اقترب عيد الأضحى وراح المواطنون يشترون الأغنام، لمن استطاع إليها سبيلا طبعا، وآخرون يكتفون بشراء اللحم، ما جعل المواطنين يعزفون عن شراء باقي اللحوم البيضاء منها والحمراء، والتي عرفت بدورها انخفاضا في سعرها نظرا لقلة الطلب عليها. أجل، صار لحم الغنم هو المطلوب هذه الأيام، او في الأيام القليلة القادمة، ويفضله المواطنون على اللحوم الأخرى، خاصة بالنسبة للذين لن يشتروا الأضحية، ولكنهم لن يحرموا أنفسهم من لحم الغنم والذي سيقبلون عليه بشكل كبير، ليحضروا الأطباق التي لا تخلو منها موائد الجزائريين في العيد، لكن آخرين فضلوا أن يستمتعوا بأكل ما يشتهونه من لحوم أخرى، من لحم الدجاج والديك الرومي، وبدرجة اقل لحم البقر، الذي يبدو انه لا يريد أن ينزل من عليائه. لدى زيارتنا لبعض الأسواق، والمحلات المتخصصة في بيع اللحوم بكل أشكالها، وجدنا إقبالا على اللحوم البيضاء رغم أن المواطنين لا يفضلون في هذه المناسبة، إلا الادخار لشراء لحوم الغنم، أما قبل ذلك فيعزفون عن اللحم كله، لكن سعر تلك اللحوم أثارت شهية البعض، والذين استغلوا الفرصة واقبلوا عليها، خاصة وأنها كانت مرتفعة قبل أسابيع، ولم يكن بمقدورهم شراءها مثل لحم الدجاج، والذي عرف ارتفاعا في سعره في الأشهر الماضية، ما جعل حتى الذين يحبون أكله يعزفون عنه، مثل الحاجة ربيعة، والتي سمت نفسها ب"الجيجانية" وتقول لنا: "لم أتناول لحم الدجاج الذي أحبه كثيرا منذ مدة، لكن بما أن سعره انخفض، فقد جئت لشرائه، ولا اكذب إن قلت انه حتى في عيد الأضحى اشتهيه، ولكنني عادة ما أتفادى شراءه، لأننا اعتدنا على أكل اللحم فيه، واليوم نزل سعره إلى الخمسمائة دينار وهو أمر معقول، وسأستغل الفرصة لاشتري دجاجتين خاصة وأننا لن نتناول الدجاج لمدة شهر على الأقل، أي بعد أن ننتهي من لحم الخرفان". أمّا السعيد فهو الآخر قال انه يحب الدجاج، ولكنه كان ينتظر هذه الأسابيع او الأيام التي تسبق العيد لكي يقبل عليه، لأنه كما قال لنا مازحا اعتاد على أن لا يشتهي شيئا إلا إذا انخفض سعره، ولأنه يعرف كيف يفكر بائعو اللحم وحتى الخضر والفواكه، ومتى يرفع البائعون والتجار الأسعار ومتى يخفضونها، ويضيف قائلا: "صارت لعب التجار معروفة، وصرت لا أتذمر عندما يرفعون الأسعار، بل ألجأ بكل بساطة إلى المقاطعة، فعندما يرفعون سعر نوع من الخضار أقاطعها واكتفي بتناول أخرى، وكذلك افعل بالفواكه وحتى الحبوب الجافة واللحوم كذلك وكل شيء، وهكذا أعيش سعيدا، لا ينكد علي هؤلاء التجار ولا شيء، رغم أنّ هناك أمورا لا نستطيع الاستغناء عنها ونحتاج إليها بشكل دائم، وحتى اللحم لن أتناوله في العيد بل آكل لحم الديك الرومي والدجاج فهي قضية مبدأ ثم لا أرى ضرورة في شراء اللحم، والسنة تقتضي ذبح الكبش". رغم ذلك فان اغلب الجزائريين لا يستغنون عن لحم الخروف، أكان كبشا يذبحونه أو لحما يشترونه، فالمهم عندهم ألا يفتقدوا في العيد أطباقهم التي ألفوا تحضيرها وتناولها، حتى لو كلفتهم كل المهية التي يأخذونها في شهرهم.