* شواذ الجزائر من العشوائية إلى التنظيم لا تزال قضية المثلية الجنسية أو ما يعرف بالشذوذ الجنسي من الطابوهات أو القضايا المحرمة التي يتحاشى الكثير من الإعلاميين ولوجها كنوع من التجاهل لهذه الفئة المنحرفة والحجة دائما هي إبعادهم عن الأضواء ومحاولة إبقائهم داخل قوقعة بعيدة عن الإعلام والرأي العام، غير أن هذه الطريقة قد أثبتت فشلها الذريع في الكثير من القضايا الأخرى لتصبح فكرة المواجهة للقضاء على أي شذوذ أو انحراف في المجتمع أكثر فعالية، وفي انتظار تشخيص دقيق وجريء للقضية الحساسة يواصل نحو نصف مليون شاذ في الجزائر وفق بعض التقديرات تحدي أعراف المجتمع وانتهاك قيّمه الدينية. وحاولت (أخبار اليوم) بالرغم من شح المعلومة في مثل هذه القضايا نقل صورة ولو ناقصة المعالم عن المثلية الجنسية في الجزائر لاسيما وأن الشواذ في الجزائر قد انتقلوا اليوم من العشوائية والتلقائية إلى العمل المنظم الذي بدأ منذ سنوات ليعرف تطورا تدريجيا من إنشاء جمعية وإطلاق راديو إلى الاحتفال بيوم وطني يصادف تاريخ 10 أكتوبر من كل سنة. فهل يمكن أن نقول أن المثلية قد تحولت إلى ظاهرة تغزو مجتمعنا أم أنها مجرد مزايدات إعلامية للفت الانتباه؟ الفضاء الافتراضي متنفس للشواذ يمثل الفضاء الافتراضي أو الشبكة العنكبوتية متنفسا كبيرا لمثليّي الجنسية في الجزائر لاسيما مع واقع النبذ والرفض الذي يلاقونه في مجتمع يدين بالدين الإسلامي الحنيف ولازال يحترم عرفه وعاداته وتقاليده عندما يتعلق الأمر بمثل هذه المظاهر الشاذة التي أراد الغرب ولايزال يسعى جاهدا لنشرها بين أفراد مجتمعاتنا العربية، ولكن مثل هذه المظاهر ولو وجدت غريبة عنا بالرغم من تواجدها منذ آلاف السنين لذلك فمثليو الجزائر بالرغم من تحركاتهم الضعيفة والفاشلة بهدف فرض أنفسهم ونيل الاعتراف بهم قسرا من السلطة والتنعم بالتقبل والاحتضان من طرف الشارع لا يجدون في الواقع متسعا لهم ولا مكانا يحتضنهم في العلن تحت نور النهار وأمام الملأ ما أدى إلى توجههم إلى الشبكة العنكبوتية أين استطاعوا تكوين جماعات تتبادل التجارب وتضرب المواعيد وتنظم الطقوس تحت رعاية جهات مجهولة لا نعرف عن واقعها سوى الاسم الذي تنشط تحت لوائه. ومن بين هذه الجهات التي تحمل على عاتقها التكفل بشؤون هذه الفئة الشاذة موقع (جمعية ألوان) الذي يظهر هذه الفئة على أنها مجموعة أفراد تحمل الكثير من الحب والسلام وتبحث عن العيش بطريقتها الخاصة وبأمان وسط مجتمع تتعرض فيه إلى الرفض والاضطهاد حسب ما يروّج له هذا الموقع، وموقع هذه الجمعية الغامضة في الحقيقة ليس الجهة الوحيدة التي تتبنى الدفاع عن فكرة المثلية الجنسية وعن مثليّي الجزائر بالتحديد بل هناك الكثير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي من بينها صفحة سميت ب (المثليون والمثليات الجزائريون الحقيقيون) باللغة الانجليزية على موقع فايس بوك وقد حظيت بإعجاب 1287 شخص وتقول الصفحة أن هدفها الرئيسي هو (توحيد المجتمع وتعزيز أنشطة مثليي الجنس، وتبادل القصص والأفكار، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام، بغض النظر عن الجنس أو العرق أو الدين من الأعضاء)، وينشر الأعضاء إعلاناتهم على هذه الصفحة من أجل البحث عن أحبة أو مثليين ومثليات يشاركونهم حياتهم العاطفية والجنسية والملاحظ أن أغلبهم إن لم نقل كلهم يبحثون عن إشباع رغبات شاذة لا أكثر وهو ما يدحر مقولة البعض أن المثليين يختلفون عن الشواذ جنسيا أم أنهم ليسوا شواذا لأنهم حسب هؤلاء يعتبرون الإشباع الجنسي آخر همهم ويسعون للحصول على الاستقرار العاطفي من خلال الشعور بالاهتمام من شخص من نفس جنسهم. صفحة (مثليّي ومثليات الجزائر) على الفايس هي الأخرى حظيت بعدد كبير من المعجبين بلغ 1036 معجب، إلى جانب صفحة (المكتبة العربية الالكترونية للمثليين) على نفس الموقع والتي جمعت حوالي 1439 إعجاب، حيث تحمل هذه الصفحة شعار (حقوق المثليين من حقوق الإنسان)، وتعمل على الترويج لعدد كبير من المؤلفات العربية والمترجمة والتي تطرقت بشكل أو بآخر لموضوع المثلية الجنسية ومن بين المؤلفات المروّج لها الرواية المترجمة (المدينة والعمود) للكاتب غورفيدال، ورواية (رجل لا يأتي) وهي رواية تجسد ما يعرف بالحب المثلي للمؤلف السوري (زياد عربي)، ورواية (حجر الضحك) لهدى بركات، إلى جانب كتاب (الميول الجنسية والهوية الجنسانية في القانون الدولي لحقوق الإنسان) والصادر عن الأمانة العامة لهيئة الأمم، هذا بالإضافة إلى عدد من المجلات العربية التي ترقع لواء الدفاع عما يسمونه بحقوق المثليين المضطهدة منها مجلة أصوات ومجلة موالح اللتان تصدران شهريا إلى جانب مجلة "چاي تامس ماچازين" بالانجليزية هي من المجلات المشهورة التي تتحدث عن الثقافة المثلية، وجمال الجسم، الأناقة، والفن، وفي الحقيقة هناك الكثير من المواقع والصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تسعى لنشر ثقافة المثلية الجنسية وسط المجتمعات العربية والإسلامية وجعلها توجها مشروعا واختيارا مقبولا وسط المجتمعات المحافظة ولكن المقام لا يسمح بذكرها كلها فاكتفينا بذكر بعضها والتي تخص المجتمع الجزائري بنشاطها. راية، راديو، وجمعية لمثليّي الجزائر يبدو أن نشاط الشواذ جنسيا في الجزائر قد أصبح أكثر تنظيما وظهورا مما عرفناه عنهم في السنوات السابقة، أين كان المثلي يكتم أحاسيسه ومشاعره المنحرفة وإن بدا عليه بعض التصرفات التي لا تتناسب وطبيعته فقد يلجأ بعض الرجال إلى التزين ولبس أثواب ضيقة بل ووضع مساحيق التجميل في بعض الأحيان وكذلك هو الأمر بالنسبة للجنس اللطيف الذي ينزع عباءة اللطف والرقة والأنوثة ليستبدلها بكل ما هو خشن ويتميز به الرجل، وهي في الحقيقة مظاهر لا ينفي أحد منا أنه قابلها يوما ما ولو بصفة عابرة لنعبر عن ذلك قائلين أن هذا "منسون" وتلك "مسترجلة"، وكثيرا ما نعتقد أنها مجرد مظاهر يحبذها هذا أو ذاك دون أن نرجع ذلك إلى ميول جنسية أو رغبات منحرفة إلى أن تطور فكر هذه الأقلية الشاذة ليصبح ثقافة يجهر بها كثيرون بل وتدافع عنها الهيئات وتطالب بخلق المناخ المناسب لها لتعيش ما يعتبرونه حرية جنسية تعد من حقوق الإنسان التي كفلتها أعلى منظمة عالمية هي هيئة الأممالمتحدة. فالمثليون في الجزائر يتمتعون اليوم زيادة عن الفضاء الافتراضي الذي اتخذوه منبرا حرا للتعبير عن أفكارهم المنحرفة وميولاتهم الشاذة ووسيلة للتعارف وضرب المواعيد دون رقيب ولا حسيب، بامتيازات أخرى تتمثل في بداية الاعتراف بهم وبتواجدهم ولو بصفة جد منحصرة من خلال تبني جمعية مجهولة تسمي نفسها "ألوان" مهمة الدفاع عنهم والترويج لثقافة الشذوذ على أنها حرية شخصية لا بد من احترامها في كافة المجتمعات، وعلى ما يبدو فإن هذه الجمعية تنشط بطريقة غير قانونية ولا تحوز على اعتماد رسمي، وقد راحت هذه الجمعية تحفز المثليين في الجزائر على الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية ووضعت يوما وطنيا للمثليين في الجزائر أيضا، كما قامت الجمعية بإطلاق راديو يعرف ب (راديو ألوان) على اليوتيوب تحت شعار (خلي صوتك مسموع) والذي يبث مقاطع مسجلة في مكان مجهول تتراوح مدتها ما بين 10 و15 دقيقة يعرض من خلالها تجارب مثليين جزائريين في عالم المثلية الجنسية، ويحاول من خلال استضافته لبعض المتخصصين طرح سبل الحفاظ على ما يرونه صحة نفسية للمثلي، ويرفع مثليو الجزائر اليوم من خلال نشاطهم على شبكة الانترنت الراية العالمية للمثليين جنسيا المتمثلة في علم قوس قزح ذو الألوان الستة وهو شعار معروف لحركات تحرير المثليين الجنسيين، والسحاقيات ومزدوجو الميول الجنسية وألوانه ترمز إلى التنوع والتسامح الذي يدعون إليه حسب اعتقادهم وهو يُعرف باسم (علم الفخر)، وذلك لأنه يهدف إلى التعبير عن تقدير هذه المجموعة لأنفسهم وشعورهم بالفخر الذي يرون أنهم حرموا منه بسبب اختلافهم بميولهم الجنسية أو بهويتهم الجنسية. 10 أكتوبر اليوم الوطني للشواذ في الجزائر قرر المثليون في الجزائر ومنذ سبع سنوات متتالية أن يكون تاريخ العاشر من أكتوبر يوما وطنيا يحتفل به الشواذ، حيث يحتفل مجتمع الميم الجزائري ومنذ سبع سنوات بيومه الوطني الذي يعرف ب (التان تان)، وذلك بعد أن أعلنت جمعية "ألوان" للدفاع عما يقولون أنها حقوق للمثليين هذا التاريخ يوما وطنيا للمثليين والمثليات ومزدوجي ومتحولي الجنس تحت شعار نحن نتشارك "التان تان"، ويرى المثليون في الجزائر أن ما يدعونه بنصال من أجل إثبات الوجود أن "التشارك" هو أحد أهم العناصر الفعالة لظهور أوسع، وتعتبر جمعية "ألوان" أن مكافحة ما تراه أشكالا من التمييز ضد المثليين والمثليات ومزدوجي ومتحولي الجنس الجزائريين أحد الأهداف الرئيسية التي تعمل جاهدة من أجلها ومع أن قانون العقوبات الجزائري يدين أي ممارسة جنسية مثلية من خلال المادتين 333 و338 مكرر تحاول جمعية "ألوان" أن تشارك ما يعرف بمجتمع الميم رمزية وروح هذه المناسبة، من خلال إشعال شمعة على الساعة الثامنة مساء، مع أكبر عدد ممكن من الناس، وذلك كنوع من إثبات وجود المثليين كجزء لا يتجزأ من المجتمع الجزائري مؤكدة على الاتحاد من أجل "الإعلان عن حقهم المشروع كمواطنين بكل معنى الكلمة". وقد طرحت الجمعية خلال احتفالها بما يعرف عند الشواذ بعيد "التان تان" عدة أشكال للمشاركة عن طريق عرض شريط فيديو قصير يحوي مختلف أشكال التشارك أو عن طريق نشر سبل التشارك على شكل نص في المنتديات والمواقع وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بهذه الفشة من الشواذ ومن بين طرق تشارك فرحة "التان تان" اقترحت الجمعية التشارك في تبادل المعلومات، أي نشر الأخبار عن هذا اليوم الوطني، لأكبر عدد ممكن من الأشخاص، والتشارك في الاحتفال بإشعال شمعة مع واحد أو أكثر من المعارف والأصدقاء، إلى جانب نشر صورة الشمعة التي أشعلها كل مثلي على الشبكات الاجتماعية والمنتديات لأكبر قدر من الظهور وقد لمسنا بالنسبة لهذه الطريقة استجابة العديد من المثليين، حيث نشرت العديد من الصورا لهذه الشموع المشتعلة على شبكات التواصل الاجتماعي إحداها في ساحة الشهداء وأخرى في مكان يبدو مرتفعا يطل على ميناء الجزائر وصورة أخرى في رياض الفتح، ومن بين طرق المشاركة أيضا دعت الجمعية إلى سرد الشهادات عن شعور كل مثلي وهو يحتفل ب "التان تان"، وما تمثله هذه المناسبة بالنسبة إليه، وحثت "جمعية ألوان" على " التشارك " في الاحتفال بهذا اليوم من خلال ملصق إشهاري ونشرة ملخصة لمختلف أشكال "التشارك"، بالإضافة إلى فيديو ترويجي وحلقة خاصة من راديو ألوان وكذا شهادات تم جمعها من شبكات االتواصل الاجتماعية المختلفة. كما شارك مثليو الجزائر وعلى مدار سنتين متتاليتين مثليي العالم في احتفالهم باليوم العالمي ضد رهاب المثلية والتحول الجنسي، والذي يصادف تاريخ 17 ماي 2013، تحت إشراف جمعية "ألوان" دائما بعد أن حملت على عاتقها التكفل بهذه الشريحة الشاذة في البلاد، وشاركت الجمعية المجهولة في إحياء هذا اليوم في سنة 2012 حاملة شعار "مكافحة رهاب المثلية داخل منظومة التعليم"، حيث روجت جمعية ألوان لأربع لوحات لشريط مرسوم من أجل تحسيس المجتمع الجزائري، أما في سنة 2013 فكان الاحتفال عن طريق "الفلاش موب" (flashmob) بألوان قوس قزح. وتمثل في جمع أكبر عدد من الناس في الأماكن العمومية من أجل القيام بنشاطات حول ألوان راية قوس قزح (علم المثليين عبر العالم). ورغم صعوبة هذه العملية في الجزائر، فقد قام نشطاء هذه الجمعية بالتجمع في أماكن مختلفة من البلاد ورسم صور حملت ألوان علم قوس قزح