تحضّر وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات لجان تحقيق إلى مستشفيات الوطن للوقوف على ظاهرة تغيب الأطباء عن دوامهم وانشغالهم بالعيادات الخاصة، بعدما تلقت مصالح بوضياف شكاوى نقص الأطباء وتغيب أغلبهم في أيام الدوام في مستشفيات كثيرة. كشفت مصادر مطلعة من الوزارة ل"السلام" استعداد وزير القطاع عبد المالك بوضياف لتنصيب لجان تحقيق يوفدها بداية السنة الداخلة إلى مستشفيات الوطن، بعد استقبال مديريات الصحة بعدد من الولايات شكاوى مواطنين تتعلق بنقص الأطباء وتغيبهم عن دوامهم، ما أدى على سبيل المثال إلى تأجيل عمليات جراحية 20 يوما، بسبب استمرار غياب الأطباء المختصين، وبمبررات تمحورت أغلبها حول أن الطبيب خارج الوطن لأسباب تتعلق بالمهنة، في وقت أوضحت المصادر ذاتها أن الوزارة لم تتلق أي إعذار بالغياب للأطباء من المستشفيات التي يعملون بها، ما فتح الباب أمام تأويلات مثل ربط غياب الأطباء عن الدوام بسبب ارتباطهم بعمل مع عيادات خاصة. وقالت مصادرنا أن الوزارة ستسلط أقسى العقوبات على الأطباء المتورطين في تجاوزات أسفرت عن تدني صحي لعشرات المرضى، تبدأ بتجميد مناصبهم بالمستشفى وعرضهم على التحقيق والمسائلة أمام لجان انضباط، وما يترتب عن ذلك ينفذ. وقال بقّاط بركاني، رئيس المجلس الوطني لمهنة الطب وعمادة الأطباء الجزائريين، ل"السلام"، "إن الظاهرة استفحلت في الآونة الأخيرة بسبب غياب المراقبة وعدم تطبيق القانون"، مؤكدا وجود قانون يمنع ويعاقب مزاولة الطبيب في القطاع العام لأي نشاط في القطاع الخاص والعكس، داعيا في الوقت ذاته مصالح عبد المالك بوضياف إلى ممارسة مزيد من الرقابة لكبح جماح مثل هذه الممارسات، ودعا المواطنين أيضا إلى لعب دورهم في مثل هذه القضايا من خلال تقديم شكاوى لمديريات الصحة. واعتبر أبوبكر محي الدين، الأمين العام للمنظمة الجزائرية لضحايا الأخطاء الطبية، في إتصال مع "السلام"، ظاهرة تخلي الأطباء عن إلتزاماتهم في المستشفيات العمومية للهروب نحو العيادات الخاصة لمآرب مادية شخصية "إحدى معالم الفساد التي تنخر القطاع الصحي في الجزائر"، وندد بغياب قانون رسمي لحد الساعة يمنع مزج الطبيب للعمل في القطاعين العام والخاص، نافيا ما قاله رئيس عمادة الأطباء في هذا الشأن، وأضاف "بعدما تحسنت رواتب الأطباء مقارنة بما كانت عليه في سنوات مضت فلم إستمرار هذا الوضع". وقال محدثنا "طالما ناضلنا مع نقابات القطاع لدفع الوزارة إلى إستحداث قانون يمنع هكذا ممارسات إلا أن مطالبنا قوبلت بالرفض والتهميش، مع وجود جهات حريصة على منع صدور مثل هذا القانون نظرا لإستفادتهم من الوضع الراهن".