يستعمل المسؤولون الفرنسيون عبارة “ندم” حسب رغبتهم؛ لوضعها كحاجز أمام كل الذين يطالبون فرنسا الرسمية بالاعتراف بجرائمها الاستعمارية، حسبما أكده أول أمس المؤرخ والمتخصص في الاستعمار في الجزائر، جيل مانسيرون. في تنشيطه لندوة بباريس حول “السير نحو الاستقلال.. التعايشات الصعبة في الجزائر وفي فرنسا (1954- 1962)”، أشار المؤرخ إلى أنه “يتم اختيار عبارة الندم في الخطاب الرئاسي؛ بهدف قدح هؤلاء الذين يطالبون فقط بالاعتراف بالوقائع وإعادة دراسة نقدية لهذه الصفحة من التاريخ”. كما اعتبر أن عبارة “الندم” التي لم يطالب أحد من أوساط المؤرخين بتحديد مفهومها، “تم استعمالها كحاجز من طرف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في رسالة وُجهت إلى المرحَّلين من الجزائر، قرأها باسمه وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغي بمناسبة تدشين مركز التوثيق الخاص بفرنسيي الجزائر بباربينيون. أكد الرئيس الفرنسي في شهر جانفي الفارط أن سنة 2012 لن تكون سنة الندم. للإشارة، كان الرئيس الفرنسي أكد عن رفضه القطعي للإعراب عن ندم فرنسا؛ حيث قال في رسالته: “أؤكد لكم أن سنة 2012 التي تصادف الذكرى الخمسين لنهاية حرب الجزائر، ستكون سنة ذكرى وترحم، وأكيد، لن تكون سنة ندم”.. واعتبر مانسيرون أن بعد مرور خمسين سنة من استقلال الجزائر لايزال هناك عائق أمام علاقات هادئة وطبيعية بين الشعبين الجزائري والفرنسي، وبين الأمتين والدولتين، ويتمثل في عدم اعتراف فرنسا وهيئاتها بوقائع الاستعمار. كما أشار إلى التناقض البارز بين مبدأ استعمار ومبادئ غير شرعية الحروب الاستكشافية وضرورة العيش بالنسبة لأمة، مضيفا أن حق الجنسيات كان معترفا به منذ القرن 19. وفي الأخير أوضح المؤرخ الفرنسي أن هذا الخطاب الإيديولوجي يُعد مبررا لصالح نمط معيَّن من الاستعمار، والذي يقف أمام تجاوز المنازعات التاريخية، ذاكرا قانون 23 فيفري 2005 الذي يمجّد الآثار “الإيجابية” للاستعمار. وأشار ضيف “منتدى فرنساالجزائر” إلى أن هذا الخطاب قد كُلل بخسارة كبيرة، مضيفا أن “الدليل على ذلك تلك الفرحة الكبيرة التي عبّر عنها الجزائريون يوم نيلهم الاستقلال في 5 جويلية 1962”.