تعانقت نهاية الأسبوع الماضي عاصمة الثقافة الإسلامية تلمسان مع عاصمة الثقافة الإسلامية جاكرتا الأندونيسية التي تحتضن وتزامنا مع تظاهرة تلمسان، ذات الحدث الثقافي الإسلامي ولكن في قارة آسيا، غير أن لقاء العاصمتين الثقافيتين الإسلاميتين في أرض المليون والنصف مليون شهيد كان له ميزة خاصة، جعلت من الأيام الثقافية الأندونيسية التي اختتمت أمس تتميز عن غيرها من الفعاليات الثقافية بموروث إسلامي ثري وكنوز بداعية في شتى الحقول الفنية. * أندونيسيا التي حطت الرحال بالجزائر حملت معها أجندة ثقافية تنوعت بما أبدعته أنامل كبار الفنانين وما أنتجته العدسة الأندونيسية من أعمال سينمائية وحفلات فنية كانت فيها الثقافة الإسلامية الحاضر الأكبر من خلال تلك الباقة الثقافية التي تحدثت بشأنها ممثلة وزير الثقافة والسياحة بأندونيسيا السيدة "بوراني واتي" في كلمتها الافتتاحية أنها تهدف إلى إضافة لمسة إسلامية أندونيسية بهدف تطوير الثقافة الإسلامية، قبل أن تتقدم بتشكرها نيابة عن وزير الثقافة والسياحة الأندونيسي للسلطات العليا ممثلة في رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة "الذي مكننا من المشاركة في هذه التظاهرة، ودعوته لنا للحضور .."، مهنئة في السياق ذاته الجزائر عموما وتلمسان بوجه أخص على احتضانها لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، من جانبه اعتبر المنسق العام لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية السيد عبد الحميد بلبليدية لدى إشرافه على افتتاحه هذه الأيام الثقافية أن "تعانق جاكرتا عاصمة الثقافة الإسلامية بالنسبة للمنطقة الآسيوية لسنة 2011، بتلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية للمنطقة العربية والقارة الإفريقية لسنة 2011، يعد مؤشرا لعمق وشساعة الثقافة الإسلامية .." دولة "أولياء سونغوا" كما يحلو لسكان اندونيسيا تسمية بلدهم باعتبار هؤلاء الأولياء من الثقاة والصالحين والذي يبلغ عددهم 9 أشخاص، يعود لهم الفضل الكبير في انتشار الدين الإسلامي الذي دخل اندونيسيا في القرن السابع ميلادي بفضل التجار الذين أتوا من المنطقة العربية، حيث كانت سواحل جزيرة سومطرة الحاضنة الأولى للإسلام بفضل * "أولياء سونغوا"، لتتحول اليوم إلى أكبر دولة إسلامية حيث تصل نسبة المسلمين باندونيسيا 85 % من مجموع 240 مليون نسمة تقطن هذا البلد، فقد تعرضت طيلة الفترة الممتدة من07 إلى 10 سبتمبر زادها الثقافي الإسلامي الذي تضمن معرضا للفنون التشكيلية تحت عنوان "آفاق من الأنوار " تضمن أعمال فنية يضمها المعهد الوطني الأندونيسي، إذ وعبر 25 عملا فنيا احتواه المعرض نلمس ذلك الثراء الثقافي الإسلامي في أرخبيل يضم 17 ألف جزيرة، وتلك العلاقة الروحية التي جسدتها اللوحات التشكيلية ما بين الإنسان وخالقه، ومدى تعلق مسلمي اندونيسيا بالإسلام فمن "البسملة" إلى * "الدعاء" ف"سفينة روح" و"البقرة" مرورا ب "بسم الله"وغيرها من اللوحات التشكيلية التي كانت بمثابة نافذة يطل عليها المرء لرؤية عظمة هذا الشعب الذي تمكن بالرغم من اختلاف التقاليد واللهجات من أن يتوّحد تحت راية الإسلام. ولم تكن لوحات الفنانين وحدها معبرة عن مدى تعلق المواطن الأندونيسي بالإسلام وسماحة هذا الدين، بل انعكس ذلك بما أمتعت به فرقتي صوت العدالة وستيديو 26 من أناشيد ومشاهد راقصة إيمائية، حملت عناوين مستوحاة من الالتزام الديني الذي يطبع سلوك أهل جاوا وغيرها من سكان جزر أندونيسيا تخللها الدعاء بالتكبير والتهليل على المولى القدير والصلاة والسلام على رسول الله (ص)، وهي الأناشيد التي تجاوب معها الجمهور الحاضر، كما اشتمل البرنامج على عرض للأزياء ورقصات فلكلورية، بالإضافة إلى عروض لأشرطة سينمائية تضمنت معاني ومفاهيم الثقافة الإسلامية في سلوك الشعب الاندونيسي، قبل أن تختتم هذه الأيام الثقافية لدولة "أولياء السونغوا" الذين أسسوا لحضارة وثقافة إسلامية كانت فيها أخلاقهم الكريمة الوصفة السحرية التي وضعت حدا لهيمنة الثقافة الهندوسية والبوذية. * أراء * وحيد أمين: المسؤول الثقافي والإعلامي بالسفارة الأندونيسية * تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية عنوان لاستقرار الجزائر * أود أن أقول إن تلمسان تستحق فعلا أن تكون عاصمة للثقافة الإسلامية، وذلك لما تتوفر عليه من تراث إسلامي وثراء ثقافي متنوع في شتى المجالات، وتعد هذه التظاهرة التي تحتضنها الجزائر تاريخية وفرصة سانحة أيضا للجزائر للتعريف بثقافتها الإسلامية خارج حيزها الجغرافي، كما أن أهم ما يمكن أن تنتجه هذه الفعاليات هو ذلك التقارب والتعارف ما بين المسلمين عبر معظم أقطار العالم الإسلامي، وأعتقد أن الجزائر نجحت في الوصول إلى أهدافها، فقد لعبت التظاهرة دورا كبيرا في إبراز حالة الاستقرار ومظاهر الأمن الذي تنعمان بهما الجزائر، وهذا شيء مهم جدا. * مسرور موجاب: عازف موسيقي وموظف بالسفارة الأندونيسية * السلوك الإسلامي أثر في الثقافات العالمية الأخرى * أعتقد أن هذه التظاهرة التي تحتضنها هذه المدينة المضيافة والرائعة والجميلة أيضا ساهمت كثيرا في إبراز مدى تأثير السلوك الإسلامي في الثقافات العالمية الأخرى، ومدى تغلغل الثقافة الإسلامية كسلوك حضاري في أوساط الفئات الاجتماعية، والدليل على ذلك الشعب الأندونيسي الذي تأثر كثيرا بالسلوك الإسلامي ليس فقط في جانبه الثقافي بل حتى السياسي وحتى على مستوى الخطاب، فاللغة الأندونيسية تتضمن كلمات عربية على سبيل المثال هنالك كلمات، الكرسي، الأستاذ، السلام، الصوم، وحتى الأيام نقول الأحد، اثنين، ثلاثاء، أربعاء، خميس وجمعة. * وزارة الثقافة تسطر برنامجا لعمالقة الموسيقى الأندلسية تثمينا لعطائهم الفني * النوبة...تكريم شيوخ الفن الأندلسي بجوهرة المغرب العربي * أشرفت يوم الثلاثاء الماضي الأمينة العامة لوزارة الثقافة السيدة جحرودي ليلى بمعية كل من مدير الثقافة بتلمسان السيد حكيم ميلود والمنسق العام لتظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية على افتتاح معرض "النوبة"، مؤكدة في كلمتها الافتتاحية على ما يشكله هذا الإرث الفني للموسيقى الأندلسية من أهمية في تاريخ الحضارة الإسلامية، مشيرة إلى أن الهدف من وراء تكريم شيوخ هذا الفن يعد تثمينا لعطائهم ومسارهم الفني وما خلفوه من ورائهم من تراث تتداوله الأجيال، المعرض المنظم من قبل دائرة التراث غير المادي والكوليغرافيا والذي يندرج في إطار برنامج تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية كشفت بشأنه السيدة زهية بن شيخ الحسين أنه المخصص لتكريم شيوخ الطرب الأندلسي الأصيل، الذي يعد تراث مهم في الثقافة الإسلامية، هذا الحدث الثقافي الذي يمتد من 13 سبتمبر إلى غاية 17 نوفمبر والذي سيعرف تكريم 19 شخصية فنية من كبار شيوخ الفن الأندلسي على غرار الشيخ العربي بن صاري، الحاج الغفور، أحمد سري، الشيخ صادق البجاوي، الشيخ غوتي بوعلي، مصطفى عبورة، الشيخ محمد الطاهر فرڤاني ، شيخ قدور درسوني وغيرهم من مشايخ الموسيقى الكلاسيكية، حيث تم تسطير برنامج ثري فبالإضافة إلى المعرض الكوليغرافي والذي يشتمل على عدد من الصور والوثائق الهامة وأشرطة وثائقية وعدد من الآلات الموسيقية ونبذة تاريخية عن هذا الفن الغنائي وبيلوغرافية لجميع الوجوه الفنية المكرمة، سيعرف أيضا تنظيم 9 موائد مستديرة تخصص كل مائدة لشخصيتين فنيتين، يتم تكريمهما في ختام الموائد المستديرة التي سينشطها باحثون وأساتذة مختصين في تاريخ الأغنية الموسيقية، كما يشتمل البرنامج على إحياء سهرات موسيقية أندلسية تحييها الجمعيات التي صنعت هؤلاء الشيوخ، أين سيتم ولأول مرة تأدية وصلات موسيقية لم يسبق تأديتها لعدد من المشايخ، كما تتضمن هذه الحفلات الفنية إحياء عدد من تلاميذ عمالقة الفن الكلاسيكي الجزائري سهرات فنية، حيث من بين الأسماء التي ستحيي هذه السهرات نجد كل من الفنانة المتألقة مريم بن علال وريم حقيقي وكريم بوغازي وحاج قاسم إبراهيم. * هذا، وقد شهد اليوم الأول تكريم كل من الشيخ العربي بن صاري وابنه شيخ رضوان بن صاري، حيث تم تنشيط مائدة مستديرة تطرق من خلالها السيد أمين خلفات إلى المسار الفني لكل من الشيخين، قبل أن يتم إحياء حفل فني أحيته جمعية أحباب الشيخ العربي بن صاري، وقد أعرب أحفاد الشيخ العربي بن صاري عن سعادتهم بهذا التكريم الذي كان عبارة عن شهادة شرفية وعلب تتضمن كتاب خاص بكل شيخ وتسجيلات جاءت في شكل رفيع وأنيق وذلك تثمينا للعطاء الفني لعمالقة هذا الفن. * الأسبوع الثقافي لولايات الوسط الجزائري يصنع الحدث بعاصمة الزيانيين * استعرضت كل من الجزائر العاصمة، تيبازة والبليدة المخزون الثقافي والتاريخي الذي تزخر به مناطق وسط البلاد من خلال أجنحة المعرض المشترك الذي قرب الجمهور التلمساني من خزان ثقافي وحضاري لا ينضب، بالإضافة إلى تلك الحفلات الفنية التي حملت طبوعا غنائية متنوعة من العروبي العاصمي إلى الطرب الحوزي وصولا إلى الأغنية الشعبية والأنشودة الدينية. * كانت عاصمة الزيانيين وتفعيلا لفعاليات تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية على موعد مع ما تختزنه ولايات الوسط الجزائري من كنوز ثقافية وأخرى فنية من خلال الأسبوع الثقافي الذي احتضنته دار الثقافة عبد القادر علولة، حيث كان الموعد مع تقاليد البهجة وعادات مدينة الورود وأسرار حاضنة التراث الشنوي تيبازة عبر أجندة ثقافية تضمنت برنامجا ثريا تم تسطيره من قبل المناطق المشاركة، فقد اشتملت أجنحة المعرض على الخصوصيات الثقافية التي تتميز بها ولايات الوسط الجزائري بداية من الألبسة التقليدية والأطعمة مرورا بالحرف التقليدية وغيرها من الخصوصيات الثقافية التي عكست الذوق الحضاري الذي يطبع يوميات الجزائر المحروسة عاصمة الجزائر ومسقط رأس الفنان رابح درياسة البليدة، والمدينة التي ترعرعت فيها الكاتبة آسيا جبار تيبازة، هذا الثراء التراثي تضمن أيضا استعراض الهوية التاريخية للولايات المشاركة، كما هو الحال بالنسبة لمدينة الولي الصالح عبد الرحمان الثعالبي ومدينة تيبازة التي أفردت حيزا لبعض الصور عن أهم الآثار التي تزخر بها، بالإضافة إلى التاريخ الشنوي الأمازيغي الذي كان هو الآخر حاضرا ونفس الشيء بالنسبة لمدينة الورود التي أبت إلا أن تحضر معها باقات من الورد، كانت كافية لتعريف هذه المدينة الجميلة التي أنجبت كوكبة من المبدعين، أين تم تخصيص جناح للخط العربي وغيرها من اللوحات التشكيلية الأخرى، اللباس التقليدي العاصمي الذي صنع الفرجة طيلة الأسبوع الثقافي، لم يكن الحدث الوحيد الذي جلب أنظار العائلات التلمسانية التي وجدت في الحفلات الفنية ضالتها مستمتعة بتلك الوصلات الموسيقية التي أتحف بها الجوق القيادي لتيبازة وعدد من المطربين بأغاني من التراث الحوزي منحت للحضور فرصة الرحيل إلى زمن الطرب الأندلسي الأصيل، كما صنع المطرب الشعبي عبد القادر شاعو الحدث لدى إحيائه للسهرة الختامية من الأسبوع الثقافي بأغاني شعبية تفاعل معها الجمهور الحاضر. * العرض الشرفي لمسرحية "الڤراڤوز" للمسرح الجهوي لأم البواقي * دمى الڤراڤوز تستحضر "إنسانية" ولد عبد الرحمن كاكي * احتضنت خشبة دار الثقافة بتلمسان العرض الشرفي لمسرحية "ديوان الڤراڤوز" التي أعاد إخراجها وإنتاجها ركحيا محمد دين الهناني والمسرح الجهوي لأم البواقي تكريما لفقيد المسرح الجزائري وأحد رجاله ابن مدينة مستغانم ولد عبد الرحمن كاكي. تمكن المخرج المسرحي محمد دين الهناني وإلى حد بعيد من إيصال مضمون الرسالة التي أفنى من أجلها عميد المسرح الجزائري ولد عبد الرحمن كاكي عمره من أجل إيصالها للمجتمع ومحبي أبي الفنون، لاشتغاله وتميزه بمحاولة ترجمة الواقع المعيشي الثقافي والاجتماعي عبر أعمال مسرحية غالبا ما تكون مقتبسة، كما هو الحال مع قصة "الڤراڤوز". هذا العمل الذي عرف جيدا ذات المخرج المسرحي كيف يعيد عرض الفكر المسرحي الذي تشبع به "كاكي" في محاولة منه لفهم هذا الفكر من خلال مسرحية قالت عبد الرحمان كاكي أكثر مما جاء به التصاعد الدرامي للعرض، هذا العرض الذي فضل الهناني بعثه برؤية جديدة تختلف عن تلك التي أخرجها بها سابقا، سواء من حيث الجانب السينوغرافي أو بعض التقنيات أي استغنى عن "الڤوال" واستبدله بعدد من الممثلين في عمل جماعي كان فيه * "التكامل" هو القاعدة رغم أن تلك الدمى التي وزعت أدوارها على ممثلي أم البواقي والذين أبدعوا من حيث الحضور الجسماني والحركة المعبرة الإيحائية في آداء الدور الذي أنيطوا، كانت مبتورة، أين ظهرت تلك الدمى فوق الخشبة مبتورة من إحدى أعضائها، غير أن الخطاب الخفي أو الصامت الذي أراد المخرج المسرحي محمد دين تبليغه لعشاق المسرح كان أكثر حضورا في مخيال أكثر منه ركحيا، حيث شكلت الدمى المبتورة الاستثناء أمام حضور عكس نظرة المخرج من جهة ومن جهة ثانية قرب للمشاهد إنسانية "كاكي". هذه الرؤية المسرحية التي وظفت من أجل تجسيدها وتجليها عديد التقنيات السينوغرافية التي جاءت في مقدمتها الكوليغرافية والموسيقى، عكست من جانب آخر قدرة المسرح الجزائري على تجديد نفسه وخلق التميز والإنفراد، المسرحية التي كانت في لغة الخطاب عامية لم تمنع ممثلي أم البواقي من التحاور بها قرابة ساعة ونصف عبر آداء تمثيلي رصد الحالة الإنسانية في تطور درامي شيق لقصة مقتبسة من رواية "الطائر الأخضر" تضمنت تفاصيل ملكة أنجبت طفلين وبعد عودة الملك من حرب دامت 18 سنة اكتشف أن أمه ومنذ توليها الحكم في غيابه أعطت أوامر بدفن زوجته وهي حية وقتل طفليه التوأمين، اللذان ترعرعا عند الطباخ، إلى أن اكتشفا حقيقة الأمر لتبدأ رحلة البحث عبر تضارب الأحداث التي انتهت بعودة الحياة في خاتمة سعيدة لأفراد هذه العائلة. هذا ويعد هذا العرض ضمن سلسلة من الأعمال المسرحية التي سطرت من قبل المسرح الوطني الجزائري وذلك تكريما لبعض الشخصيات التي كانت لها بصمة في تاريخ المسرح الجزائري من أمثال عبد القادر علولة، ولد عبد الرحمن كاكي، عز الدين مجبوبي وغيرهم من أعمدة المسرح الجزائري، أين كانت تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية فرصة لتكريم هؤلاء العمالقة.