تقميط المولود الجديد عادة بشرية قديمة ومنتشرة انتشارا واسعا في مختلف بلدان العالم. والهدف من هذه العملية عادة هو إبقاء جسم الطفل ساكنا ومستقيما أثناء النوم، إلاّ أنّنا أصبحنا نسمع مؤخّرا أصواتا تنادي باجتناب تقميط الأطفال لأنّه خطر عليهم.. وبين مؤيّد ومعارض للتّقميط، تجد الأمّهات أنفسهنّ حائرات بين الرّغبة في المحافظة على هذه العادة وبين التخوّف من مخاطرها ! تعد عادة لف الأطفال حديثي الولادة بالقماط في مداشير وقرى الجزائر أمرا خطيرا يهدد السلامة الجسدية والسيكولوجية للطفل، فرغم أنها بدأت تختفي بالمقارنة مع السنوات الماضية وذلك بسبب وعي الأمهات بأضرار هذه الأخيرة على الرضيع لما تسببه له من مشاكل كإعاقة حركته وتبطيء نموه الجسدي واستجابته وتفاعله مع محيطه الخارجي. دون أن ننسى أن هذه العملية تعيق تنفسه الطبيعي، إذ دائما ما تعيق قفصه الصدري وجريان الدورة الدموية بشكل سليم، الا أنها من جهة أخرى تستمر بشكل أو بآخر (رغم قسوتها غير المقصودة)، بين فئة غير قليلة من الأمهات، ويرجع ذلك إلى سماع الأم الكثير من الوصايا من المحيطين، وكذلك إلى تقصير المؤسسات الصحية والتربوية في عملية التوعية من أخطار هذه العادة، ما جعل الكثير منهن يؤمن بمعتقدات لا أساس لها من الصحة ولا تستند إلى أي دليل علمي يثبت صحتها أو فائدتها. كالقول بأن غياب التقميط يؤدي إلى عدم استقامة في العمود الفقري للطفل مما يجعله يعاني من اعوجاج في ظهره أو ساقيه. ومؤيدات هذه العادة ترين أن التقميط يمنع الطفل من أن يخاف من يديه، كما أنه يقوي عضلات اليدين والرجلين ويحفظ وجهه وعينيه من الخدوش أو الجروح التي يمكن أن تسببها أظافر الطفل الحادة. ويعتبرون اللف أو ما يسمى شعبيا ب (التقماط) بمثابة تقليد أو عرف لا يجب التفريط فيه وإرث ورثوه من الأجداد الأوائل..! ويعرف التقميط على أنه تقنية قديمة هدفها أن يشعر الطفل بالأمان ويكون أقل عرضة للانزعاج بسبب الحركات التي يؤديها أثناء النوم، وقد يساعد التقميط الطفل على الاسترخاء في حال التعرّض للتحفيز الزائد. فالتقميط يضغط بشكل بسيط حول جسم الرضيع فيمنحه شعوراً بالأمان لأنها تشبه إحساس الضغط الذي كان يشعر به في الرحم، لذا قد يثير اللف بالقماط الرغبة في النوم لديه، ولكن إذا زاد الضغط انقلب التقميط إلى مر ضار بشكل كبير على سلامة الرضيع.. وأكد الدكتور الأمريكي هيرفي كارب، أن التقميط ، جيد إذا أحسن استعماله، فهو يحسن مزاج الرضيع، مبيناً أنه يمكن إيقاف بكاء الأطفال من خلال ربطهم جيداً ببطانية تذكرهم بشعورهم عندما كانوا في رحم أمهاتهم مع إصدار قليلٌ من أصوات الوشوشة المماثلة لما كان يسمعه الطفل وهو في رحم أمه، بالإضافة إلى تحريكهم ذهاباً وإياباً، وكذلك وضع الطفل على جانب محدد.. هذا عن الجانب الإيجابي، أما السلبي فهو يطغى على الإيجابيات، فعكس الاعتقاد السائد بأن لف الأطفال الرضع بإحكام يساعدهم على الشعور بالأمان ويقيهم من المغص المعوي، إلاّ أنّ لبعض الخبراء رأي آخر، فهو يحذر بشدة من عودة هذه الممارسة ويقول بأن التقميط يمكن أن يؤدي إلى ظهور مشاكل جدية في منطقة الأوراك، كانت شائعة قبل 25 سنة، وكانت عادة لف الأطفال الرضع بإحكام، والمعروفة بالتقميط، قد انتهت في آواخر الثمانينات بعد أن وجد الأطباء بأنها تسبب عددا من المشاكل الصحية للأطفال أهمها مشكلة الأوراك. وعلى مستوى الدول الغربية تغيب هذه العادة إذ لا يستعملون اللف للمولود مع ذلك لا يعانون من أي اعوجاج، وتتم عملية لف الطفل عندهم بوضع قطعة قماش بيضاء ناعمة يبلغ طولها نحو المتر تقريباً، بحيث تصل إلى قدميه، ثم توضع يداه إلى جانبيه وتلف حول جسمه بطي طرفيها فوق بعضهما ثم تربط بخيط سميك، صنعته الجدة قديما أو خياط مختص في المجال مع إبقاء عنقه على الثنية وترك وجهه وعنقه فقط في الخارج غير مغطيين. كما أن هذه العملية حسب رأيهن تسمح للطفل من معايشة تجربة الأشهر التسعة في رحم الأم فتمنحه شعوراً بالأمان لأنها تعكس الضغط الذي كان يشعر به داخل الرحم الناتج عن السائل السابيائي أو غشاوة الجنين الداخلية، بهذا يكون المولود الجديد قد تصالح مع حلم فارقه لمدة قليلة، وهذه أطروحة يدافع عنها أنصار هذه الممارسة الشعبية وخاصة في الأرياف مما جعلها تستمر على مدى عقود وما تزال.