لا ينعم الكثير من الناس بنوم هادئ، خاصة الذين ابتلوا بشخير من يشاركهم نفس الغرفة، فما بالك إذا كان يشاركهم الفراش. الشخير أحد المشاكل الصحية التي قد تؤثر على الحياة الزوجية في حال لم يبد أحد الطرفين درجة كبيرة من التفهم على أنه أمر خارج عن نطاق سيطرة الشخص. يشتكي بعض الأزواج من عادة الشخير التي تلازم الطرف الآخر، حيث حول ذلك الصفير والصوت المزعج نومهم إلى كابوس لا يوصف، وما يتبع قلة النوم الناتجة عن ذلك على الصحة والحالة المزاجية للفرد، وقد تكون أحد الأسباب التي تزيد من حجم الضغوطات على العلاقة الزوجية في حد ذاتها. شهادات أزواج حول الشخير ليلهم إلى جحيم يقول محمد 37 سنة وهو يؤكد أن الرجل المحظوظ في الدنيا هو الذي لا تشخر زوجته: «لا شيء يمنعني من النوم ليلا باستثناء الصوت الذي يصدر من زوجتي بمجرد أن تضع رأسها على الوسادة، فإذا كنت لم أدخل في نوم عميق قبل أن تخلد هي إلى النوم فلا يغمض لي جفن طوال الليل، لذا أفضل أن أنام قبلها بساعات حتى أتمكن من النوم ولو لبضع ساعات من الليل». أما مراد 33 عاما فقد أصيب بالأرق نتيجة قلة النوم وهو الذي يذهب للعمل وعيناه منتفختان، فلا ينتبه وهو يقود السيارة، لأنه يعاني خمولا في العمل ورغبة شديدة في النوم خلال النهار، والسبب هو شخير زوجته على حد قوله، يضيف عن ذلك: «صوت شخير زوجتي يدوي كل ليلة، تنام هي بهدوء وأبقى أنا مستيقظا طوال الليل، أما في النهار فهي تبقى نائمة إلى ساعة متأخرة من النهار، في حين أقوم أنا إلى العمل مبكرا، فهل هذا عدل؟»، وعن تأثير الشخير على علاقته بزوجته يقول وهو يتوعد: «أسكن في بيت أهلي ولا توجد غرفة أخرى تنام فيها، وإلا لما أبقيتها ساعة واحدة من الليل»، هناك من الناس من يسمع صوت الإبرة إذا وقعت أرضا، فما بالك إذا كان صوت الشخير»، يقول كمال عن تأثير شخير زوجته على علاقتهما: «لا أستطيع النوم بسبب شخير زوجتي وفي حال أيقظتها تندلع الحرب ونبدأ في ملاسنات كلامية طوال الليل قبل أن تحمل نفسها وتنام في غرفة أخرى لأبقى أنا أتقلب في الفراش». لا يدرك الشخص الذي يشخر أنه يصدر صوتا مزعجا، وينكر في حال ووجه بذلك، ولكنه يبقى هو الآخر متضررا من الظاهرة، تقول فتيحة 55 عاما وهي التي تطرد كل ليلة من كل غرفة تنام فيها: «تسبب لي الشخير في مشكلة كبيرة مع زوجي، وبحكم عمله المتعب يطردني من الغرفة بمجرد أن أبدأ بالشخير، فتجدني أحمل وسادتي لأنام مع أطفالي فيمنعونني من الدخول حتى لغرفتهم، ونفس الشيء مع من ينامون في غرفة الاستقبال، وصدقوا أنني اضطررت للنوم في رواق البيت رغم أن الغرف متوفرة». قد لا يعترف البعض بأن شخيره ينغص على الطرف الآخر نومه ويؤثر على مزاجه ونشاطه خلال اليوم، وهنا يزداد الخلاف بين الأزواج، يقول اليأس 38 سنة: «كدت أنفصل أنا وزوجتي، والسبب ليس الشخير في حد ذاته، وإنما في عدم تفهمها للوضع، فتجدني أطلب منها وبكل أدب أن تنام في غرفة أخرى، لأن شخيرها يزعجني، وهنا تبدأ شكوكها تحوم بأني على علاقة مع أخرى وأريد الحديث معها ليلا». هذا وأكد العديد ممن كان لديهم رأي في الموضوع أن الشخير قد يؤثر سلبا على الحياة الزوجية، وافتراق الأزواج في المضجع قد يحدث شرخا في العلاقة الزوجية في حد ذاتها، تقول كريمة 24 سنة: «زوجي كثير الشخير، وطالما طلبت منه النوم خارج الغرفة، وهو يفعل ذلك بدون أي حساسية، فهذا أفضل لكلينا، فلا هو يوقظني بشخيره المزعج، ولا أنا أوقظه بلكماتي»، وإذا كانت كريمة تملك الجرأة في طرد زوجها من الغرفة، فغيرها يرونه من سابع المستحيلات، تقول نجاة 33 سنة، عاملة: «لا يغمض لي جفن من شخير زوجي، ولكن لا يمكنني أبدا أن أطلب خروجه من الغرفة، وبحكم ضيق السكن، أحتمل ذلك وأحيانا آخذ منوما حتى لا أفيق على صوته، أما إذا طلبت منه النوم خارجا مع إخوته، فأعرف أنه سيسمعني ما لا يرضيني، فقد حدث وأن بادرت بطلب أن ينام مع إخوته على اعتبار أنني امرأة ولا أستطيع النوم مع الرجال، فقال لي بالحرف الواحد «هذا ليس بيت أبوك». وفي نفس السياق، تقول نصيرة 49 عاما: «من غير المعقول أن يحدث الشخير مشاكل بين الأزواج، فهو أمر تافه يمكن التغلب عليه، أما إذا وصل الأمر إلى الطلاق بسبب شخير أحدهم فهم مجانين حسب رأيي، فنحن احتملنا من أزواجنا الكثير وليس الشخير فقط». وإذا كان اقتسام الزوجين الفراش يوطد العلاقة الزوجية ويجعلهما أكثر حميمية، فالعكس لمن يعانون من الشخير، فأحيانا تشعر بعض النساء باللامساواة، ففي الوقت الذي تحتمل فيه هي شخير زوجها، لا يتوانى هو عن طردها في حال صدر منها نفس الشيء، وبالرغم من أن الأمر خارج عن سيطرة كلاهما، إلا أنه قد يؤدي إلى مشاكل لا تخطر على البال، تقول آمال 29 سنة: «أحتمل شخير زوجي مهما بلغت حدته وأتركه لينام على راحته، ولكن هو لا يطيق مني ذلك ولو للحظة،، رغم أنني لا أشخر كثيرا، فهو لا يتوانى عن وكزي ودفعي في كل لحظة، وعندما أستنكر الأمر، يشتمني، ومرة طردني من الغرفة بكل عنف، وعندما حاولت الدخول مرة أخرى قذفني بمزهرية زجاجية». النوم في غرفتين منفصلتين لا ينم عن وجود خلاف وإذا خرجت الأمور عن نطاق السيطرة عند البعض، يرى آخرون أن النوم في غرفتين منفصلتين الحل المناسب لكلا الطرفين، تقول منيرة 30 سنة: «بالنسبة لي، أنا وزجي فالنوم في غرفتين منفصلتين لا يعني بالضرورة أننا على خلاف، بل هو نوع من التفهم وحرص كل واحد على أن ينام الآخر بهدوء». قد يتحمل البعض شخير الطرف الآخر، ولكن سرعان ما يتذمر ولا يستطيع التعايش مع الوضع، ولكن آخرين قالوا أنهم تعودوا على الوضع وصاروا لا ينامون إلى بسيمفونية الشخير الصادر من الطرف الآخر، يقول الطاهر 55 سنة: «عشرة تفوق 30 سنة من الزواج جعلتني أتعود على شخير زوجتي وصرت جد متكيف مع الوضع». الشخير من الناحية الطبية الحديث عن الشخير استلزم منا الدخول إلى عيادة شريف بلعربي، طبيب عام للوقوف على أسبابه، نتائجه وعلاجه، حيث يقول أن هناك عدة أسباب يمكن أن تؤدي إلى الشخير من أهمها الطعام، فتناول وجبات ثقيلة قبل العشاء، خاصة البروتينات والدسم الموجودة في بعض الأغذية مما يؤدي إلى انغلاق القناة التنفسية، إضافة إلى أن السمنة من شأنها أيضا أن تؤدي إلى الشخير نتيجة الطبقات الشحمية التي تسبب ضغطا على الرقبة والقصبات الهوائية والبلعوم، حيث تتراكم بعض الأنسجة داخلها، لذا يلاحظ أن الذين يعانون من الوزن الزائد هم أكثر من يشتكون من الشخير، وعن أسباب أخرى يتكلم الطبيب عن بعض وضعيات النوم التي يمكن أن تكون السبب في الشخير والمتمثلة في النوم على البطن أو على الظهر مباشرة، إذ يمكن لوضعية اللسان أن تعيق عملية دخول الهواء إلى الجسم، ما يؤدي إلى صدور صوت الصفير. يعتقد بعض الناس أن الشخير دليل على أنهم ينعمون بنوم هادئ، وهذا ما ينكره الطبيب قائلا: «في الحقيقة الشخص الذي يعاني من الشخير لا ينام بالشكل الجيد، فالشخير يحرم الجسم من الاسترخاء ساعات النوم بالطريقة المناسبة ،وبالتالي يشعر كل من يعاني من الشخير من التعب والإرهاق الذي يلازمه بصورة يومية نتيجة الطاقة التي يبذلها أثناء النوم الذي يكون متقطعا بسبب اضطرابات التنفس، حيث تقل كمية الأوكسجين المستنشقة، ولا تصل الكمية المناسبة منه إلى الدماغ». من مضاعفات الشخير إلى جانب تأثيراته على الجهاز التنفسي، يمكن أن يؤثر أيضا على القلب، حيث يقول الدكتور بلعربي أنه يمكن أن يسبب جلطة قلبية نتيجة انسداد الشرايين بسبب ضيق التنفس وقلة نسبة الأوكسجين الداخل إلى الجسم، ويضيف بشأن من يعانون من الشخير: «يتملك الفرد الذي يعاني من الشخير جملة من الأعراض التي تتلخص عموما في التعب والإرهاق والنعاس الذي لا يفارقه حتى خلال ساعات النهار». وبشأن علاج الشخير، يقول أنه لا يوجد علاج محدد ونهائي، ولكن يوجد أطباء متخصصون في علاج الشخير بمستشفى بني مسوس، ولكن هناك من الأطباء من يصنفه في إطار اضطرابات التنفس، ولكن أفضل وقاية من كابوس الشخير هو عدم النوم مباشرة بعد الأكل، إضافة إلى أنه يستحسن دوما أن ننام على أحد الجانبين مع استعمال الوسادة بحيث يكون الرأس مرفوعا نوعا ما نحو الأعلى وأن تكون الغرفة بها تهوئة مناسبة.