بعد سنة من الإنتظار، سيتمكن عشاق الدمى وعالم الڤراڤوز من الجزائريين من التجول مرة أخرى في أروقة الصالون الثاني للدمى، الذي يعقد في ديوان رياض الفتح بالعاصمة الجزائرية من 18 إلى 22 ديسمبر الجاري. وقد جاءت التظاهرة بالتزامن مع العطلة الشتوية للمتمدرسين، ليفتح المجال أمام أكبر شريحة من جمهور هذه العروض الفنية للتمتع والاكتشاف من جديد، كما سيكون فرصة أيضا للهواة والمحترفين معا، لتبادل الرؤى والآراء حول واقع ومستقبل هذا النشاط في الجزائر. طالب الفنان بن شميسة قادة ومؤسس مسرح الديك لمدينة سيدي بلعباس، بضرورة إنشاء هيئة وطنية تختص بمرافقة الهواة ومساعدتهم في شق طريقهم نحو الإحتراف والخروج من الدائرة الضيقة التي لا تزال تقبع فيها الأعمال المسرحية للڤراڤوز، والتي لا تزال رهينة المسرحيات الموجهة للأطفال. وأشار بن شميسة إلى ضرورة تشجيع هذا النوع من الفنون التي لا تقتصر على حمل التراث في تفاصيل السنة والدمى الممثلة، ولا في صقل مواهب المسرحيين الذين يؤدون أدوارهم من وراء الستار، بل وتعنتي أيضا بإيصال رسائل هادفة تستطيع بحسب بن شميسة أن تؤثر في الكبار كما تجذب صغار السن. واستشهد بن شميسة بالرواج الكبير الذي تحظى به حصص”الڤينيول الفرنسية”، التي تتناول مواضيع الساعة لاسيما منها السياسية، مشيرا إلى أن بدايات الڤراڤوز الجزائري كانت تتناول الأوضاع المزرية إبان الاحتلال الفرنسي، وهو ما دفع هذا الأخير إلى منعها بالنظر إلى الرواج الذي حظيت به لدى الجزائريين آنذاك. “هذا المجال مهم وملهم وخصب”، بهذه الكلمات وصف مولود الشاب المسرحي القادم من مدينة بجاية مسرح العرائس، وأضاف “هو ما أسعى الترويج له هنا” فالأمر مثير بحسبه ويجب العمل عليه بطريقة جادة ومحترفة من أجل أن يحظى بفرصة حقيقة للظهور مجددا، في خضم الأنواع الثقافية الجديدة والمتنوعة للترفيه والتثقيف. وأوضح مولود ذو 22 ربيعا أن المسرح لا يحظى بنفس الرواج الذي تتمتع بها أصناف أخرى من العروض الفنية لا سيما الحديثة منها إلا أن الأمر يستحق العناء، وقال كذلك: “لم أكن أهتم بالأمر في البداية إلى أن اقتسمت تجارب العاملين في المجال، وهو جعلني شغوفا بهذا النوع، وأنا متواجد هنا لأتعلم طرق تسيير الدمى وتحريكها، وسأعمل على نقل تجربتي إلى زملائي في مسرح بجاية”. وتهدف هذه الطبعة التي عرفت ارتفاعا في عدد المشاركين، إلى تشجيع الشباب الجزائريين على ولوج هذا الميدان الخصب من رسامين وفنانين ومصممي دمى، بالإضافة إلى أصحاب الحرف من الخياطين والنحاتين، وأشارت السيدة نوار حورية المكلفة بالإعلام على مستوى الصالون، إلى أن مديريات الشباب والرياضة على المستوى الوطني ستعمل على إنشاء ورشات للمهتمين بهذا النوع من النشاطات، من أجل توفير جو ملائم للمبدعين من أجل العمل على حماية الموروث الثقافي لكل منطقة. والمتاحف شاركت بدورها لأول مرة عارضة أهم اللوحات الإستعراضية وأبرز أنواع الدمى العالمية، في محاولة لاستقطاب جمهور أوسع والتعريف بهذا الفن العريق، وهو ما تعكف عليه السيدة وافي سامية دليل بمتحف الطفل، حيث تستعرض لكل زائر ثراء المجموعات التي تتوافر في المتحف، وكذا تنوع الحضارات التي تعكسها هذه الدمى التي توصف حقبا مميزة في تاريخ البشرية.في إحدى أركان المعرض، وجدنا شابين من تبسة يعكفان على إتمام لوحة تاريخية للمنطقة، بعدما نجحا في ربطها بأحد الأجهزة السمعية التي تروي تاريخ المنطقة ومميزاتها، التي تتجلى في تضاريس ودمى مشخصة لسكان الهضاب الشرقي للجزائر، الشابان يخوضان التجربة لأول مرة إلا أنهما أبدعا كنحاتين في امتحانهما الأول من حيث التدقيق في التفاصيل والفكرة المتكاملة التي جاءا بها بعد عمل جماعي من شباب تبسة. الفكرة ألهمت الشابين اللذين يعملان في نحت ورسم لوحات تذكارية تروج بالدرجة الأولى في إطار التنشيط السياحي للمنطقة، وهما يسعيان الآن إلى بلورة فكرة إنتاج دمية جزائرية لتسويقها في أوساط السياح.