعتبارها مفتاح إفريقيا وبوابة أوربا، فموقعها الاستراتيجي الهام جعل منها عرضة لكل الهجمات لضمّها إليه. ووصولا إلى توصيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، مع الإشارة إلى الأخيرة منها، المنصوص عليها في الوثيقة التي تناولت الخطوط الرئيسة لبرنامجها وميزانيتها لعامي2007/2008 في دورتها المالية الثانية لتنفيذ خطة العمل المستقبلي لها للفترة من 2005/ 2010 بعد عرضها للتشاور مع السّادة أمناء اللجان الوطنية العربية في اجتماعهم الثالث عشر والذي عقد بمسقط خلال الفترة من 7 إلى 9 مايو 2005، حيث انتهى الاجتماع إلى إصدار هذه التوصيات التي أبلغت إلى الإدارات والأجهزة الخارجية للأخذ بها عند إعداد وثيقة الإطار العام لمشروع الميزانية والبرنامج لعامي 2007 / 2008 فقد تضمنت نقاط مهمة تدعو إلى التفاؤل والأمل، لأنها تحمل في طيّاتها رغبة صادقة في تغيير أوضاع العالم العربي إلى الأحسن في مجال الثقافة والتربية والعلوم، وهذا أحد بنودها في إطار مقترحات المنظمة بشأن برامج الثقافة لعامي 2007 / 2008: «أوّلا : إبراز ودعم عوامل وحدة الثقافة العربية بما لها من أهمية في تعزيز الانتماء للأمّة العربية، ودعم العمل الثقافي العربي المشترك من خلال مؤسّساته القومية، وفي هذا الإطار تواصل إدارة الثّقافة بالمنظمة إقامة المؤتمرين الكبيرين الأساسيّين اللذين يشكلان أحد الركائز الأساسية في عملها: الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثّقافية في الوطن العربي. الدورة التاسعة عشرة لمؤتمر الآثار والتراث الحضاري. وكما هو معتاد، فإنّ سمو ومعالي الوزراء يقررون في هذه الدورة الموضوع الرئيس لدورتهم القادمة، كما أنّ السادة المديرين العامين لقطاعات الآثار في الدّول العربية يحدّدون الموضوع الرئيس لمؤتمرهم القادم. وفي هذين المؤتمرين العريقين يكون الهدف الرئيس «تحقيق التنسيق بين الدّول العربية والعمل العربي المشترك في المجال الثّقافي». عند تأمّل هذا البند، نرى أنّ المنظمة قد حدّدت هدفا ساميا تأمل الوصول إليه في المؤتمرين اللذين تقرّر تنظيمهما، لتحقيق التنسيق بين الدّول العربية والعمل العربي المشترك في المجال الثقافي، فالمسؤولية الحضارية الملقاة على عاتق المسؤولين العرب والهيئات الثقافية العربية تستلزم إعادة النظر في التعاون الثقافي العربي خاصّة في ظل أجواء العولمة الثقافية الضّاربة بقوّة في العالم العربي عامّة، وفي الجزائر خاصّة، لضمان تمسّكها أكثر بمقوّمات ثقافتها العربية العريقة. لذا أصبح مشروع إنشاء مراكز ثقافية أكثر من ضرورة بالنسبة للنخبة الجزائرية، المتمثلة في الأوساط الأكاديمية المستغربة أشدّ الاستغراب من الفارق الشاسع بين نشاطات المراكز الثقافية الغربية والعربية، فحضور الأولى ذو صدى مدوي، بينما الثانية غائبة تغط في نوم عميق، دون أن يتمكن أحد من تفسير سبب هذا الغياب. وعلى هذا الأساس، ومن على هذا المنبر الإعلامي «جريدة الشروق أون لاين» نهيب بسموّ ومعالي وزراء الثقافة العرب إلى تجسيد حلم التلاحم الثقافي العربي الذّي يطمح إليه كلّ مثقف عربي، ومع كامل ثقتنا في غيرتهم على هذا الجزء العربي الذي تعصف به رياح التغريب، نتوجّه إلى سموّهم ومعاليهم برجائنا في سعيهم لتحقيق مشروع مركز ثقافي عربي في إطار عمل مشترك بين البلدان العربية، يكون بمثابة بيت ثقافي يلتقي تحت سقفه المثقفون العرب على اختلاف جنسيّاتهم، وملاذا يحتمي بحماه خصوصا المثقفون الجزائريون، وكلّ من أراد الانضمام لهذا الصّرح الذي نريده حضاريا تفتخر به الأمّة العربية برمّتها، ويساعد على تعضيد وحدتها وجمع شتاتها، فتلك النخبة المثقفة العربية تريد مركز إشعاع عامر، زاهر، وحافل بالمنتوج الثقافي العربي الأصيل، لأنّ الشعوب العربية التي فرقتها السياسة والإيديولوجيات، ترجو أن يبقى التواصل الثقافي آخر صمّام أمان لضمان وحدتها في عصر العولمة والتكتلات. وللتاريخ أقول أنّ روابط العلاقات الثقافية الجزائرية العربية فوق كلّ الاعتبارات الرسمية، أي أنّ القواسم المشتركة من دين، لغة، تاريخ ومصير مشترك، وكلّ المفردات الكفيلة بصيانة تلك العلاقة، سيوطدها حضور ثقافي مؤسّساتي، يبقى مطلبا تتطلّع إليه النخبة المثقفة في الجزائر االتي توشك أن تضيع من الأمّة العربية ثقافيا، وإذا لم تتحد الجهود لاستعادتها قبل فوات الأوان، ضاعت في غيابات الفرنسة والتغريب، وصارت شرخا حضاريا آخر يضاف إلى شروخ الأمّة الكثيرة التي تمنع تكتلها ولملمة شتاتها. من هذا المنطلق، وبحرقة المثقف العربي الغيور على عروبة الجزائر وإسلامها، ولوعة المحب للبعد الحضاري لهذا البلد الشقيق الذي يعز عليّ كثيرا أن تتعمق فيه غربة المثقفين العرب والمعرّبين تحت أيّ قناع، أوجّه ندائي إليهم بوجوب اتحادهم للحفاظ على هويتهم، وإثبات حضورهم الذي يشبه حاليا صرخة في واد، فالفارق رهيب بين قوّة الحضور الثقافي الغربي وقلة حضورهم، لذا عليهم بذل المزيد من الجهود، والتكتل حتى يصل صدى صوتهم إلى الهيئات الثقافية في الجزائر، ونحن من جهتنا نوصل صداه إلى الهيئات الثقافية المختصّة في العالم العربي، لعّل ذلك يحقق لنا جميعا الحلم المنشود، فالثقافة الغربية المدعمة بقوى خارجية قويّة تجتاح الجزائر بشكل يجعل اللبيب حيرانا؟ فهل يتفق سموّ ومعالي وزرائنا العرب على صناعة سفينة نوح ثقافيّة تتمكن من إنقاذ الثقافة العربية في الجزائر قبل أن يجتاحها طوفان التغريب المدمّر؟ نحن في الانتظار، فهل تراه سيطول انتظارنا؟ أم أن حلمنا سيتحقق قريبا؟!!! والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..