إيران تزجّ بشيعة أفغانستان في أرض الشام تحارب إيران إلى جانب قوات بشار الأسد في سوريا، وهي اليوم متّهمة بتجنيد مقاتلين أفغان كمرتزقة. هؤلاء تمّ تدريبهم فوق التراب الإيراني ثمّ دفع لهم للذهاب من أجل القتال في سوريا. قالت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية إن الحرس الثوري الإيراني يجنّد لاجئين أفغان شيعة للقتال في سوريا برواتب تصل إلى 500 دولار شهريا. وأشار الكاتب فيليب سميث في مقالته في الصحيفة بعنوان (مقاتلو إيران من الشيعة الأفغان في سوريا) إلى أن تجنيد هؤلاء جاء لتعويض الخسائر التي لحقت بصفوف عملاء (فيلق الحرس الثوري) في سوريا. ق.د / وكالات نقلت عدّة وسائل إعلام إيرانية وأفغانية ودولية أن العديد من المقاتلين الأفغان جاءوا من إيران، وهم اليوم في سوريا. السلطات الإيرانية تنفي المعلومات تماما كما حدث بالنّسبة لإرسال إيرانيين إلى سوريا بالرغم من كونه واقعا مثبّتا. وتوجد في الحقيقية صور تمّ التقاطها في عدّة مدن إيرانية، حيث جرت مراسم دفن قتلى أفغان قتلوا في سوريا، ونرى فيها عددا من قادة الحرس الثوري الإيراني، وهو كيان عسكري ملحق بالمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وأوضح الكاتب فيليب سميث في مقالته أن المقاتلين الشيعة الأفغان في سوريا ينحدرون من ثلاثة أصول رئيسية، أوّلها هي الوحدة التي كانت موجودة بالفعل في سوريا قبل اندلاع الحرب، ويسكن أفرادها بالقرب من مرقد السيّدة زينب وهو مزار شيعي بارز في جنوبدمشق. ونقل سميث عن الباحث أحمد شجاع أن نحو ألفي أفغاني شيعي، معظمهم من قومية الهزارة التي يتكلّم أبناؤها اللّغة الفارسية، انتقلوا للعيش في سوريا قبل اندلاع الثورة، وعلى غرار لاجئي الهزارة في البلدان الأخرى فرّ الكثيرون منهم من أفغانستان (جرّاء المعاناة المتواصلة التي تعرّضوا لها على أيدي حركة طالبان) على حدّ وصفه، وأشار إلى أن المقاتلين الذين ينحدرون من هذه الفئة من السكان اللاّجئين اتّبعوا في تنظيمهم نموذجا يشابه تنظيم (لواء أبو الفضل العباس) -أبرز فصيل شيعي مؤيّدة للنّظام في سوريا-، وقد تألّف صلب القوة الأصلية ل (لواء أبو الفضل العباس) من لاجئين عراقيين شيعة من منطقة السيّدة زينب الذين تجمّعوا في شكل لجنة شعبية، وكان تبريرهم المعلن عن مشاركتهم في القتال هو الدفاع عن المرقد الشيعي المقدّس. وجاء في ما بعد المجنّدون المدعومون من إيران والمقاتلون المدرّبون من منظمات قائمة ك (عصائب أهل الحقّ) و(كتائب حزب اللّه) و(حزب اللّه) اللّبناني ليساهموا في توسيع هذا اللواء وبناء قدراته القتالية، أمّا الوحدة الثانية من المقاتلين الشيعة الأفغان فتنحدر من إيران، ووفقا للصحف المدعومة من الحكومة الإيرانية ومصادر شيعية أفغانية، وتشكّل هذه الوحدة المجموعة الكبرى بين الوحدات الثلاث، وأشار إلى أن الكثيرين من هؤلاء المجنّدين كانوا في الأصل لاجئين في إيران التي تُعدّ موطنا لحوالي نصف مليون من الهزارة. وقد أشار تقرير (مركز ستيمسون) عام 2010 إلى أن ثلث هؤلاء اللاّجئين (أمضوا أكثر من نصف حياتهم في إيران)، ولفت إلى أن المصدر الثالث (والأكثر مدعاة للجدل) للمقاتلين الشيعة الأفغان هو جماعات اللاّجئين في بلدان من غير إيرانوسوريا، ففي أفريل 2013 سبق وأن أعلن مسؤولون أفغان أنهم سيدرسون التقارير التي تفيد عن مواطنين أفغان يقاتلون لصالح الأسد. وفي الشهر الماضي تحديدا طلبت كابول من طهران عدم تجنيد مواطنيها للقتال في سوريا. وهدّدت أفغانستان في حال ثبوت ضلوع طهران في تجنيد أفغان للقتال في سوريا بتقديم شكوى إلى (المفوّض السامي لشؤون اللاّجئين للأمم المتّحدة)، ومع ذلك لم تظهر حتى اليوم أيّ أدلّة فعلية على عمليات التجنيد المباشر في أفغانستان. شهادات المرتزقة يعيش أحمد في أفغانستان، فردان من عائلته أرسلا إلى سوريا وهم على تواصل معهم بشكل متقطّع، هاجر قريباي إلى إيران منذ سنوات بسبب الفقر والبطالة المتفشّية في بلادهم، ومنذ 11 شهرا وبعد أن عرضت عليهم أموال سافروا إلى سوريا من أجل الدفاع عن (مقام السيّدة زينب) [قرب دمشق]. الحرس الثوري عرض عليهم مبلغ 1,5 مليون تومان [ما يعادل 430 أورو شهريا] ورخصة إقامة لمدّة ستّة أشهر لكافة أفراد عائلتهم الذين يريدون الذهاب للعيش في إيران، وهذا يمكّنهم من الحصول على وثائق إقامة طويلة الأجل، أمّا إذا قتلوا في سوريا فسوف يتحصّلون على مبلغ 15 مليون تومانس [ما يعادل 4300 أورو] ويمكن لعائلاتهم البقاء للإقامة بشكل دائم في إيران. هذه التصاريح بالإقامة كانت سببا أساسيا في اتّخاذهم هذا القرار، وعندما حاولت ردعهم عن الذهاب أجابوا بأن هدفهم نبيل، وأنني لست مؤمنا، تلقّى كلاهما تدريبا عسكريا في إيران خلال أشهر، أخبرني أحدهما بأنهما كانا برفقة 80 أفغانيا، وأنهم قاتلوا إلى جانب حزب اللّه، كما أخبرني بأنه فقد أربعة من أصدقائه خلال عملية قرب دمشق وتلقّوا بعد ذلك 170 دولار [125 أورو] من الحكومة السورية كجائزة بعد المعركة. رحلة الدفاع عن المقامات الشيعية في أفغانستان يحاول رجال الدين إقناع الشباب بالذهاب للقتال، والحرس الثوري الإيراني ينظّم بعد ذلك رحلتهم نحو سوريا. هذا ما يؤكّده (فافا) وهو مقيم في منطقة (هيرات) في أفغانستان، وعندما أخبره بعض شباب حيّه بأنهم يرغبون في الذهاب إلى سوريا نجح (فافا) في ثنيهم عن ذلك. رجال الدين يتحدّثون للشباب في الحلقات الضيّقة وليس على المنبر، هم يؤكّدون على ضرورة الدفاع عن الأضرحة الشيعية المقدّسة ومحاربة من يدعونهم (أعداء علي). أعرف بعضا من هؤلاء الشباب الذين كادوا يذهبون إلى سوريا، لم تكن أعمارهم اتجاوز ال 18 سنة، لقد حدث ذلك في هيرات حيث أقطن، لكنني أعلم أن الأمر يحدث كذلك في مدن أخرى مثل كابول، وكذلك في بالخ وساربول وسامانغان وفارياب ونيمروز. ووفقا لعدّة صحفيين أفغان يوجد أيضا أفغان سُنّة يقاتلون من جهتهم إلى جانب المعارضة. في أفغانستان أكثر من 80 في المائة من المسلمين هم سُنّة و19 في المائة من الشيعة، أمّا سوريا فتحوي حوالي 10 في المائة من العلويين، وهي فرع من الشيعة والطائفة التي ينتمي إليها الرئيس بشار الأسد.