عرفت ظاهرة الزواج من أجنبيات في الجزائر خلال السنوات الماضية انتشارا كبيرا، خاصة مع تزايد أعداد الشبان المهاجرين إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، سواء بطريقة شرعية أم غير شرعية، ممن يبحثون عن تسوية أوراق إقامتهم بكل الطرق، ولأن الزواج من أجنبية مقيمة بالبلد المهاجر إليه يعتبر أحسن وسيلة للحصول على ذلك، فقد ساهم ذلك بشكل واسع في تزايد أعداد الشبان الجزائريين المتزوجين من أروبيات تحديدا، كما أن التعارف الالكتروني وتهافت الشبان الجزائريين على ربط علاقات تعارف مع أجنبيات من جنسيات مختلفة، ساهم بدوره في رفع نسبة الزواج المختلط في الجزائر. و على عكس ما كان مروجا له، من أن هذا الزواج هو زواج مصلحة بالدرجة الأولى، وأن الكثير من الشبان المتزوجين من أروبيات لا يبحثون إلا عن تسوية أوراق إقامتهم، والحصول على مناصب عمل قارة، وبناء مستقبلهم، فقد اثبت آخرون أنهم يريدون من هذا الزواج إكمال نصف دينهم، وبناء حياة عائلية، رفقة امرأة جادة ومحترمة حتى وان كانت من جنسية غير جنسية الزوج ومن ديانة غير ديانته، وإذا كان كثير من الجزائريين قد اقنعوا زوجاتهم بالدخول في السلام والعينات على ذلك كثيرة، كما لم بعد هذا الزواج المختلط مستهجنا من طرف عائلة الزوج الجزائرية والعربية المسلمة ولا من طرف المجتمع ككل إلا في حالات قليلة، بدليل أن كثيرا من العائلات تقوم بإعلان فرحها وتقبلها وسعادتها العارمة بهذا الزواج من خلال إقامة الأعراس وليالي الأفراح والولائم، على شرف الوافدة الجديدة إلى العائلة الأجنبية جنسا ولغة ودينا، تماما مثلما تقام لأجل أي عروس جزائرية أخرى، حتى وان كان مرَّ على زواج ابنها بهذه الأوروبية سنوات كثيرة وهو ما حدث بنواح كثيرة من الوطن بل وفي مناطق بقلب العاصمة تحديداً. بمنطقة الشراربة بالكاليتوس، قامت إحدى العائلات بدعوة كافة أقاربها وجيرانها وأحبابها لحضور حفل زفاف ابنها، كما قامت بذبح ثور بأكمله، وتجهيز السطح بمكان تصديرة العروس والكراسي والطاولات، وتأجير "الديجي" أيضا، وكان الجميع يعلم أن الابن متزوج في فرنسا، واعتقد الكثيرون أن عائلته قد قررت إعادة تزويجه بعد أن عاد إلى ارض الوطن، ولكن المدعوين ظلوا مذهولين بعد دخول العروس، التي لم تكن إلا زوجته الفرنسية وليس غيرها والتي تزوج منها منذ نحو ثلاث سنوات تقريبا، وله منها طفلان، وبدا المشهد طريفا للغاية عندما كانت العروس تروح وتجيء محاولة التكيف مع الملابس التقليدية التي ألبست لها في تصديرتها فيما كانت طفلتها الصغيرة متشبثة بها وتتبعها باكية حيثما حلت. وبالدار البيضاء أيضا، أقامت عائلة أخرى حفل زواج ابنها، المتزوج بألمانية منذ نحو 5 سنوات، واحتفل بهما بعد أن عادا إلى الجزائر ومعهما ثلاثة أطفال، وأقيمت كذلك وليمة الزواج مثلما تقام لأي عريس شاب في الجزائر يتزوج للمرة الأولى، كما أن العروس الألمانية بدت سعيدة في ملابسها التقليدية خاصة الكراكو العاصمي والجبة القبائلية، وكان الجميع سعيدا وفرحا بها وهي تتراقص على أنغام الزرنة القبائلية، بطريقة مسلية، كما ظهر أنها مستمتعة بالأجواء العائلية للعرس الجزائري مثلما اطلعت عليه زوجها، الذي قال أنها تحس وكأنها قد تزوجت به حقيقة ذلك اليوم فقط، وللإشارة فان كلا العروسين قد دخلتا في الإسلام بعد زوجهما مباشرة، واستطاعتا بحق أن تكونا نعم الزوجتين حسب شهادات مقربين من العائلتين، ما يؤكد من ناحية أخرى أن الزواج بأجنبيات ليس زواجا فاشلا أو زواجا مبنيا على المصلحة في كافة الأحوال.