تعرف الأحزاب التي تمّ تأسيسها حديثا حراكا واسعا عشية الانتخابات الرئاسية بعدما دخلت في سبات عميق مباشرة بعد المحلّيات، حيث سارعت إلى تحديد موقفها من الظروف التي مرّت بها الحملة الانتخابية للمترشّحين الستّة، فمنهم من شجّب التهديدات والاتّهامات المتبادلة بين المترشّحين ومنهم من فضّل مخاطبة الشارع ودعوة المواطنين للتوجّه إلى مكاتب الاقتراع ومنهم من راح يدافع عن المترشّح الذي يسانده. نفضت أحزاب عديدة الغبار عن نفسها ساعات قليلة قبل أهمّ استحقاق سياسي، ومن الواضح أن حراك الرئاسيات أخرج الأحزاب من صمتها لتدعو تارة إلى المشاركة القوية في انتخابات الخميس وتندّد بتهديدات المترشّح بن فليس تارة أخرى. حزب الوسيط السياسي يستنكر تهديدات بن فليس في هذا الصدد، أعلن حزب الوسيط السياسي رفضه المطلق لأيّ خطاب سياسي يحمل في طيّاته تداعيات التهديد والتهديد المضادّ مهما كان مصدره من هذا الطرف أو ذاك، واعتبر نتائج الصندوق هي الفيصل في تثبيت سلطة الشعب. وحسب بيان الحزب الذي تلقّت (أخبار اليوم) نسخة منه، فقد استنكر الحزب تداعيات التصريحات والتصريحات المضادّة المشحونة بالتهديد والتهديد المضادّ بين المترشّح الحرّ علي بن فليس وبين فريق المترشّح الحرّ عبد العزيز بوتفليقة التي شغلت الساحة السياسية والإعلامية محلّيا وجهويا إبّان الحملة الانتخابية لرئاسيات 2014، والتي راح كلا الفريقين يلوّح بالخطر الداهم إن لم يكن هذا المترشّح أو ذاك هو الفائز وأصبح كلّ منهما يبحث عن مبرّرات لتسويق تهديداته ومقصدها في الوقت الرّاهن، مستغلّين في ذلك أرمدة الإمكانيات المالية والإعلامية والتكنولوجية والبشرية في ترويع المواطنين، وأوضح أن المواقف الرّسمية من هذا النّوع من الخطاب السياسي من هنا أو هناك، والذي تعوّد عليه الرّأي العام الجزائري لم ولن يكون مجديا ولا مستقيما في شيء ولا نملك إلاّ أن نقول للجميع (اتركونا نجرّب الاحتكام إلى منطق الصندوق هذه المرّة وإن كانت النوايا غير صادقة من هنا أو هناك وعلينا أن لا نحكم على النوايا في الوقت الرّاهن التي ندرك أنها لا تخدم إلاّ أصحابها أكثر ممّا تخدم القضايا الكبرى في الجزائر، وعليه ومن موقف حزبنا الوسيط السيايسي المعبّر عنه بالحياد الإيجابي المبني على قاعدة عدم الانحياز إلى أيّ طرف من الأطراف المتنافسة على منصب الرئيس، ومن منطلق الدعوة إلى ضرورة الذهاب إلى الصندوق وبقوة من أجل التعبير عن الرّأي السياسي وممارسة حقّ المواطنة، ومن منطلق الالتزام بالاعتراف بنتيجة الصندوق بعد الاعتراف القانوني الرّسمي). الحزب الوطني الجزائري يدعو إلى مشاركة قوية من جهته، الحزب الجزائري الجديد الذي يساند المترشّح الحرّ علي بن فليس وفي أوّل خرجة له اتّهم أطرافا لم يسمِها بمحاولة تشويه صورة المترشّح بن فليس وإلباسه ثوب الفتنة، مندّدا بالاتّهامات التي طالت بن فليس بمحاولة جرّ البلاد إلى الخراب. ودعا الحزب الوطني الجزائري المواطنين للتوجّه إلى صناديق الاقتراع بقوة غدا من أجل تلبية نداء الواجب والمساهمة في بناء الوطن، مشيرا إلى أن (استقرار البلاد وأمنها ووحدة شعبها وترابها ومؤسسات الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية خطّ أحمر ولا نسمح لأيّ كان أو جهة من الجهات بمسّها أو العبث بها). وجدّد الحزب الوطني الجزائري موقفه الثابت في مساندة المترشّح علي بن فليس الذي أعلن عنه يوم 16 نوفمبر 2013 بوهران ليخوض معركة التنافس للرئاسيات. واعتبر الحزب (أننا اليوم نعيش محطة تاريخية مهمّة وفاصلة نصنع من خلالها مستقبلنا ومستقبل أبنائنا ونراجع حساباتنا ونحاسب أنفسنا قبل أن تحاسبنا الأجيال القادمة في الحفاظ على الأمانة التي ضحّى من أجلها ملايين الشهداء). كما استنكر الحزب الاتّهامات التي طالت المرشّح علي بن فليس والأحزاب التي تسانده بأنهم يريدون جرّ البلاد إلى الفتنة واتّهامها بشراء أسلحة من ليبيا، معتبرا أنها (أكبر دليل على النيّة المبيّتة لهذه الزمرة التي تريد أن تغرق الجزائر في الفوضى). جبهة الشباب الديمقراطي تحذّر من "أطراف خارجية" في السياق ذاته، وصفت جبهة الشباب الديمقراطي للمواطنة أجواء الحملة الانتخابية بأنها كانت مشحونة، مؤكّدة (أننا نعيش اليوم مرحلة عصيبة جدّا في تاريخ الجزائر وما انعكس منها في ظهور لبعض أطماع الخارجية لتركيع الشعب الجزائري). وتأسّفت الجبهة في بيان تحوز (أخبار اليوم) على نسخة منه، استخدام أبناء الجزائر وبأيادي جزائرية لتخريب وطنهم وهم في غيبوبة، مؤكّدا أن الحملة الانتخابية كانت مشحونة جدّا لا يحرّكهم حبّ الوطن، بل تحرّكهم أطماع وانتقام وبرمجة من الخارج وبأجندات لغرس الخراب العربي في بلادنا ودعما لأفكار الخارجية وليس خدمة للجزائريين ولا خدمة الجزائر، وبعضهم يمتازون بنفسية مرضية وعدوانية التي تهدّد وتتوعّد بأن تكون في سدّة الحكم، كما دعت إلى ضرورة الاعتراف بأن الجزائر لم تعرف أبدا مثل هذه المهزلة السياسية ومثل هذا المستوى الواطي، بل ظهر في بعض المترشّحين بالنفسية المريضة والعدوانية، وهذا المستوى لا يمكن أن يمثّل أو يحكم الشعب الجزائري العظيم ولا يمكن أن يكون رئيسا لجزائر الشهداء العظيمة، مناشدة الجميع للوقوف معا لحماية الأمن والاستقرار وحماية الجزائر والجزائريين مهما كان لونهم ومشربهم كهدف أوّلي ومشترك، كما دعا كلّ السياسيين لكي يعملوا على تهدئة النفوس وعقلنة العقول والعمل على تحسين السلوك، كما دعا كلّ المواطنين الجزائريين إلى التماسك فيما بينهم أكثر من أيّ وقت مضى، وأن يحسنوا الفهم والإصغاء والتمعّن، وأن يكونوا يقظين وفطنين، وأن يميّزوا بين من يحبّ الاستقرار للوطن ومن يريد تخريب الجزائر، ولقد أصبح لزاما اليوم أن يتدخّل كلّ الجزائريين لقول كلمتهم يوم الانتخاب للفصل بين الحقّ والباطل، وعلى كلّ المواطنين أن يقفوا وقفة رجل واحد من أجل الجزائر العظيمة، الجزائر الباديسية والنوفمبرية حرّة وآمنة.