بتغير الفصول وعند دخول فصل الشتاء تحديدا تحدث جملة من التغيرات المناخية التي من شأنها إحداث بعض التغيرات المزاجية على الأفراد ما يجعل البعض منهم يشتكي نوعا من الكآبة الموسمية التي يربطونها تحديدا بفصل الشتاء في حين يؤكد المختصون تداخل جملة من العوامل في حدوث الكآبة النفسية. يختلف الأفراد من حيث تفضيلهم لفصول السنة ويؤكدون أنهم يكونون أكثر راحة في أحدها دون الآخر وينعكس تغيرها على نفسية العديد منهم, تقول آمال: «أنا أفضل فصل الصيف وأجد نفسي جد مرتاحة فيه, خاصة وأنه فصل الراحة والاستجمام», رغم الحرارة التي تميز الصيف, إلا أن ذلك لا يمنع من أن يكون الفصل المفضل للكثيرين, تقول نهاد: «أحب كثيرا فصل الصيف وبمجرد دخول فصل الشتاء أشعر بنوع من الكآبة التي لا تفارقني لدرجة تجدني أرفض الخروج كثيرا من البيت, كما أهمل كثيرا مظهري الخارجي». وعلى العكس تماما, يفضل آخرون فصل الشتاء, تقول نادية: «بالنسبة إلي أفضل فصل الشتاء, لأنني أرى أنه أكثر هدوءا من فصل الصيف, في حين يمر هذا الأخير بسرعة ويكون الجو مكتظا أينما توجهنا», وهو نفس الرأي بالنسبة لنور الدين الذي يقول: «أفضل فصل الشتاء, لأن الصيف حار وشدة التعرق فيه تجعلك تشمئز من نفسك, لذا فالشتاء أفضل بالنسبة إلي وأشعر خلاله براحة نفسية لا تخترقها تلك الأمطار أو حتى موجات البرد». أما سعاد فتؤكد أنها لا تشعر بتقلبات مزاجية خلال فصل الشتاء, خاصة أنها ولدت في هذا الفصل تحديدا, ولكنها تفضل فصل الربيع, أما عن التقلبات المزاجية عند سعاد فهي لا ترتبط بتغير فصول السنة, إلا أنها أكدت أن رؤيتها للغيوم التي تغطي السماء في المساء تسبب لها نوعا من الحزن تجهل سببه وهذا ما يدفعها أحيانا إلى إغلاق النافذة. إن تغيرات المزاج في فصل الشتاء التي تصيب بعض الأشخاص هي من أنواع الكآبة الموسمية المعروفة, فهناك من يتغير مزاجه بتغير الطقس فتجده ينقلب للأسوأ خلال فصل الشتاء, لكونه لا يستطيع الخروج أو ممارسة بعض النشاطات التي تعود عليها مما يخلق له ضغطا نفسيا كبيرا يؤثر على مزاجه ومن ثم على سلوكاته التي قد تظهر في شكل نوبات غضب. وعن هذا الاكتئاب الموسمي, تقول أم إكرام أستاذة في التعليم الابتدائي وأخصائية نفسية أن هذا النوع من الاكتئاب يتركز عادة في المناطق الباردة من دول أوربا وأمريكا وخاصة المناطق الجليدية, وتعد النساء من أكثر الفئات إصابة بالاكتئاب الموسمي وهو يأخذ صورا مختلفة عن أشكال الاكتئاب الأخرى, وعادة هذا الاكتئاب حسب ما أفادت به محدثتنا يبدأ من شهر أكتوبر إلى نهاية شهر مارس تقريبا, وتضيف في شرحها لحالات الاكتئاب تلك أنها غالبا ما تظهر عند بعض الأفراد بصورة إرهاق كبير وعدم الرغبة في العمل أو الدراسة وهناك من يميل كثيرا إلى النوم خلال فصل الشتاء ومنهم من يفضل الانطواء في هذا الفصل فتجده يرفض الحديث مع الناس, هذا وتضيف أن هناك بعض الأشخاص يؤثر تغير الجو في رغبتهم الجنسية, إذ تزيد في فصل معين وتتناقص في الآخر وذلك يعود إلى المزاج الشخصي. الكآبة عموما لا ترتبط فقط بتغيرات الفصول وما يجب أن نعلمه هو أن تقلبات المزاج وحصول الكآبة خلال فصل معين قد لا يعود بالضرورة إلى التغيرات المناخية التي تصاحب ذلك الفصل ولا تكون لها علاقة مباشرة بقدر تأثير بعض الحالات والمواقف والمشاكل المختلفة التي يتعرض لها الفرد خلال حياته اليومية. وتجدر الإشارة أن الكآبة على اختلاف أسبابها قد تكون وراثية, حيث تشير أم إكرام إلى أن هناك بعض الدراسات التي تثبت أن المقربين من المصابين بالكآبة تزداد عندهم هذه الأخيرة أكثر من غيرهم وتقل عند من هم بعيدين بالقربى من المصاب بحالات الاكتئاب, وليس كل الناس يصابون بالكآبة في فصل الشتاء, وإنما هناك بعض الأفراد من يعانون خللا فيزيولوجيا في النواقل العصبية والذي قد يؤدي عند البعض إلى الاكتئاب الدوري, أين يكون فيه بعض الأفراد حزينين للغاية إلى درجة أنه يوجد منهم من يفكر في الانتحار, لأن النواقل العصبية لها دور كبير جدا في إحداث حالات الاكتئاب المختلفة بسبب احتمال وجود خلل في الأحماض المفرزة من تلك النواقل. المخدرات أحد أسباب الكآبة عادة ما تزداد حالات الاكتئاب عند متعاطي المخدرات ومستهلكي المواد المنشطة, فهؤلاء قد يعتبرونها علاجا يخرجهم من حالة الاكتئاب التي تعتريهم ليسبحوا بذلك في فضاء السعادة, ولكن في الحقيقة أن المخدرات ترتبط في حد ذاتها بالاكتئاب وهذا ما يشعر به كل مدمن بعد زوال تأثير تلك المخدرات, هذا وتزداد حالات الكآبة عند المرضى لاسيما المصابين منهم بالأمراض المستعصية أو التي يستحيل علاجها, علاوة على أن تناول بعض الأدوية من مسكنات الآلام وموانع الحمل بالنسبة للمرأة ما تؤدي إلى إصابتها بنوع من الاكتئاب. إن العوامل النفسية والاجتماعية المختلفة الناتجة عن تلك الأحداث الحياتية الأسرية والعملية وما تفرزه من ضغوطات نفسية سيئة تشكل أبزر عوامل الاكتئاب عموما وعادة ما يكون هذا الأخير بدوره أحد أسباب ظهور الأمراض الفيزيولوجية, فالاكتئاب في الحقيقة هو أنواع, ولكل نوع مساحة تأثير معينة, وعلى العموم فالاكتئاب النفسي بصورة عامة ليس له أسباب مباشرة, كما لا يمكن معرفة كل العوامل التي قد تزيد من حدته واستمراريته حسب ما تؤكده الأخصائية النفسية. إن الكآبة الموسمية ليست بالمشكل الخطير الذي قد يثير القلق والخوف, لأنه نادر ولا يتحول إلى كآبة يومية أو أي مرض نفسي آخر, لذا ينصح هؤلاء بتغيير نمط حياتهم.