إن العبد المخلص في عبادته لله تعالى يقوم بالأعمال الصالحة وهو يرجو من الله قبولها، لأنه تعالى إنما يتقبل من المتقين، كما قال ربنا جل وعلا: "إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ". المائدة: 27. واعلم أن الله كما وفقك للعبادة سيقبل منك ويهديك سبيل الرشاد بفضله وكرمه، كما قال: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت: 69. ولقبول الطاعة علامات: فمنها أن يكون هوى الإنسان وقلبه موافقاً للشرع لأن ذلك كمالُ الإيمان وعلامة القبول، كما في الحديث المروي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حتَّى يكونَ هواهُ تبعاً لما جئت به”، وقال النووي في أربعينه: هذا حديث صحيح، رويناه في “كتاب الحجة” بإسناد صحيح. ومن علامات قبول الطاعة: أن يوفقك الله للابتعاد عن المعاصي ويحفظك في أقوالك وأعمالك وتصرفاتك؛ ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قال: “مَنْ عادَى لي ولياً فَقَدْ آذنتُهُ بالحربِ، وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليهِ، وما يزالُ عبدي يتقَرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فَإذا أَحْبَبْتُهُ كنتُ سمعَهُ الَّذي يَسْمَعُ بهِ وبصَرَهُ الَّذي يَبْصُرُ بِهِ ويَدَهُ التي يَبْطِشُ بِهِا ورجلَهُ التي يمشي بها، وإن سألني لأُعْطِينَّهُ، ولَئِنْ استعاذَنِي لأُعِيذَنّهُ”. ومن علامات قبول الطاعة كذلك: الدوام على الطاعة والازدياد منها والمحافظة على السنن والنوافل وحب إتباع النبي صلى الله عليه وسلم في كل الأحوال والتصرفات، فالطاعة المتقبلة تجرّ إلى مثلها وهذا من حسنها وبركتها، والسيئة تجر إلى مثلها، وما أحسن قول سيدنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: “إِنَّ لِلْحَسَنَةِ ضِيَاءً فِي الْوَجْهِ وَنُورًا فِي الْقَلْبِ وَسَعَةً فِي الرِّزْقِ وَقُوَّةً فِي الْبَدَنِ وَمَحَبَّةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ، وَإِنَّ لِلسَّيِّئَةِ سَوَادًا فِي الْوَجْهِ وَظُلْمَةً فِي الْقَلْبِ وَوَهَنًا فِي الْبَدَنِ وَنَقْصًا فِي الرِّزْقِ وَبِغْضَةً فِي قُلُوبِ الْخَلْقِ”، جعلنا الله وإياكم ممن تُقبَل طاعاتُهم عند الله تعالى.