تشهد "المدارس الكاثوليكية الخاصة" بفرنسا إقبالا كبير من الطلبة المسلمين حيث ترى فيها العائلات المسلمة ضمانة "أخلاقية" و"علمية " لمستقبل أبنائها. وبالنظر إلى الارتفاع المتزايد للطلبة المسلمين وزعت الإدارة المشرفة على المدارس المسيحية الخاصة هذه السنة كتيبا على المعلمين بعنوان "المسلمون في المدارس الكاثوليكية" من أجل البحث عن السبل الكفيلة لحسن معالجة هذه الظاهرة الجديدة. وعرفت السنوات الأخيرة إقبالاً كبيراً من التلاميذ المسلمين على "المدارس الكاثوليكية الخاصة" التي تندرج ضمن نظام التعليم الخاص والتي تطبق نفس منهاج الدراسة في المدارس العمومية إضافة إلى مادة "التربية الدينية المسيحية" التي ليست إجبارية بالنسبة للطلبة غير المسيحيين. وفي دراسة حديثة عن المدارس المسيحية الخاصة نشرت أجزاء منها جريدة " لوفيغارو" الفرنسية الاثنين قدرت نسبة المسلمين في "المدارس الكاثوليكية الخاصة" ب 70 % من عدد الطلبة الذين يترددون على هذه المدارس. وفسرت الدراسة أسباب إقبال المسلمين على مثل هذه المدارس بتوفرها على مستوى "تعليمي علمي عالي" و "احترامها للقيم الدينية وخاصة مسألة الإيمان بالله". وقد بينت الدراسة أن "المدارس الكاثوليكية الخاصة" أصبحت ملجأ للعديد من الطالبات المسلمات بعد قانون منع الرموز الدينية في المدارس سنة 2004 وهو القانون الذي يعرف بقانون منع الحجاب في المدارس الحكومية. ويشهد إقبال التلاميذ المسلمين على المدارس المسيحية الخاصة إقبالا كبيرا في المناطق السكانية ذات الكثافة المسلمة مثل ضواحي باريس ومدينتي "مرسيليا" جنوبفرنسا و"ليون" في الوسط. وعلى الرغم من بداية تأسيس بعض المدارس المسلمة الخاصة فإن العائلات المسلمة تفضل المدارس المسيحية الخاصة التي تتوفر على إمكانيات مادية وعلمية عالية و نظام دراسي يتوفر على أعلى نسب النجاح. ظاهرة التلاميذ المسلمين وبالنظر إلى ارتفاع أعداد الطلبة المسلمين في المدارس المسيحية الخاصة فإن الإدارة العلمية المشرفة على هذه المدارس تفطنت إلى ضرورة معالجة بعض الإشكاليات المتعلقة بظاهرة دخول "التلاميذ المسلمين" مما حدا الإدارة التعليمية بتكوين لجنة بالاشتراك مع "مكتب العلاقات مع الإسلام" التابع للكنيسة الكاثوليكية. وقد قامت هذه اللجنة بعد سنتين من المراقبة والبحث بإصدار كتيب بعنوان "مسلمون في المدارس الكاثوليكية" يحتوي على 16 توصية من أجل حسن التعامل مع الطلبة المسلمين. ومن بين أهم التوصيات التي وجهت إلى المدرسين من أجل فهم أكثر لتلاميذهم المسلمين نجد "معجم العبارات الدينية التي يستعملها المسلمون في العادة" و"الاحتفالات والأعياد الإسلامية" ومكانة المرأة في التقاليد الإسلامية والحجاب وغيرها من القضايا التي تتناول الثقافة والعادات الإسلامية. وأفرد التقرير أجزاء من توصياته من أجل التركيز على مبدأ الحرية الدينية لغير المسيحيين في المدارس الكاثوليكية بدون أن يكون هذا "التسامح" طريقة لغير المسيحيين من أجل إظهار معتقداتهم بطريقة مستفزة أو نشرها بين التلاميذ. وتتوفر فرنسا على العديد من المدارس الابتدائية "المسلمة" الخاصة فضلا عن حوالي خمسة مدارس إعدادية، غير أن المدارس المسلمة الخاصة تعاني العديد من المشاكل المادية المتعلقة بتمويلها.