تتعامل قوات الأمن الجزائريةوالتونسية بفعالية وجدية إزاء التهديدات التي حملها البلاغ الأخير الوارد عن المخابرات الفرنسية، والذي حذّرت فيه الأخيرة من وجود مخطط إرهابي لتنظيم الدولة الإسلامية داعش، الذي يهدف إلى اختطاف سياح أجانب بالجزائروتونس بهدف ابتزاز سلطتي البلدين وحملهما على إطلاق سراح عناصر تابعين لذات التنظيم الإرهابي، خاصة بالسجون التونسية أين يتواجد ما يزيد عن 50 إرهابيا يزعمون انتسابهم لتنظيم داعش. التحذير يعدّ الثاني من نوعه في ظرف أقل من أسبوعين، بعدما تلقت الجزائر نهاية شهر مارس الفارط تحذيرا آخر من منظمة الشرطة الدولية "أنتربول" بصفتها عضوا دائما فيه لتعزيز التدابير الأمنية عند نقاط التفتيش على الحدود. وتأخذ مصالح الأمن بكلا البلدين بعين الاعتبار كل المعلومات الواردة إليها، والتي يؤكد مختصون أمنيون أنها "لا تُبنى من الفراغ"، بحكم اطّلاع أجهزة مخابرات أوروبية على الوضع في منطقة الساحل. كما جاءت تحذيرات المخابرات الفرنسية بعد التحرّيات التي قام بها محققون مع عدد من العناصر الإرهابية الموقوفة في دول غربية، في إطار سلسلة التوقيفات التي أعقبت هجومات باريس وتفجيرات بروكسل.. كما أشرف مؤخرا محققون غربيون على التحقيق مع الإرهابي المكنى بأبي تراب الأندلسي من جنسية أوروبية، أحد قادة تنظيم داعش في صحراء منطقة بن ڤردان على الحدود التونسية الليبية.. والذي تمّ توقيفه من قبل قوات الأمن التونسي، وكانت المعلومات التي أدلى بها الإرهابي المذكور مادة دسمة لمحققين من دول أوروبية تربطها مع تونس اتفاقيات تعاون أمني وقضائي. ويحتمل أن المخابرات الفرنسية بنت تحذيراتها الموجّهة للجزائر وتونس على خُطط كشف عنها ذات الإرهابي. تعزيزات أمنية لمنع أي تسلّل أو تنشيط خلايا إرهابية نائمة ويكون طريق إرهابيي تنظيم داعش لتنفيذ مخطّطهم في الجزائر خطيرا في حال فكّروا في التسلّل أو اختراق الحاجز الأمني المشترك بين قوات الجيش والدرك الوطني على الحدود الجزائرية الليبية، بعدما تحوّلت الأخيرة إلى مناطق مغلقة يشرف على تأمينها أزيد من 50 ألف عسكري ودركي يعملون على المراقبة الأمنية بمعدات متطورة، إضافة إلى الطلعات الجوية مع التدقيق في كل الحالات التي تدخل الجزائر من ليبيا لدواعٍ إنسانية. الشأن نفسه على الحدود الشرقية مع تونس، أين يرابط 15 ألف عسكري موزعين على 19 كتيبة على طول 800 كيلومتر على الحدود الشرقية مع تونس، حيث تعرف الأوضاع الأمنية هناك نوعا من الاستقرار بفضل التعاون الأمني بين الجزائروتونس، وهو ما يحول دون أي عملية تسلّل من أجل تنفيذ اعتداء إرهابي. وبغض النظر عن صحّة التهديدات التي تحدثت عنها المخابرات الفرنسية، رجّح مصدر أمني في حال حدوث عمليات إرهابية استعراضية، أن تكون تحت إشراف خلايا نائمة للتنظيم الإرهابي داعش في الجزائر، على غرار ما حدث في قضية اختطاف الرعية الفرنسي بيار هيرفيه غورديل، فضلا عن محاولة مجموعة إرهابية يستبعد تسلّلها عبر الحدود الشهر الفارط الهجوم على المنشأة الغازية الواقعة في منطقة خريشبة على بعد 200 كيلومتر بعين صالح،حيث تمّ استهداف قاعدة نفطية تابعة للشركة البريطانية "بريتيش بتروليوم" بثلاث قذائف تمهيدا للاستيلاء عليها.. غير أن تدخل عناصر قوات الجيش الوطني الشعبي أحبط المحاولة. ولكن ورغم فشل العملية وعدم تسجيل أي خسائر، إلا أن شركة "بريتش بتروليوم" أعلنت في ال21 مارس عن سحب جميع موظفيها من محطتي عين صالح وإين أميناس. كما أعلنت شركة النفط والغاز النرويجية "شتات أويل" التي تشغل المنشأتين بالشراكة مع "بي.بي"، عن خطط لتخفيض عدد موظفيها. ويرى متتبعون للوضع الأمني، أن إجراءات سحب العمال الأجانب من قبل الشركتين المذكورتين واللتين وصفتا ب"الاحتزارية"، يحتمل أنها مبنية على تقارير أمنية صادرة عن دولهم تفيد بوجود مخططات إرهابية تستهدف العمال الأجانب. التهديد بخطف السياح ليس بالشيء الجديد في تونس، حيث سبق لأمريكا أن حذّرت مواطنيها من مخاطر السفر إلى تونس، وأوصت المقيمين منهم باتخاذ أعلى درجات اليقظة والحذر.. وذلك بسبب الهجمات الإرهابية في باردو وسوسة. كما دعت بريطانيا مواطنيها إلى مغادرة التراب التونسي منذ الهجوم على نزل "الإمبريال مرحبا" بمرسى القنطاوي بسوسة يوم 26 جوان الماضي، والذي أودى بحياة 38 سائحا أجنبيا. هذا وأبدت السلطات التونسية التزامها بمعالجة المخاوف الأمنية ورفعت من إجراءات الحماية في الأماكن السياحية. أهدافها تختلف عن تنظيم "القاعدة" "داعش" تختطف الأجانب لمقايضتهم بعناصر إرهابية يستغل إرهابيو تنظيم داعش الرعايا الأجانب كورقة ضغط لضمان الإفراج عن عناصر وقادة مهمين في ذات التنظيم الإرهابي، رغم أن أغلب المفاوضات باءت بالفشل، حيث تفاوض مؤخرا التنظيم الإرهابي مع وسطاء للإفراج عن رهينتين نمساوي وتشيكي احتجزهما الإرهاب في مدينة سرت الليبية منذ سنة 2015، غير أن المفاوضات لم تأتِ بنتيجة.. فيما أكدت مصادر إعلامية أن التشيك والنمسا عرضتا على التنظيم الإرهابي "داعش" مبلغ 500 ألف أورو، ولكن لم يرض الإرهابيون بذلك وقرّروا تعليق التفاوض إلى إشعار آخر. وتختلف دوافع اختطاف الرعايا الأجانب من قبل تنظيم "داعش" عمّا هي عليه في التنظيم الإرهابي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، والذي كان يستغل الرعايا المخطوفين كرهائن بهدف إجبار بلدانهم على دفع الفدية، على غرار حادثة اختطاف الرعايا الألمان في الصحراء الجزائرية سنة 2003. خطّة أمنية محكمة لحماية السياح وعمال المنشآت النفطية اختطاف الرعايا الأجانب مخطط إرهابي صعب التنفيذ بالجزائر اكتسبت القوات الأمنية الجزائرية خبرة كبيرة منذ حادثة تڤنتورين في جانفي من سنة 2016 أعقبتها درجة من التأهّب وسط قوات الجيش والدرك لحماية المنشآت النفطية والغازية وتأمين عمالها. كما تمت إعادة النظر في الإجراءات الأمنية من قبل وزارتي الداخلية والدفاع بالتنسيق مع قادة النواحي العسكرية، خاصة بعد قضية خطف وإعدام الرعية الفرنسي بيار هيرفيه غورديل على أيدي عناصر ينسبون أنفسهم ل"داعش". ومن بين الإجراءات المتخذة، تقديم تعليمات واضحة للرعايا الأجانب بالجزائر لمنع تنقلهم إلى بعض المناطق المنعزلة والقريبة من الشريط الحدودي مع ليبيا ومالي، والتي تزداد فيها درجة الخطورة ويصعب تأمينهم فيها، وأخرى على مستوى الشريط الحدودي الشرقي، وهو ما يجعل كل سيارة تدخل تلك المناطق مشبوهة ويجب ملاحقتها والتأكد من هوية راكبيها. كما تمّ وضع بعض المناطق في القائمة الحمراء على مستوى الناحية العسكرية الأولى في كل من تيزي وزو، البويرة، بومرداس وبجاية.. وبالناحية العسكرية الخامسة، على غرار سكيكدة وجيجل. وفي نفس السياق، ألزمت مصالح الأمن الجزائري الشركات النشطة في السياحة الصحراوية، تقديم قوائم تضم العمال الأجانب وحتى الأسماء الكاملة للسياح وبرنامج تنقلاتهم. كما تمّ وضع مواقع إقامة الأجانب في الجزائر ومقرات الشركات الأجنبية، وكل الأماكن التي يكثر فيها تردد الرعايا الأجانب في الجزائر، خاصة الجنوبية منها لرقابة أمنية مشدّدة من خلال تكثيف الدوريات وعمليات التفتيش. الخطة الأمنية المتبعة منذ سنة 2013، حالت في فيفري من السنة الفارطة، دون تكرار سيناريو اختطاف الرعايا الألمان على يد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، حيث أحبطت مصالح الجيش مخطّط اختطاف رعايا أجانب جنوب البلاد لصالح تنظيم تطرف ليبي موالٍ لتنظيم الدولة الإسلامية داعش، وكلّلت العملية بالقضاء على أربعة إرهابيين وتوقيف آ