لم يمر إقصاء المنتخب الأولمبي من التصفيات المؤهلة لبلوغ الألعاب الأولمبية مرور الكرام على الشعب الجزائري هذه المرة، سيما وأن كل الآمال كانت معلقة على رفاق القائد شعلالي لقيادة الجزائر للعودة للمشاركة في الأولمبياد بعد أكثر من عقدين عن آخر مشاركة، والأمر الذي زاد من حدة تفاؤل الجميع هو المشوار الرائع لأشبال آيت جودي في الأدوار السابقة إضافة إلى المردود الجيد في الدورات والمباريات الودية التي سبقت إجراء الدور التصفوي النهائي بالمغرب. وهو الإقصاء الذي اعتبره العديد من متتبعي شؤون كرة القدم في الجزائر تحصيل حاصل لعوامل عديدة مشتركة بخرت حلم المشاركة في أولمبياد لندن، على أمل استخلاص الدروس بعدما سئم الجميع الحجج الواهية والاعتذارات القبيحة بعد كل فشل انهيار نفسي حير الجميع لم يفهم الجميع سبب الانهيار البسيكولوجي المفاجئ لعناصر المنتخب الوطني بالرغم من تقدمهم في النتيجة ودخولهم القوي في الشوط الثاني أمام نيجيريا، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على ضعف شخصية اللاعب الجزائري بسبب سياسة التكوين العرجاء المتبعة في الفئات الصغرى لنوادينا المحلية، فالجميع يعلم مستوى المدربين الذي يشرفون على هذه الفئات والذين يعينون ب"المعريفة"، أو أن يقوم رؤساء النوادي بتعيين لاعبين سابقين في صفوف النادي من أجل إدخالهم في صف الإدارة وإبعادهم عن المعارضة. وفي أحسن الأحوال نرى مدربين بشهادات خاصة بتدريب الأكابر فقط بحيث لم نسمع من قبل بوجود مدربين حاملين لشهادات خاصة بتدريب الفئات الصغرى مثلما تقوم به الأمم المتقدمة، وسبق وأن تحدثنا في هذا الموضوع في وقت سابق مع مساعد المدرب الوطني نور الدين قريشي والذي أكد لنا على أن مشروعه رفقة حاليلوزيتش متوقف على تكوين جيد ومدروس للمدربين الحاليين للفئات الصغرى خاصة من ناحية العمل البسيكولوجي والتعامل مع هذه الفئة العمرية الهشة والتي تتطلب تعاملا من نوع خاص. الإعلام ضخّم لاعبي المنتخب وحولهم إلى نجوم في ثوب الهواة وإلى جانب غياب ثقافة التحضير النفسي لدى لاعبيين، فإن من بين أبرز الأسباب التي عجلت بخروج أشبال آيت جودي من سباق التأهل إلى أولمبياد لندن، هو الدور السلبي الذي لعبه الإعلام، سيما من بعض الجهات التي استثمرت جيدا في النتائج الإيجابية التي حققها رفاق شعلالي في المباريات والدورات الودية، وحولت معظم لاعبي المنتخب إلى نجوم في ظرف وجيز وفي وقت جد مبكر، في الوقت الذي يضم المنتخب الأولمبي أسماء شابة والبعض منها بصدد خوض تجربتها الأولى في القسم الأول. وهذا ما أدى إلى انعدام الانضباط التكتيكي في الدورة التصفوية الأخيرة وهو ما تجلى من خلال تغليب اللعب الفردي والاستعراضي على اللعب الجماعي ومصلحة المنتخب الذي دفع الثمن غاليا. آيت جودي لم يحسن انتقاء بعض اللاعبين بالرغم من أن الناخب الوطني آيت جودي قام بعمل كبير على رأس المنتخب الأولمبي، والدليل هو مروره بسهولة إلى الدور التصفوي الأخير، إلا أن إبعاده لبعض العناصر التي كانت أساسية في وقت سابق طرح تساؤلات عديدة. فعلى سبيل المثال إبعاد الهداف مصفار والتنقل بمهاجمين أقل منه مستوى جعلنا نطرح العديد من التساؤلات، إضافة إلى إبعاد القلب النابض لفريق مولودية العلمة والمنتخب العسكري إسماعيل بن طيب، والذي أكد بشأنه مزيان ايغيل عندما كان يشرف عليه في فريق جمعية الشلف بأنه لو كان يعلم بأن لبن طيب إمكانات هائلة في وسط الميدان لقام بوضع زاوش وعبد السلام معا على دكة الاحتياط ووضعه بمفرده في الاسترجاع، بالنظر إلى العمل الكبير الذي يقوم به في منصبه، وتساؤلنا هذا يعود إلى النقص الفادح الذي لاحظه الجميع في وسط الميدان في المباريات الثلاثة، بالرغم من المجهودات التي بذلها المحترف في نادي نيوكاستل الإنجليزي مهدي عبيد لكنها لم تكن كافية، كما تساءل العديد عن الأسباب التي جعلت آيت جودي يقرر الاستغناء عن مهاجم شباب بلوزداد خرباش الذي يتألق من مباراة إلى آخرى، وهذا فضلا عن تفضيل الناخب الوطني للأولمبيين الاعتماد على الحارس توفيق معزوزي الذي تراجع مستواه كثيرا منذ انضمامه إلى وداد تلمسان، كما لم نفهم سبب عدم اتصال آيت جودي بمدافع نادي رامس عيسى ماندي والذي كان قد عبر عدة مرات عن استعداده لحمل ألوان المنتخب الوطني، وهذا بعد أن كان الدفاع غائبا على الجهة اليمنى والتي تلقينا منها أغلب أهداف هذه الدورة. وجود حاليلوزيتش في المغرب شكل ضغطا إضافيا ولا يختلف اثنان في أن وجود حاليلوزيتش في المغرب رفقة التشكيلة الوطنية شكل ضغطا إضافيا على اللاعبين، وخاصة المدرب آيت جودي، بحيث لم يهضم عز الدين وجود حاليلوزيتش رفقة التشكيلة الوطنية والتنقل معها في طائرة واحدة واعتبره تدخلا في مهامه، وحتى وإن لم يقم حاليلوزيتش بأي تدخل مباشر إلا أنه لا يوجد أي مدرب على وجه الأرض يقبل بتواجد مدرب ثانٍ رفقة التشكيلة خاصة وأن الأمر يتعلق بمدرب منتخب الأكابر، الذي كثر حوله الكلام عن إمكانية قيامه بالإشراف على رأس العارضة التقنية للمنتخب الأولمبي في حال تأهله إلى لندن، وهذا بعد تصريح البوسني على أن روراوة عرض عليه نفس الفكرة قبل نهائيات كأس العالم الأخيرة بجنوب إفريقيا. كما شكل وجود وحيد حاليلوزيتش ضغطا كبيرا على اللاعبين الذين أرادوا أن يلفتوا أنظاره بأي شكل من الإشكال من أجل الظفر بدعوة إلى صفوف المنتخب الأول. الانضباط لم يكن مثاليا وآيت جودي فشل في فرض صرامته لا شك أن الجميع مازال يحتفظ بالطريقة التي أبعد بها المدرب وحيد حاليلوزيتش نجم المنتخب رياض بودبوز، إضافة إلى معاقبته لجميع من يصل متأخرا إلى تربصات المنتخب، والتي أراد من خلالها إيصال فكرة أنه لن يتلاعب بأمور الانضباط مهما كان وزن اللاعب، وهو الأمر الذي لاحظه الجميع في حامل لقب بطولة الموسم الماضي أولمبي الشلف بعد النظام العسكري إن صح التعبير الذي فرضه المدرب مزيان إيغيل، إلا أن الجميع يكون قد لاحظ خلال دورة طنجة أن آيت جودي فشل في فرض الانضباط داخل المجموعة ولم يكن صارما في تعامله مع اللاعبين، بدليل التصرف الذي بدر من شعلالي برمي شارة القائد أرضا بعد استبداله، وقيام حمرون بلقطة غير أخلاقية مع الحارس المغربي حيث قام بإنزال تبانه أمام مرمى الجميع في لقطة تؤكد التسيب الحاصل في صفوف المنتخب الوطني، إضافة إلى دخول سعيود مباشرة إلى غرف حفظ الملابس بعد استبداله في مباراة نيجيريا في وقت كان من المفروض أن يجلس على كرسي الاحتياط، وهو الأمر الذي جعلنا نتأكد من أنه من الضروري القيام بفرض انضباط عسكري على اللاعب الجزائري من أجل أن يتحسن مردوده وانضباطه التكتيكي فوق الملعب. "الفاف" لم تقم بعملها لإقناع المحترفين بتدعيم المنتخب وقد لاحظ جميع المتتبعين بأنه لولا وجود المحترف في صفوف نيوكاستل الإنجليزي مهدي عبيد لكانت النتائج كارثية في المباريات الثلاث، والدليل هو انهيار المنتخب بعد خروج مهدي بالبطاقة الحمراء في مباراة نيجيريا، إلا أن الشيء الذي لا يعلمه الجميع هو أن استقدام مهدي عبيد إلى صفوف المنتخب كان بعد معاناة كبيرة من طرف اللاعب بسبب تماطل الفاف في تسوية وضعيته قبل أن يقدم آيت جودي بالاتصال شخصيا باللاعب، وكان اللاعب قبل ذلك قد نال موافقة فريقه نيوكاستل لتسريحه في التربصات والدورات الودية والرسمية وهو ما قام به اللاعب بنفسه وتمكن من ذلك بشق الأنفس، والأدهى من كل هذا أن عبدي حظي بمساعدة الصحفيين لاستخراج جواز سفره بقنصلية فيتري سير سان الواقعة جنوب العاصمة الفرنسية باريس من أجل المشاركة في تربص سيدي موسى، وهذا من دون تدخل الفيدرالية الجزائرية التي بقيت واقفة تتفرج على اللاعب وأصدقائه الصحفيين وهم يسابقون الزمن من أجل اتمام جميع الإجراءات، نفس الأمر كان سيحصل مع المدافع القوي لنادي رامس عيسى ماندي الذي كان مستعدا من أجل القيام بنفس الشيء مع ناديه ومع القنصلية الجزائرية بباريس من أجل الانضمام إلى المنتخب الاألمبي، إلا أنه لم يجد أدني التفاتة من طرف مسؤولي الفيدرالية الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء الاتصال به من أجل معرفة إمكانية تدعيم المنتخب من عدمه.