عمت أمس أجواء من التوتر في كواليس وزارة الداخلية الفرنسية بسبب النداء الذي توجهت به حوالي خمسين جمعية ونقابة ومنظمة سياسية جزائرية، لتنظيم مسيرة يوم 17 أكتوبر المقبل بباريس لإحياء الذكرى الخمسين للمجازر التي قام بها البوليس الفرنسي ضد المتظاهرين الجزائريين، الذين خرجوا حينئذ للمطالبة بحق الجزائر في الإستقلال والإنعتاق من الإستعمار الفرنسي وتعبيرا عن تأييدهم المطلق لجيش التحرير الوطني وجبهته. قد دعت جمعيات الجالية إلى هذه المسيرة لمطالبة فرنسا الإستعمارية بالإعتراف بجرائمها المقترفة ضد الشعب الجزائري خلال 132 سنة من الإستعمار. إلا أن السلطات الأمنية الفرنسية بدأت في حملة واسعة لتجنيد الحركى الجدد من أجل إقناع الشباب المهاجر بعدم جدوى الخوض في مسائل تجاوزها الزمن. ستأخذ هذه المسيرة التي سيشارك فيها آلاف الجزائريين الذين تم حشدهم من قبل الجمعيات والنقابات والمنظمات السياسية الجزائريةبفرنسا، نفس المسار الذي سلكه المتظاهرون الذين خرجوا يوم 17 أكتوبر 1961 في تلك المسيرة السلمية بباريس، منددين بحضر التجول التمييزي الذي فرض عليهم دون سواهم من قبل مدير الشرطة آنذاك موريس بابون، إذ سيتم ذلك على الساعة السادسة زوالا على وجه التحديد، حيث سينطلق المتظاهرون من سينما لوراكس وصولا إلى جسر سان ميشال الذي شهد إلقاء آلاف الجزائريين من فوقه في المياه الباردة لنهر السين من قبل الشرطة الفرنسية، وسيحمل المتظاهرون لافتات عليها أسماء ضحايا تلك المجازر وكذا شعارات فحواها تذكير الدولة الفرنسية بمسؤوليتها الكاملة إزاء المجازر التي تم تجاهلها لعدة سنوات في فرنسا، وهو ما أشار إليه الموقعون الأوائل على نداء الحقيقة والعدالة والمنتمون بدورهم لتكتل 17 أكتوبر 1961. كما أكد المؤرخ جيل مانسرو، وهو نائب رئيس رابطة حقوق الإنسان أن مظاهرات 17 أكتوبر المقبل ستشكل مرحلة ستحمل بموجبها السلطات الفرنسية على الاعتراف بجريمة الدولة التي اقترفتها، حيث صرح خلال ندوة صحفية مشتركة قائلا : إذا كان هناك جهل فذلك يعود للإنكار والتعتيم من قبل الدولة الفرنسية بشأن هذه المجازر. ومن جهته ذكر المؤرخ والجامعي لوكور غرانميزون بأن السياق السياسي الذي تجري فيه هذه التعبئة قبل أشهر من رئاسيات 2012 في فرنسا، تطغى عليه حملة إعادة الاعتبار للماضي الاستعماري لفرنسا عموما والماضي الاستعماري في الجزائر خصوصا، كما أكد على وجود قاعدة سياسية وقانونية لذلك تتمثل في قانون 23 فيفري 2005 المجمد لأثار الاستعمار والطي لا يزال ساري المفعول، ضف إلى ذلك أن مؤلف كتاب دوس فرانس قال : نريد أن تعترف السلطات العليا للجمهورية بجريمة الدولة هذه ويبدو لي أنه من الضروري الطلب من المترشحين للرئاسيات اتخاذ موقف واضح وفعلي بخصوص مجازر 17 أكتوبر 1961. وتجدر الإشارة إلى أن المبادرة بمسيرة 17 أكتوبر المقبل برمجت من قبل عدد من الجمعيات منها : باسم الذاكرة والحركة المناهضة للعنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب وكذا رابطة حقوق الإنسان بالإضافة إلى جمعية 17 أكتوبر ضد النسيان. وبهذه المناسبة برمج المنضمون عرض عدد من الأفلام حول أحداث 17 أكتوبر 1961 من بينها : بخصوص أكتوبر لمهدي لعلاوي وسيتم بث الفيلم المطول بعنوان هنا يتم إغراق الجزائريين من إنجاز يسمينة عدي، وكذا فيلم تنشيطي بعنوان أكتوبر الأسود لأوريل وفلورانس كوري، كما سيرد في برنامج إحياء هذه الذكرى ملتقيات حول هذه الأحداث منها ملتقى دولي حول 17 أكتوبر 1961 '50 سنة من بعد الإعتراف الضروري.