قررت الحكومة "مبدئيا" تجميد ملف مافيا نهب العقار، على إعتبار أنّه "مُلغّم" وفتحه الذي سيطيح لا محالة بمسؤولين بارزين ونافذين يحتاج إلى حسابات سياسية وإجراءات تمهيدية على عدة أصعدة. كشفت مصادر جدّ مُطلعة من محيط مقر ولاية البليدة ل "السلام"، نقلا عن مسؤولين بوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، إتجاه الحكومة نحو تجميد ملف مافيا نهب العقار وربما حذفه تماما من قائمة الملفات "الشائكة" المُبرمج فتحها قصد معالجتها، مرجعة ذلك إلى التهديدات التي قد تواجهها شخصيات ومسؤولين حاليين وسابقين نافذين في البلاد بمُجرد التعاطي في حيثيات هذه القضية، وهو ما سيؤدي إلى تفجير قنبلة قوية ذات مفعولين سياسي وإجتماعي، البلاد في غنى عن تداعياتها المجهولة العواقب في هذه المرحلة بالذات. في السياق ذاته أبرزت مصادرنا التي تحفظت الكشف عن أسمائها، أنّه تقرّر مُنتصف شهر جويلية المنصرم وتمهيدا لإجهاض هذا الملف،إلغاء الإجتماع الذي كان من المقرر أن يجمع شهر أوت الماضي وفقا لما إنفردت بنشره "السلام" نور الدين بدوي، وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، بولاة الجمهورية، وبعدهم القائمين على مديريات أملاك الدولة عبر الوطن، من أجل بحث أسباب إستفحال الظاهرة (نهب العقار) وإرتفاع وتيرة نشاط شبكات مافيوية سلبت مئات الهكتارات من أصحابها الشرعيين بطرق ملتوية في عديد الولايات. يحدث هذا في وقت أكدّ وزراء تعاقبوا على الحكومات الثلاث الأخيرة حرص وسعي الدولة إلى كبح جماح مافيا نهب العقار التي أثبتت وثائق بحوزة "السلام" نسخ منها نشاط مسؤولين في هيئات عمومية مرموقة ضمن بعض شبكاتها الموزعة عبر مختلف ربوع الوطن. من جهة أخرى وفي حال ترسيم قرار تجميد ملف مافيا نهب العقار، سيصبح مصير عشرات القضايا المتعلقة بالنزاعات حول ملكية أراض عبر الوطن مجهولا، خاصة منها المتعلقة بشكاوى رفعها ولاة جمهورية وأميار ضد رجال مال نهبوا هكتارات بطرق ملتوية وغير قانونية. للإشارة كانت الداخلية قد فتحت شهر ماي الماضي، كما إنفردت به "السلام" حينها تحقيقات واسعة مع أميار وولاة جمهورية، وكذا قائمين على مديريات أملاك الدولة بعديد ولايات الوطن، تحقيقات إستكملت بعضها ورفعت تقاريرها إلى الوزير بدوي، الذي إتخذ إجراءات صارمة في حق الواردة أسماءهم فيها من المتورطين في التحايل والتزوير لنهب العقار، فيما تم توقيف أخرى لأسباب مجهولة. جدير بالذكر أن علاوة حفيان، رئيس المكتب الولائي للمنظمة الوطنية "خط نوفمبر 54" بخنشلة، كشف في تصريحات سابقة ل "السلام" عن نهب مسؤولين محليين ومنتخبين بمعية أقارب لهم ذوي نفوذ مالي، لمئات الهكتارات من العقارات الفلاحية والصناعية في عدد من بلديات الولاية خاصة الصحراوية منها، مؤكدا أنهم شكلوا مافيا لنهب العقار مستندين في ذلك بوثائق مزوّرة". كما إحتج في وقت سابق العشرات من سكان ولاية تمنراست المنتمين إلى قبيلة "تفهي نفيس" أمام مقر الولاية، عقب تسليم مصالحها المختصة وثائق وعقود ملكية عقّار ضمن محيط القبيلة لأحد أثرياء الولاية، رسّم عرفيا ومنذ الأزل على أنه ملك لهم أبا عن جد. وفي قضية تطرقت إليها "السلام" بالتفاصيل والأدلة الدامغة أثارت الجدل حينها، إستولى كل من المدعو "ب.م" مسؤول مكتب المجاهدين بدائرة الميلية في ولاية جيجل، والمدعو "ب.إ" أكبر رجال المال في الولاية، بدعم كل من رئيس البلدية السابق المدعو "ب.ع" المحسوب على حزب جبهة التحرير الوطني، وشخصية نافذة بالبلدية، متواطئة بدورها مع رئيس الدائرة المدعو "ع.م"، دون أي إسناد قانوني على قطعة أرض بحي 312 مسكنا، مصنّفة ضمن أملاك الدولة، تكريسا منهم لنشاطاتهم المنضوية تحت كنف مافيا تنهب العقار بولاية جيجل خاصة، وجل الولايات الشرقية عامة. كما كشفت معطيات منبثقة عن تقرير تناول حيثيات النشاط العقاري في ولاية جيجل بحوزة "السلام" نسخة منه، ضلوع الشخصيات السابقة الذكر، بدعم من بعض الولاة بشرق البلاد في نشاطات مافيا تحترف تزييف الوثائق وتعطيل البرامج التنموية، باستعمال النفوذ وتسخير الإدارة في خدمة المآرب الشخصية بطرق مشبوهة، على غرار تجنيد عصابات متخصصة تستقر في مكاتب مزيفة متنقلة، يوهمون من خلالها المواطنين على أنهم تجار عقار، لينهبوا أموالهم من خلال بيعهم لأراض تابعة لأملاك الدولة بعقود اكتتاب مزورة، بعد إقناعهم بأن هذه الأراضي من أملاك "عروش" في المنطقة.