تعتبر الخيانة من بين الأمور التي ينبذها الناس بمختلف أشكالها، وبعد أن ارتبطت في وقت مضى بخيانة الزوج للزوجة، انقلبت الصورة، إلا أن ما سنتحدث عنه ليس هذا وإنما خيانة الخطيبة لخطيبها وتغييره بآخر دون سابق إنذار، في الوقت الذي يحلم فيه هو بحياة هادئة وسعيدة معها، خاصة وأن أهليهما اتفقاا على كل شيء. برزت مؤخرا الكثير من الظواهر الغريبة عن مجتمعنا والتي لم نكن نسمع عنها من قبل من بينها خيانة الخطيبة لخطيبها في غفلة منه وتبديله بآخر لترتبط به وهذا ما حدث مع »كمال« واحد من هؤلاء الشباب الذين تعرضوا إلى هذه الظاهرة، حدثنا عن قصته كاملة ولم يتوان في سرد التفاصيل، هو في العقد الثالث من عمره، خطب فتاة تسكن في الحي المجاور لحيه وهو في سن 25 سنة، قد تم التوافق بين الطرفين وأعطى أهل الفتاة رأيهم بالقبول، حيث قال: «لقد قبلوا خطبتي لابنتهم، خاصة وأني قصدت بيتهم مع أهلي منذ المرة الأولى، ونظرا لحدوث التوافق، منحتهم نصيبا من المال والمعروف عندنا ب (حق الشوفة)، وبعد اتفاقنا على كل الضروريات، خرجنا ونحن نعتقد أن كل شيء على ما يرام، ولكن بعد مرور قرابة ستة أشهر و حكم عملي البعيد عن البيت وعدم اتصالي بها سمعت بأن شابا آخر تقدم لخطبتها وهو أحسن مني من الناحية المادية و قبلت به وأعلنت خطوبتها رسميا منه وقرأ الفاتحة عليها، ولم تسألني ولم تبال بمشاعري رغم أنني كنت أكن لها الحب والمودة«، هذه التصرفات قد تسبب لبعض الشباب صدمة نفسية يصعب تجاوزها، خاصة إذا كان الخطيب يعمل جاهدا من أجل تكاليف الزواج وخطيبته بصدد الإيقاع بشاب آخر أحسن منه ماديا. و»سمير» واحد من هؤلاء أيضا، حيث تقدم لخطبة الفتاة التي لطالما تمنى الاقتران معها ووافقت هي على ذلك وأقاموا حفلة «الفاتحة» في وقت قصير، وقضيا مع بعض خمس سنوات، لم تجد فيها منه إلا كل حب واحترام، خاصة وأنه كان يقدم لها مصروفا بشكل مستمر، ناهيك عن الهدايا والفواكه وغيرها لتصدمه في إحدى المرات بأنها قررت الانفصال عنه، وهذا ما أصابه بانهيار عصبي، وبعد شهر من هذا القرار سمع بزواجها من آخر رغم أنه لم يتلفظ عليها بالطلاق، خاصة وأنه يربطه بها عقد شرعي. ولمعرفة حكم الشرع في هذه المسألة، اتصلنا ب»مسعود يخلف» أستاذ الشريعة بكلية العلوم الشرعية بجامعة الجزائر والذي أكد لنا أنه لا يجوز لأحد أن يخطب على خطبة أخيه المسلم وهذا بسبب نهي رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فعن عقبة بن عامر وأبي هريرة وابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «قد صرحت بالنهي عن أن يخطب الرجل على خطبة أخيه» إلى غاية قوله صلى الله عليه و سلم: »حتى ينكح أو يترك«، وفي حديث آخر بلفظ: «حتى يترك الخاطب أو يأذن له الخاطب»، ومن أجل ذلك ينصح جل الأخصائيين في الشريعة بالابتعاد عن هذا الفعل، والذي ذكر في كثير من الأحاديث كالذي حدثنا أحمد بن منيع وقتيبة قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه»، و لذلك ينصح أغلبهم كل خاطب في أخذ الحذر حين يتقدم لطلب يد أي فتاة، وذلك لمعرفة إن كانت مخطوبة أو لا، لكي لا يقع في الإثم، فإن كانت المرأة قد خطبها رجلٌ قبله لا تجوز له حتى يتضح أمرها، ويعوضه الله خيراً منها، وإلا حتى يتركها خطيبها، ويقول ليس لي رغبة في هذه الفتاة فإنه في هذه الحالة يجوز له التقدم لها، ونسأل الله التوفيق والصلاح لكل شاب من شبابنا. وقد تطرق أيضا الأستاذ «يخلف» إلى البعد المقاصدي من هذه الظاهرة والذي يتجلى في التوحيد والجمع بين القلوب، وإظهار سمة التماسك بينهم، حيت قال: «...إذ أن بخطبة المسلم على خطبة أخيه تستاء القلوب وتنتشر الضغائن بين الإخوة، والإسلام قد نهى عن هذه الصفات حتى تبقى الألفة بين القلوب والإبتعاد عن كل ما يعكر نفس الفرد«، و هذا لأن الإسلام جاء ليؤاخي بين القلوب. كما قال الأستاذ أن هذا الفعل يدفع إلى حدوث بعض الحالات النفسية، لأنه يؤثر على نفسية الفرد، لذلك تجد الشاب يطرح أسئلة كثيرة على نفسه، هل الخاطب الثاني أحسن مني خلقيا؟ ولماذا لم ترفضه ولم تقل له أنها مخطوبة؟ وما الشيء الذي يملكه وأعجبها فيه وافتقر أنا له؟ هي أسئلة وأخرى يقع فيها كل شخص تعرض إلى هذه الخيانة والتي تترك في نفسيته على حد تعبير الأخصائية النفسانية »عوادي.س« الإحباط والملل وكره الناس وانعدام الثقة بينه وبين بقية الأشخاص الذين يتعاملون معه. ولذلك نهى ديننا الحنيف عن فعل هذا العمل، من أجل الحفاظ على مجتمع متماسك ومتلاحم بين سائر أفراده.