ليوناردو دا فينشي (1452 - 1519 م)، يعد من أشهر فناني النهضة الإيطاليين على الإطلاق وهو مشهور كرسام، نحات، معماري، وعالم. كانت مكتشفاته وفنونه نتيجة شغفه الدائم للمعرفة والبحث العملي، له آثار عديدة على مدراس الفن بإيطاليا امتد لأكثر من قرن بعد وفاته وإن أبحاثه العلمية خاصة في مجال علم التشريح البصريات وعلم الحركة والماء حاضرة ضمن العديد من اختراعات عصرنا الحالي. وقيل عنه إن ريشته لم تكن لتعبر عما يدور بذهنه من أفكار وثابة حتى قال عنه ب. كاستيلون: "من الطريف جدا أن الرسام الأول في العالم كان يكره الفن، وقد انصرف إلى دراسة الفلسفة، ومن هذه الفلسفة تكونت لديه أغرب المفاهيم، وأحدث التصورات، ولكنه لم يعرف أن يعبر عنها في صوره ورسومه" ولد ليوناردو في بلدة صغيرة تدعى فينشي قرب فلورنسا بتوسكانا. ابن غير شرعي لعائلة غنية أبوه كاتب العدل وأمه فلاحة تطلقت من زوجها بعد ولادة طفلها بمدة قصيرة مماجعله يفتقد حنان الأم في حياته. في منتصف القرن الرابع عشر استقرت عائلته في فلورنسا والتحق ليوناردو بمدارس فلورنسا حيث تلقى أفضل مايمكن أن تقدمه هذه المدينة الرائعة من علوم وفنون (فلورنسا كانت المركز الرئيسي للعلوم والفن ضمن إيطاليا). بشكل مثير ولافت كان ليوناردو يحرز مكانة اجتماعية مرموقة، فقد كان وسيما لبق الحديث ويستطيع العزف بمهارة إضافة إلى قدرة رائعة على الإقناع. حوالي سنة 1466 التحق ليوناردو في مشغل للفنون يملكه أندريا دل فروكيو (Andrea del Verrocchio) الذي كان فنان ذلك العصر في الرسم والنحت مما مكن ليوناردو من التعرف عن قرب على هذه المهنة ونشاطاتها من الرسم إلى النحت. سنة 1472 كان قد أصبح عضوا في دليل فلورنسا للرسامين. سنة 1476 استمر الناس بالنظر إليه على أنه مساعد "فيروكيو" حيث كان يساعد "فيروكيو" في أعماله الموكلة إليه منها لوحة (تعميد السيد المسيح) حيث قام بمساعدة "فيروكيو" برسم الملاك الصغير الجاثم على ركبتيه من اليسار 1470 يوفوزاي فلورنسا (Uffizi، Florence). سنة 1478 استطاع ليوناردو الاستقلال بهذه المهنة وأصبح معلم بحد ذاته. عمله الأول كان رسم جداري لكنيسة القصر القديم أو كما يدعى بالإيطالية "بالالزو فيكيو" (Chapel of the Palazzo Vecchio) التي لم يتم انجازها. أول أعماله الهامة كانت لوحة توقير ماغي (The Adoration of the Magi) التي بدأ بها سنة 1481 وتركها دون إنهاء، التي كانت لدير راهبات القديس سكوبيتو دوناتو فلورنسا. سنة 1506 سافر ليوناردو إلى ميلانو بدعوة من حاكمها الفرنسي شارل دامبواز، وخلال السنوات اللاحقة أصبح رسام القصر المعتمد للملك لويس الثاني عشر فرنسا. أصبح يتنقل بين ميلانو وفلورنسا كثيراً فغالبا ما كان يزو أنصاف أشقائه وشقيقاته ويرعى ميراثه. انهمك في ميلانو بمشاريعه الهندسية وعمل على تصميم إلا أن مخططات المشروع ودراساته تم الإحتفاظ بها. من سنة 1514 إلى سنة 1516 عاش ليوناردو في روما تحت ضيافة البابا لاون العاشر في قصر بيلفيديري بالفاتيكان وأشغل نفسه بالتجارب العلمية. سنة 1516 سافر إلى فرنسا ليكون في خدمة الملك فرانسيس الأول. أمضى سنواته الأخيرة في تشاتيو دو كلو قرب أمبوس (Château de Cloux) حيث توفي سنة 1519 عن عمر يناهز 67 عاماً. الموناليزا ولها اسم يطلق عليها وهو الجوكندا وهي من أشهر أعمال ليوناردو على الإطلاق. وتأتي شهرتها من سر ابتسامتها الأسطورية فتعتقد تارة أنها تبتسم وتارة أخرى أنها تسخر منك، على كل فقد استخدم ليوناردو تقنيتين هامتين في هذه اللوحة كان ليوناردو رائد هذه التقنيات ومعلمها. الأولى: سفوماتو (Sfumato) وتعني تقنية تمازج الألوان. وهي وصف الشخصية أو رسمها ببراعة وذلك باستخدام تحولات الألوان بين منطقة وأخرى بحيث لاتشعر بتغيير اللون مشكل بذلك بعدا شفاف أو تأثير مبهم، وتجلت هذه التقنية بوضوح في ثوب السيدة وفي ابتسامتها. الثانية: كياروسكورو (Chiaroscuro) وهي تقنية تعتمد على الاستخدام الأمثل للضوء والظلال لتكوين الشخصية المطلوبة بدقة عالية جدا. وتظهر هذه التقنية في يدي السيدة الناعمتين حيث قام ليوناردو بإضافة تعديلات عبر الإضاءة والظل مستخدما تباين الألوان لإظهار التفاصيل. عاد ليوناردو دا فينشي وبقوة سنة 2003 عبر رواية شيفرة دا فينشي لكاتبها دان براون، الذي أشغل الناس والإعلام بتفجيره قنبلة روائية تقول أن سلالة السيد المسيح ما زالت على قيد الحياة وذلك لأن السيد المسيح كان قد تزوج مريم المجدلية وأن الفاتيكان يسعى إلى قتل هذه السلالة بكل ما أتيح له من قوة لأن وجودها يعني انهيار المسيحية التقليدية مما أدى إلى معارضة الفاتيكان لهذه الرواية ولكاتبها دان براون فزادت من شهرة الرواية وكاتبها وسرعان ماتم تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي شيفرة دا فينشي (فيلم) سنة 2006 بطولة توم هانكس وإخراج رون هاورد. يذكر أن الفيلم لقي معارضة شديدة من الفاتيكان، ومنع من العرض لدى بعض الدول العربية. من أقواله ان الطبيعه لطفت بنا لأنها جعلتنا نعثر على المعرفه حيثما ادرنا وجوهنا في هذا العالم. ان الرجال الاجلاف ذوي الادراك السطحي لا يستحقون سوى كيس يستوعبون به طعامهم ويخرجونه ثانية، لأنهم لا يعدون أن يكونوا قناة هضمية. تميز دافنشي في بداية حياته كان فنه يوازي فن معلمه فيروتشيو إلا انه شيئا فشيئا استطاع أن يخرج من كنف فيروتشيو ليحرر نفسه من أسلوب معلمه الصارم والواقعي تجاه الرسم فكان ليوناردو في أسلوبه وإبداعه يخلق رسومات تلامس الأحاسيس والذكريات.