تحتدم الصراعات السياسية والانشقاقات الداخلية في قلب منتدى رؤساء المؤسسات "الأفسيو"، وبلغت أعلى المستويات، خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية التي من شأنها أن تقلب موازين أكبر تجمع لرجال الأعمال بالجزائر، وتؤثر على سمعته، في ظل ارتفاع حدة التوتر بين المنضوين تحت لوائه لاختلاف انتماءاتهم الحزبية. أفادت مصادر جد مطلعة ل"السلام"، أن معالم تغييرات عميقة في إمبراطورية حداد بدأت تلوح في الأفق، وأن رجال الأعمال التابعين لهيئته يعيشون ولعا سياسيا كبيرا، وأن دورهم لم يقتصر على تمويل الأحزاب فقط، بل تعدها لتصدر القوائم الانتخابية في أكبر الأحزاب الوطنية الناشطة بالساحة السياسية، رغم أن حداد حذرهم في وقت سابق أنه ليس مسموحا لهم الاقتراب من الشأن السياسي عموما، والانتخابات خصوصا، غير أن هذا الهجوم الشرس لرجال الأعمال على الانتخابات وبهذا الشكل "المفاجئ" أخلط أوراق حداد، وأثار حفيظته لأن هذا سيخدم أجندات حزبية على حساب أخرى، مما سيجعل بيت "الأفسيو" يعيش سياسة "الشد والجذب" وتزاوج المال بالسياسة، وهذا ما يتخوف منه علي حداد بأن لا يستطيع السيطرة على زمام الأمور. كما أضافت نفس المصادر، أن الصراع الخفي بأكبر تجمع لرجال الأعمال في البلاد، سيظهر للعلن شهر فيفري المقبل، فحرارة المواجهات والخصومات والصراعات السياسية بين رجال الأعمال على أشدها، مما تسبب في ظهور تكتلات حزبية، فكل تكتل يمثل تشكيلة سياسية تسعى لخدمة مصالحها، ومما يلاحظ أن حزبي "الأفلان" و"الأرندي" يمثلان الأغلبية، إضافة إلى أحزاب العمال، "الأرسيدي"، "الأفافاس" بدرجة أقل، ...الخ، وكل واحد منهم يحاول اقتناص الفرص لتزكية موقعه بالمنتدى، والتضييق على التكتلات الأخرى وبالتالي خدمة الحزب الذي ينتمي إليه، فاقتراب الموعد الانتخابي جعل رجال أعمال الأفسيو يغزون الأحزاب السياسية، إما عن طريق الترشح أو تمويل هذه الأحزاب، وفي خضم الجدل الدائر حاليا حول كيفية ولوج الاستحقاقات، تظهر تخوفات علي حداد الذي استشعر صعوبة هذه المرحلة وما سيكون عليه موقعه والتغيير الذي سوف يمس هيئته وزنا وموقعا، بعد جولات الصراع التي تدور في بيته. وبخصوص علي حداد، أبرزت مصادرنا وجود تقارب علني بينه وبين الأمين العام ل "الأرندي" أحمد أويحيى، حيث لم يتردد هذا الأخير في التعبير عن تأييده ومساندته لرئيس "الأفسيو"، بعد ما حدث في المنتدى الإفريقي للاستثمار بالجزائر. ويراهن أويحيى في استغلال النفوذ المتنامي للمقاولين وأصحاب المؤسسات في عدد من الولايات من أجل استقطابهم للترشح في قوائمه أو ترشيح مقربين منهم في حال رفض هؤلاء الترشح لعضوية البرلمان القادم، مثلما فعل في التشريعيات الماضية في ماي 2012، عندما رشح رجال أعمال في قوائم الحزب في بعض الولايات كميلة وقسنطينة والمسيلة، واستفاد من دعمهم في ولايات أخرى مثل الجلفة ووهران والمدية وغيرها. وعلى الرغم من أن علي حداد أي نية لتنظيمه في ترشيح رجاله ضمن قوائم الأرندي أو قوائم أي حزب آخر، ويصر على أن رجال "الأفسيو" أحرار في العمل السياسي، إلا أن المعلومات الواردة من بيت أكبر تجمع للباترونا تثبت العكس.