أثار تجاهل المجلات الفنية العربية لعودة الفنانة اللبنانية فيروز للغناء بعد غياب، استياء عديد من النقاد والإعلاميين، واعتبروا أن سباق المجلات وراء الربح أحد أسباب هذا التجاهل لفيروز، على رغم قيمتها الفنية الكبيرة. وعلى رغم اهتمام كل وسائل الإعلام تقريبا بألبوم فيروز، وعودتها بعد سنوات من الغياب، إلا أن رصدا دقيقا للمجلات الفنية العربية يؤكد أن "فيروز" لم تحتل خلال الأسبوع الجاري إلا غلاف مجلتي "الجرس" و"الأفكار" اللبنانيتين. بينما ظهرت صورة صغيرة لها على غلاف عدد آخر من المجلات، وتجاهلتها مجلات أخرى تماما، على عكس ما يحدث مع كثير من المطربين الآخرين الأقل قيمة. واستطلعت وكالة الأنباء الألمانية آراء عدد من الإعلاميين من عشاق فيروز حول العالم العربي، حول الظاهرة غير المتوقعة؛ فقالت الصحفية اللبنانية رحاب ضاهر؛ التي كانت بين أول من استهجنوا الموقف: إنها صدمت عندما ذهبت لشراء المجلات الفنية؛ حيث كانت تتوقع أن تحتل فيروز كقيمة فنية لن تتكرر أغلفة كل المجلات؛ لكن الواقع كان عكس ذلك. وأضافت "على رغم أننا مللنا رؤية فنانات الابتذال والإغراء على أغلفة المجلات، توقعنا أن ترفع المجلات الفنية قليلا من قيمتها، وأن تخصص عددا يتيما في أرشيف المجلة تزينه صورة فيروز، التي شكلت حفلتاها حدثا فنيا اجتماعيا بامتياز. وتابعت "لكن يبدو أنه لا يوجد أمل في الصحافة الفنية؛ التي فضلت غلافا مدفوع الثمن يمكن تأجيله على فيروز، ظنا منهم أن غلافا تتصدره فيروز لا يبيع، وهنا الكارثة". وقالت الشاعرة الجزائرية حنين عمر: إن التفسير الوحيد لديها "أن صاحبة الصوت الملائكي لا تملك عنوان طبيب تجميل محترف ليعتني بحقن شفتيها بالبوتكس ووجنتيها بالسيلكون ويشد ويشفط على مزاج الموضة، أو لأنها لا تتقن ارتداء ملابس تكشف أكثر مما تستر في كرنفالات المسخرة، ولا تتقن توسيع شبكة علاقاتها الصحفية، مكتفية بملايين المعجبين والعشاق والأطفال والعصافير والفراشات فقط". ودافعت الصحفية اللبنانية رانيا شهاب عن المجلات قائلة: "إن المجلات معذورة؛ لتتمكن من الاستمرار في ظل هيمنة المؤسسات الكبرى، ونحن لا نمتلك سوى إمكاناتنا الصحفية، نعتمد على الأغلفة المباعة، وبالتالي يتم حجز غلافنا منذ أكثر من شهر، ولا نستطيع إلغاء عقودنا حفاظا على مصداقيتنا". وقالت رانيا: إنها لا تقبل أن يتهمها أحد بأن تجاهل غلاف مجلتها للسيدة فيروز عيب في المجلة؛ لأن له أسبابا جوهرية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؛ "ففي الوقت الذي لن يكون أحد منكم مكاننا إذا ما تعرضنا لنكسة مادية؛ لأن مدخول مجلتنا قائم على الأغلفة المباعة والإعلانات والاشتراكات، لا على أمور أخرى تأتينا بالمال هابطا من السماء". وقال الصحفي والشاعر المصري أحمد الشهاوي: إن كثيرا من المجلات التي ظهرت في سوق الصحافة العربية تنزع إلى الربح السريع عبر الإعلانات، ومن ثم لا يهمها سياسة التحرير؛ لأنها بالأساس ظهرت لتكسب، ولذا فهي مهووسة بنشر الفضائح وأخبار خلافات الفنانات وعلاقاتهن الغرامية السريعة. وأوضح الشهاوي أنه ليس من المعقول أن تكون مجلات بهذا التوجه تفكر في فيروز. أما الصحفي الأردني محمود الخطيب فأرجع تجاهل فيروز وألبومها الجديد إلى كون التجارة غلبت الفن؛ بحيث أصبح تسويق الفنان يمر عبر توجهات لا تراعي قيمته، ولا تاريخه، بل قدرته على الترويج لنفسه، ولا يجب أن نستغرب إذا رأينا في واحدة من المجلات خبرا صغيرا لفيروز، في الوقت الذي تفرد فيها لأشباه المطربات صفحات، بدعوى أن وجود إحدى فنانات الإغراء على الغلاف يزيد من رواج المجلة بين جيل الشباب". وعبرت الصحفية اللبنانية ديانا وهبة عن أزمة في المجال الصحفي قائلة: "الصحفيون -مع احترامي الشخصي لقلة منهم- صاروا مرتزقة لا يفقهون من الصحافة إلا محاولات الجري خلف ما يعتقدونه انفردا أو فضيحة؛ لذا لا نستغرب ألا تحل فيروز على أغلفة مجلاتهم، فلنا فيروزنا ولهم فيروزهم التي يريدونها على كيفهم" على حد قولها. فيما قالت الصحفية التونسية هادية الدرويش: إن "فيروز" لا تحتاج أن تظهر على غلاف أي مجلة؛ فلن يضيف لها ذلك شيئا أو يضيف لجمهورها العربي المنتشر في كافة أنحاء العالم، "صراحة أتقزز لو شاهدتها على غلاف إحدى المجلات العربية المهتمة بالصحافة الصفراء". أصدرت المطربة اللبنانية فيروز ألبومها الجديد "إيه في أمل" أوائل الشهر الجاري، وسط حفاوة بالغة من كل عشاقها حول العالم؛ الذين حرص عدة آلاف منهم على حضور حفليها في العاصمة اللبنانية بيروت، بالتزامن مع إطلاق الألبوم.