عرت موجة الحر الشديدة التي تعيشها ولايات الجنوب في الآونة الأخيرة واحتلالها المرتبة الأولى إفريقيا في درجة الحرارة التي فاقت ال 53 بالمائة حسب مصالح الأرصاد الجوية، عن واقع فشل سياسة المسؤولين في التكفل بإنشغالات المواطنين وانكشف معها زيف الإدعاءات باتخاذ كل الإجراءات لتحسين الإطار المعيشي لسكان الجنوب من خلال تجسيد برنامج استعجالي رصد له أغلفة مالية معتبرة منذ سنة 2013، مما أدى إلى حالة احتقان كبرى بين المواطنين تفجرت عنها موجة احتجاجات بعدة ولايات جنوبية للضغط على الحكومة للنظر في مطالبهم التي لها علاقة مباشرة بوضعهم الاجتماعي، حيث حذر فاعلون من المجتمع المدني وآخرين من مختلف أطياف الطبقة السياسية من تصعيد الاحتجاج في حال تأخرت السلطات في معالجة مشاكلهم الاجتماعية. فجرت أزمة المياه الصالحة للشرب، الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي وغيرها من المشاكل الاجتماعية الأخرى موجة احتجاجات في الأسابيع الأخيرة بولايات الجنوب تزامنا مع الارتفاع الكبير في درجة الحرارة والتي تتجاوز في بعض الأحيان وحسب ما تعلن عنه يوميا مراكز أرصاد أوروبية ال 53 درجة لاسيما في ولايات أدرار، بشار، ورقلة، بسكرة وغرداية، حيث طالب المحتجون بمجانية الكهرباء أو تخفيض فاتورتها، ومراعاة الظروف الطبيعية القاسية بفعل ارتفاع درجة الحرارة وضرورة إعلان الحكومة حالة استنفار قصوى وإعادة النظر في توقيت العمل الصيفي الذي يتم عبر فترتين وتحويله إلى دوام مستمر من السابعة صباحا إلى الواحدة زوالا، وهي الاحتجاجات التي حركت المسؤولين بالحكومة التي قدمت تطمينات قابلها السكان بعدم الثقة وحالة من الترقب.
فاعلون من المجتمع المدني ..مطالبنا بسيطة ومشروعة قال أحد أعيان منطقة بشار "سالم معيوف" في اتصال له أمس ب "السلام اليوم"، أن موجة الاحتجاجات التي شهدتها ولاية بشار منذ أكثر من ثلاثة أسابيع وتم تصعيدها منذ أيام، جاءت كنتيجة طبيعية للوضع الإجتماعي الصعب الذي يعيشه سكان هذه الولاية الجنوبية، والسبب عجز المسؤولين في التكفل بالانشغالات المطروحة بالمنطقة، مضيفا " المطالب التي رفعها سكان بشار بسيطة لا تكلف الحكومة شيئا، فقط تتطلب الشعور الإنساني بالظروف القاسية التي يعاني منها سكان الجنوب في هذه الصيف الحار". من جهته، أوضح الطالب "سمير. خ" بجامعة بشار وهو من بين الشباب الذين دعوا عبر صفحات "الفايسبوك" إلى تنظيم الوقفات الاحتجاجية التي شهدتها ولاية بشار مؤخرا في حديثه للجريدة أن "الاحتجاجات تتحملها السلطات بسبب وعودها الكاذبة منذ سنوات بخصوص تقسيم القطع الأرضية وتوزيعها على المستفيدين منها والذين تتوفر فيهم الشروط"، مضيفا " الحرارة المرتفعة زادت من حالة الإحتقان بين المواطنين ببشار بسبب انقطاع المياه الصالحة للشرب عنهم لأسابيع وزاد منها الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي والتي فشلت وزارة الطاقة في إيجاد حل لمعالجتها". وواصل محدثنا قوله "الاحتجاجات هي الحل الوحيد من أجل إيصال صوتنا ولفت إنتباه المعنيين للمشاكل التي نعاني منها منذ سنوات طويلة والتي لا تبالي بها الجهات المسؤولة". من جهتهم مجموعة من شباب ولاية ورقلة والذين كانوا من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية المنظمة ليلة الجمعة إلى السبت اعتراضا على إقامة حفل غنائي من خلال دردشة قصيرة مع "السلام" أكدوا أن المشكل ليس في تنظيم حفلة غناء، بل في أن هذا الحفل جاء في وقت يعاني فيه سكان الولاية من عديد المشاكل الاجتماعية التي أثرت على يومياتهم وجعلتهم يشعرون بالتهميش والإقصاء، حيث علق أحد الشباب "كيف لنا أن نقبل بحفلات غناء تصرف عليها الملايير في وقت نعاني العطش في درجات حرارة تفوق ال 50 ومحرومين من التبريد بسبب الإنقطاعات المتكررة للكهرباء وغيرها من النقائص الأخرى". وشدد شاب أخر كان من الأوائل المنظمين للوقفة الاحتجاجية السلمية ليلة السبت وهو طالب بجامعة قاصدي مرباح قائلا"على المسؤولين استغلال المبالغ المالية المخصصة للولاية في إطار المنفعة العامة، كتجسيد المشاريع وتهيئة الطرقات والقضاء على أزمة العطش والكهرباء التي تتكرر كل موسم حر".