عانقت الثقافة السودانية الغنية بتراثها الثقافي المادي والمعنوي وايقاعات الموسيقى الإفريقية تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية في أجواء احتفالية صنعتها الوجوه الثقافية السودانية الحاضرة بقوة وفي شتى المجالات الثقافية والفنية. شهد قصر الثقافة الإمامة بتلمسان انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي السوداني بتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2001 بحضور متميز وبصمة سودانية خالصة امتزجت بين الأصالة والحضارة الإسلامية والامتزاج مع الإيقاعات الموسيقية الإفريقية التي ألهبت الجمهور والعائلات التلمسانية التي كانت حاضرة بقوة بقصر الثقافة الإمامة الذي كان مسرحا لتلك العروض المقدمة حيث لقيت تجاوبا وإعجابا كبيرا باللمحات الفنية المقدمة من طرف الوفد الثقافي السوداني. وقد أعطى الفاعلون في الساحة الثقافية السودانية انطلاق الأيام الثقافية بحضور ممثلي وزارة الثقافة من البلدين ومدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام لخضر بن تركي، واستهلت هذه الأيام بانطلاق المعارض التي شملت عدة أعمال فنية من رسومات تشكيلية تضمنت فن المخطوطات وهي عبارة عن قصائد شعرية جسدها الفنان حيدر إدريس إبراهيم في شكل لوحات فنية جعلت من الخط العربي فنا في حد ذاته أبدع الفنان التشكيلي في نقلها وإيصال الفكرة التي تتمحور فيها القصائد الشعرية المحولة إلى لوحات تشكيلية ، كما تضمن المعرض بعض الأدوات اليدوية التقليدية التي يستعملها الإنسان البسيط في السودان بالإضافة إلى بعض المأكولات الشعبية والأعشاب الطبيعية التي يتداوى بها الشعب السوداني، كما تضمن المعرض كذلك بعض الحرف اليدوية كصنعة الفخار والأواني الفخارية التي تستعملها المرأة السودانية في حياتها اليومية، دون نسيان معرض الصور الفوتوغرافية الذي تضمن صورة مصغرة عن هذا لبلد الذي كان يعتبر في وقت ليس ببعيد اكبر بلد في القارة السمراء لكن عدم الاستقرار السياسي والحرب الأهلية التي نهشت هذا لبلد جعلته ينقسم ويتحول إلى دويلتين إن صح التعبير عصفت بكل القيم والثقافة المشتركة التي كانت تجمع أبناء الوطن الواحد، فأتى الانقسام ليوسع الهوة بين الأشقاء ويتحقق حلم الأعداء الذين لا هم لهم إلا النبش فوق قبور الموتى لكن رغم هذا مازال السودان صامدا والدليل على ذلك الحضور المتميز في حفل الافتتاح الذي تركت فيه الفرق المشاركة بصمتها واضحة وما تفاعل الجمهور التلمساني إلا دليل على ذلك. واستهل حفل الافتتاح بقطعة شعرية من تقديم الشاعرة والإعلامية ابتهال محمد المصطفى التي ألقت قصيدة شعرية تطرقت فيها الى عشقها للجزائر مذكرة بعمق العلاقات التاريخية بين الشعبين الجزائري والسوداني خاصة ملحمة أم درمان التي وقف فيها الإخوة السودانيون إلى جانب المنتخب الوطني في المباراة المصيرية التي جمعته بالمنتخب المصري في إطار تأهيليات مونديال جنوب إفريقيا 2010 والتي عادت فيها الغلبة لمنتخبنا الوطني بفضل مساندة الجمهور السوداني. كما قام بعدها الشاعر أبو بكر الجنيد هو الأخر بإلقاء قصيدة شعرية أخرى تغنى فيها بالجزائروبتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية وسط زغاريد النساء الحاضرات بالقاعة اللواتي أعجبن بمدح الشاعر لجوهرة المغرب العربي تلمسان، حيث عرف هذا الشاعر كيف يستهوي قلوب الجمهور بالرغم من إعاقته الحركية لكنه عوض هذا بإلقائه الرائع للشعر. أمسية فنية كانت غنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى خصوصا مع فرقة المديح الديني التي أضفت جوا روحانيا من خلال الابتهالات التي قدمتها الفرقة المتكونة من عضوين وسط رقصات شعبية من أعضاء الوفد السوداني والسلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر بمن فيهم السفير السوداني مجدي محمد طه مخلفين إعجابا كبيرا عند الجمهور الذي تفاعل مع هذه الرقصات، ليكون مسك الختام مع الفرقة الشعبية للآلات الموسيقية التي مزجت بين الإيقاعات الموسيقية الأفريقية والتراث السوداني تخللته رقصات فلكلورية إفريقية خالصة ألهبت كل من كان موجودا بالقاعة لدرجة أن الجميع كان يرقص على وقع هذه الأنغام خاصة أغنية البقارة المستوحاة من التراث السوداني الغني بثقافته المادية والمعنوية ليترك بصمته راسخة في يوم كان مميزا بكل المقاييس بشهادة الجميع. ومن المنتظر أن تتواصل فعاليات الأيام الثقافية السودانية بالجزائر إلى غاية اليوم حيث سنشهد حفل الإختتام ليحل بعده الأسبوع الثقافي الكويتي. تصريحات الوفد السوداني : السفير السوداني مجدي محمد طه: تحدث السفير السوداني بالجزائر مجدي محمد طه عن العلاقات الثقافية بين السودان والجزائر مشيدا بالتطور الذي وصلت إليه وذلك من خلال عديد التظاهرات الثقافية كما اعتبر أن السودان حريص على الحضور في كافة النشاطات الثقافية المقامة بالجزائر والدليل على ذلك هذا التواجد بتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية رغم الاضطرابات السياسية التي شهدها السودان مؤخرا كما تحدث السير عن التحضيرات القائمة في السودان من اجل احتضان تظاهرة مدينة سنار عاصمة الثقافة الإسلامية 2017 قال بان القائمين على شؤون الثقافة في السودان وجدوا تلمسان فرصة من اجل كسب الخبرة من القائمين والمنظمين لتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية ونقل هذه التجارب إلى سنار 2017 والإستفادة من هذه التجربة. رئيس الوفد السوداني محمد حيدر إدريس: اعتبر رئيس الوفد الثقافي السوداني محمد حيدر إدريس أن المشاركة السودانية شاملة حملت فيها كل الفنون وكان يتمنى أن تكون اكبر لان ما بين الجزائر والسودان اكبر من هذه المشاركة فهي مشاركة فهي مشاركة في المشاعر قبل المعرض لذلك اعتبرها مشاركة بسيطة كما قال بأنها ليست المرة الأولى التي يتواجد فيها بالجزائر وإنما جاءها من قبل بصفته فنانا تشكيليا حيث أقام معرضا بالمركز الثقافي الفرنسي، هذا وتحدث محمد حيدر إدريس عن الانفصال الثقافي بين الشمال والجنوب معتبرا إياه انفصالا وقتيا لا غير لان الشعب السوداني شعب واحد والفعل الثقافي واحد كذلك بحكم الثقافة الواحدة والتاريخ المشترك.