تصيب العين بالغلوكوما والحول والعمى تجذب الأسعار البخسة شرائح عديدة من المواطنين محدودي الدخل لشراء احتياجاتهم من السلع أو المنتجات دون اعتبار أن تكون مطابقة للمواصفات أو غير مطابقة ذات مخاطر على السلامة والصحة العامة، قد تكون هذه الاعتبارات ليست ضرورية لسلع أو منتجات لا تسبب أضرارا صحية خطيرة، ولكن عندما تهدد هذه المنتجات كل من يشتريها بفقدان البصر_ كالنظارات والعدسات اللاصقة التي تنتشر تجارتها على الأرصفة تطرح قضية معقدة تدعو إلى التقصي عن ظاهرة تجارة النظارات الطبية -كما يسميها الباعة- على الأرصفة في الشوارع في ظل غياب الرقابة بكل أنواعها وانتشار التجار بالتجزئة الذين لا يحملون أية شهادة تثبت أنهم يملكون محلّ نظاراتي. حسيبة موزاوي تباع على الأرصفة للشباب الذي تخدعه أسعارها الرخيصة وأشكالها وألوانها الجذابة المتعددة ولكن الجميع لا يدرك مخاطرها، حيث أكد عديد المختصين في طبّ العيون انتشار النظارات الطبية الجاهزة والعدسات اللاصقة غير المطابقة للمواصفات القياسية الطبية، موضحين أن هذه النظارات والعدسات مصنوعة من مواد مٌعاد تدويرها، وليست من خامات بلاستيكية حيث تكمن خطورتها في أنها موحدة لمقاس العينين، منوهين بأن95 بالمائة من مستعملي النظارات لا تكون العينان متساويتين في المقاسات وإنما مختلفتان، فتؤدي العدسات مثلا على حدّ تعبيرهم إلى تعرض العين للإصابة (بالغلوكوما) أو المياه الزرقاء التي ينتج عنها تلف العصب البصري وبالتالي فقدان البصر. وخلال جولتنا التي قادتنا إلى مصلحة العيون بمستشفى (مصطفى باشا) صادفنا سامية التي كانت تحت تأثير الصدمة جراء فقدانها بصرها والتي تحدثت إلينا بعد عناء إقناعها، حيث قالت (لم يخطر على بالي أن أصاب يوما بالعمى بسبب جراثيم انتقلت إلى عيني بعد ارتدائي لنظارة مقلدة كنت قد اقتنيتها من أحد الأسواق بمبلغ زهيد، لأدفع في الأخير ثمنا باهظا يتمثل في ضرورة إجرائي عملية جراحية، لعلّ وعسى يعود النور إلى بصري). الجنس الأصفر يفرض منتجاته على الجزائر بكلام صريح وجريء حدثنا (محمد) صاحب محل لبيع النظارات الطبية، قائلا إنه يقوم بتهريب نظارات ذات ماركات عالمية أصلية وأحسن الطراز من إيطاليا بسبب القوانين التي تُفرض على السلع المستوردة في الميناء، ويقوم ببيعها بأثمان باهظة تتراوح بين 10000دج إلى 78000دج، أما المقلدة فيقول إن إطاراتها تصنع من مادة (المونياك) والتي يمتصها جلد الإنسان أثناء وضع النظارات فتحدث له حساسية مثل (الإكزيما) وقد تؤدي إلى الإصابة بسرطان الجلد، كما أن الزجاج من النوعية الرديئة الذي يمكن أن ينكسر فيصبح حادا وبالتالي يصيب العين بجروح عكس الزجاج ذو النوعية الذي يتفتت بانكساره فلا يشكل الخطر الأكبر. وخلال تجولنا بأسواق العاصمة شاهدنا أحد الباعة الأفارقة يعرض مختلف الألوان والأشكال من النظارات الطبية ذات النوعية الرديئة والمستعملة، وحينما سألناه عن مصدرها أجاب أنه يقوم بشرائها من أصدقائه الذين يحضرونها من الصين أو من دول إفريقية ليعيد بيعها بأثمان تناسب الفرد الجزائري ذو الدخل البسيط، فهو كما قال لا يعرف إن كانت مضرة أو نافعة فهمه الوحيد هو كسب رزقه من خلال بيع هذه السلعة. وعن الرواج الذي تعرفه هذه النظارات المعروضة على أرصفة الطريق وإقبال المستهلك الجزائري عليها، دون المراقبة والتحقيق في مكوناتها الصناعية ومصدرها والتي لا تخضع للمعايير الصحية، أكدت لنا جمعية المستهلك أن استيراد السلع المغشوشة هي ظاهرة عالمية وليست محتكرة فقط على الجزائر أو الدول العربية، بما في ذلك ألعاب وحافظات الأطفال، الأجهزة الكهربائية، الأواني المنزلية، المواد الغذائية وصولا إلى الأدوية، والأرقام الرسمية تشير إلى أنه من 10 إلى 15 بالمائة منها مقلد فما بالكم بالنظارات وما شابه، وأكدت على ضرورة تكثيف عمل المراقبة ومحاربة كل ما هو ضار ومغشوش ولا يفي بالغرض أو بشرط الأمان للمستهلك، مشيرة الى أن دور جمعية حماية المستهلك نصح وإرشاد الناس لتفادي هذه المنتجات الرخيصة القادمة من الصين والأفضل عدم وضع هذه النظارات الشمسية لأنها ستضرهم أكثر مما تنفعهم. نظارات القراءة المعروضة عشوائيا... آفة أخرى كما أكد الدكتور(م. فريد) أن نظارات القراءة المباعة على الرصيف هي الأكثر ضررا، لأن عدساتها مصنوعة بطريقة الصب التي تسمح بتضخيم الصورة فقط أو تكبيرها ولا تعالج ضعف الأبصار سواء كان محوريا أو تكويريا، ويرى أنّ الحل يكمن في تفعيل دور الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في ما يخص تحليل خامات النظارات المستوردة وأيضا دور مصلحة الجمارك، أما فيما يتعلق بأهم الأضرار التي قد تنجم عن اقتناء نظارات الرصيف فقد أكد عديد المختصين في طبّ العيون أنها قد تؤدي إلى الإصابة بالحول أو العمى مع مرور الوقت، وأشار الدكتور(م. فريد) في هذا السياق إلى أنّ مرضى كثيرين يشتكون من مشاكل في الإبصار نتيجة استخدامهم نظارات قراءة لا تتناسب مع درجة ضعف نظرهم، فهم يجربون نظارات كثيرة حتى يجدوا ما يناسبهم فيشترونها وقد تكون أعلى أو أقل في قوة الإبصار، وبالتالي تضعف أبصارهم جدا ويجب على المريض معرفة المقاس المناسب لقوة إبصاره قبل الشراء. علب المصبرات لصنع النظارات والنتيجة... سرطان أكيد ومن جهته أشار (س. قاسم) نظاراتي أنّ العصا الرقيقة الحاملة لزجاجات النظارات التي تباع على الأرصفة من صنع صيني مادته الأساسية هي فضلات العلب المصبّرة التي تجمع وتضاف لها مواد سامة أخرى عديدة، مضيفا إلى أنه مع مرور الوقت تفقد تلك العصي لونها وتصبح لون القصدير أو بالأحرى لون علب مصبرات الطماطم أو المربى الذي يتسبب في نهاية المطاف في إصابة الشخص الذي اقتناها بسرطان الجلد لامحالة، وحذّر ذات المتحدث في هذا السياق من الاقتناء العشوائي لمثل هذه المنتجات التي تعتبر من أهم السلع التي يجدر إعطائها أهمية بالغة قبل اقتنائها نظرا لإمكانية تعرض العين باعتبارها عنصرا حساسا جدا. نظارات الأرصفة خادعة للبصر ومدمّرة لشبكية العين كما يقر مختصون في طب العيون أن النظرات الشمسية المقلدة هي الأخرى خطيرة على العين، حيث أن الهدف الأساسي من النظارة الشمسية هو الحماية من أشعة الشمس فوق البنفسجية، إلا أنهم أجمعوا أنّ النظارات المقلدة تسمح بدخول هذه الأشعة إلى العين فتلحق بها الضرر، خاصة عندما تكون النظارة داكنة، فهي تخدع حدقة العين فتبقى مفتوحة لتصل هذه الأشعة إلى شبكية العين وتلحق بها الضرر والأذى، ودعوا إلى ضرورة استخدام العدسات المصنوعة من مادة واقية تحمي العين من الأشعة المضرة، وتجعل الرؤية أوضح، كما تحمي العين من الأتربة وأشعة الشمس القوية التي تسبب جفاف العين والالتهابات، وهذا ما لا يتوفر في النظارات المقلدة والرخيصة يضيف أهل الاختصاص. بريستيج ومخاطرة أكد الدكتور (م. فريد) في هذا السياق أن هذه الأيام يشهد الشارع الجزائري انتشار أنواع كثيرة من النظارات الشمسية التي تكون مختلفة في شكلها وطرازها، بحيث لا تحجب أشعة الشمس القوية عن العين بل يستخدمها الأطفال والشباب كنوع من البريستيج والمظهر والجمال وهنا تكمن الخطورة من هذه النظارات، وقال إنّ فئة معتبرة تهتم بالنظارات الشمسية من حيث المظهر والشكل واللون والطراز الذي يرضي ويشبع رغباتها أكثر الاهتمام بالدور المفترض أن تلعبه النظارات في حماية العين من الأشعة غيرالمرغوب فيها ونسبة نفاذها. وجدير بالذكر أنّه في السنوات الأخيرة أوضحت دراسات في هذا الشأن أن النظارات الشمسية والملونة الطبية جميعها سواء كانت رخيصة الثمن أو غالية الثمن ينفذ منها جزء كبير من الأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء، بينما تحجب كثيراً من الأشعة المرئية لهذا فإن العين التي تتعرض فترة طويلة لأشعة الشمس النافذة من النظارات تصاب بالضرر وخاصة إذا كانت نسبة الأشعة المرئية النافذة أقل من 70بالمائة من الأشعة الكلية الساقطة على العين، ولهذا تحذر هذه المجموعة من الدراسات من سوء استخدام تلك النظارات التي تباع على الأرصفة وفي الشوارع والتي لا نعلم شيئا عن مصدرها أو مواد صناعتها وهنا تكمن خطورتها وضررها، وأكد الدكتور (م. فريد)، من جهته أكد على ضرورة أن تكون العدسات المستخدمة في النظارات الشمسية ذات مواصفات طبية معينة حتى وإن كانت غير طبية للحفاظ على العين فالأصل منها حماية العين من الشمس والتعرق وليس الإضرار بها وإتلافها، وأن هذه النظارات الشمسية وجدت لتريح العين عند النظر تحت الشمس والتعرض لأشعتها سواء الشمسية منها أو الطبية، وكثيراً ما يكون الاختيار الخاطئ للنظارة مصدراً لأوجاع العين والصداع وضعف النظر، كما قد تسبب ازدواجية الرؤية وغالباً ما تكون خطراً على مستخدميها إذا نظروا للشمس ظناً منهم أنها تقوم بدور الحماية الكافية. دعوة إلى تضافر الجهود للتصدي للظاهرة كما طالب عديد المختصين في طب العيون أن تتصدى وزارة الصحة لظاهرة انتشار تجارة نظارات الرصيف التي تتسبب في أضرار صحية بالغة للمواطنين في ظل غياب الوعي الصحي بخطورة استخدام مثل هذه النظارات على العيون وإصابتهم بالعمى أو ضعف الرؤية، داعين الوزارة إلى ضرورة القضاء على التسويق العشوائي ، فالحديث عن هذا المجال -حسبهم- أصبح ضرورة حتمية يحتاج إلى تضافر كافة الجهود لتجنب المخاطر الصحية الكثيرة التي قد تنجم عن الاقتناء العشوائي لمثل هذه السلع التي أصبحت تهدد الإبصار وتخاطر بعيون الآلاف بل الملايين من مستعمليها الواقعين في فخ بخس الثمن والتلهف على اتباع آخر صيحات الموضة.