المسؤولون عندنا ينظرون إلى انجازاتهم بانبهار، وكأنهم لا يصدقون ما قد يقومون به، إلا من خلال الصحافة، فيبالغون في الكلام، ويكثرون التصريحات، لكن إذا حدث أي مكروه أو فوضى في البلاد يعودون إلى مكاتبهم ويتركون الصحافة في مواجهة الرأي العام. كل هذا لم يهز ثقة الصحافة في حكومتها، وراحت تتلقف التصريحات من أفواه المسؤولين، وتنقلها إلى الشعب، لكن يبدو أن المسؤولين يتصرفون مع صحافة بلدهم بعقلية من يعتبر غيره لا يزال لم يبلغ سن الرشد، وبعقلية ما قبل التعددية والديمقراطية وحرية التعبير. أقول هذا الكلام لأن الذي يشغل بال الجزائريين هذه الأيام هو صحة رئيس الجمهورية، ولأننا نشهد ما يشبه اتهامات متبادلة بين الصحافة والحكومة، الصحافة تتهم الحكومة بأنها تخفي الحقيقة وتمارس التعتيم، والحكومة تتهم الصحافة بأنها ترتكب التجاوزات وتروج لإشاعات لا أساس لها من الصحة، طبعا ليست الصحافة وحدها هي التي لا تثق في كلام الحكومة، لأن الشعب أيضا لم يعد يثق في كلامها، ولا حتى في كلام صحافته، وأصبح " يجيب حقو بيديه"، ينظم الإضرابات والاحتجاجات ويقطع الطرقات، بل الحكومة نفسها أصبحت لا تثق في كلامها، فراحت تستورد "كلاما" وبيانات من خارج البلاد. أردت أن أقول بأنه يجب على الحكومة أن تعلم بأن للصحافة مشاعر، وبأن عقلية الناس تغيرت، ولا يمكن أن يمر قطار التنمية والإصلاحات إلا عبر بوابة الصحافة، وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يشفي رئيس الجمهورية، وأن يسامح كل مسؤول ظلم صحفيا.