انتقد الخبير الاقتصادي فارس مسدور سياسة الدولة في الاعتماد بدرجة كبيرة على الضرائب لتمويل ميزانيتها السنوية، وبالأخص ضرائب يتم اقتطافها من الدخل الإجمالي لأجور العمال، ما يتسبب في تخفيض أجورهم، معتبرا أن الدولة لا يمكن أن تلجأ إلى إلغاء هذه الضرائب بصفة نهائية، لكنها مطالبة بإلغائها بالنسبة للفئات العمالية الهشة. أشار مسدور إلى وجود "لاعدالة جبائية" تجعل الموظف غير مخير في دفع الضرائب، لكن بالمقابل يتمكن رجال الأعمال والمؤسسات من التهرب من دفع الضريبة، ما يجعل النقص المسجل في تمويل الميزانية يعوضه الموظفون البسطاء. وأوضح الخبير الاقتصادي في تصريح ل "السلام" أن ما يدفعه الموظفين من خلال اقتطاعات الضرائب على الدخل الإجمالي للأجور يفوق بكثير ما يدفعه رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الاقتصادية، على اعتبار أن مجموع 2 مليون موظف بالجزائر يدفعون من رواتبهم قيمة 4 ملايير دولار، وأن هذه القيمة جزء لا يتجزأ من ميزانية الدولة، ولا يمكن بأية حال من الأحوال إلغائها، وهو ما يجعل مطالب إلغائها أمر مستحيل التجسيد. ويرى الخبير الاقتصادي أن الدولة ممكن أن تلجأ في المقابل إلى إلغاء هذا النوع من الضريبة على الفئات الهشة وذوي الدخل الضعيف، مقترحا أن يشمل الإلغاء الموظفين الذين لا تتجاوز أجورهم 30 ألف دينار شهريا، وتخفيضها بالنسبة للموظفين المتبقين الذين يتقاضون ما فوق هذا المبلغ، أما إلغائها نهائيا فهو أمر مستبعد التجسيد. أما بالنسبة لفئة رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات، قال فارس مسدور إن هذه الفئة أولى بدفع الضرائب من الموظفين، لكن غالبيتها يتهرب من الدفع، أين يساهم الموظفون بدلا عنها في تمويل ميزانية الدولة، والفرق بينهم أن الموظفين ليس لهم خيار، أما رجال العمال فخيارهم هو الغش الضريبي والتهرب من الدفع، في ظل نقص المراقبة. وأشار المتحدث إلى وجود تهرب ضريبي تصل قيمته إلى 200 مليار دينار سنويا، بحيث سجل مجلس المحاسبة قيمة تهرب ضريبي تقدر بألف مليار دولار في خضم عشرة سنوات، هذا بدون احتساب التهرب الناجم عن السوق الموازية والشركات التي تعمل بالخفاء. وانتقد الخبير الاقتصادي سياسة الحكومة الحالية القائمة على الاعتماد بنسبة كبيرة على مداخيل الضرائب خاصة ما تعلق منها بالضرائب على أجور العمال، في حين يفترض أن تتجه الدولة نحو التحفيز الجبائي والإعفاء الضريبي من أجل تنمية الاقتصاد، خاصة وأن الأمر يتعلق بدولة لها مداخيل كافية من الجباية البترولية بحيث تتحول نسبة 68 بالمائة من مبيعات البترول إلى مداخيل جباية، وهو ما جعل بعض الدول البترولية كالسعودية تلجأ إلى إلغاء الضريبة على أجور الموظفين.