يقع على كاهل الجميع الانتباه الى فئة تستحق العناية ولو مرة في السنة تذكرها فهم اشخاص اقتضت عليهم الظروف القاهرة أن يعيشوا محرومين من نعمة التمتع بإحدى الوظائف الحسية، أو الذهنية، أو الحركية، التي أحدثتها الطبيعة في الإنسان، ووعيا بأن الإعاقة مهما كان نوعها، أو درجتها، ليست مسوغا للاستسلام، أمام مسار الحياة الشائك، ولا مبررا للتهميش أو الإقصاء، و إنما حافزا على التحدي، وإثبات الذات، وتحويل الشخص المعاق إلى كائن فاعل مساهم في إدماج نفسه ضمن المجتمع وتحولاته. حسيبة موزاوي وبمناسبة إحياء اليوم العالمي للمعاقين المصادف للثالت من شهر ديسمبر من كل سنة من واجب المجتمع، ومختلف المؤسسات والهيئات، أن يتحركوا نحو هؤلاء الذين يتكبدون معاناة يومية في أجسادهم وفي معنوياتهم، لتمكينهم من مواجهة التحديات التي باتت تثبط من عزائمهم، وتهز من مشاعرهم، وتنخر في نهاية المطاف المجتمع بأكمله إذ لا يكتمل، بل ولا يكفي جهد الدولة وحدها، مهما كان ضخما وممتدا متواصلا، ما لم يسنده دور المجتمع، عبر شبكة الجمعيات الوطنية والمحلية التي تعد اليوم بالمئات التي تدعي التكفل بانشغالات المواطنين ذوي الحاجات الخاصة، تنظيما وتأطيرا، وتوجيها، وتسعى حسبها للدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية، في أطر التنظيمات الموضوعة من طرف الدولة. وفي هذا الإطار، دعا عدد من المهتمين بشؤون الإعاقة إلى تفعيل الأنظمة المعنية بخدمات المعاقين، وبحثها بطريقة منتظمة وفاعلة لمواجهة الإشكاليات العديدة التي يعيشها أزيد من 2 مليون شخص بالجزائر، وأكدوا أن الخدمات المقدمة لهذه الشريحة في المجتمع تبدو من الناحية النظامية مكتملة ومثالية، لكن تطبيقها في الواقع يعاني من قصور لا يمكن ستره، وضعف يحتاج إلى تدخل متخصص ومستمر ومراقبة للتطبيق، وعدم الاكتفاء بإصدار أنظمة بل العمل على توفير آليات لتطبيقها ومراقبة ذلك التطبيق لمعالجة ما يطرأ عليه من تحديات، وأقر عدد من المعاقين بأن الخدمات التي تتدرج من تصميم الطرق والأرصفة وتتصاعد إلى تسهيل مهمة المعاقين تعليماً وتدريبا وعملاً، تشهد جموداً لم تعالجه التصريحات البراقة، فبمجرد خروج المعاق من بيته يتعرض لكم من الإشكاليات لا يطيقها، ما يفرض عليه عزلة اختيارية ويعطل دوره في المجتمع، وأكدوا أن الرعاية التي طالت المعاقين حتى الآن لا تشملهم جميعا، إلا من خلال الإعانات، فيما يبقى السواد الأعظم في انتظار تلك الخدمات. أين المسؤولين؟ وما زاد الطين بلة هو تقاعس المسؤولين في تحقيق وعودهم التي تقضي بإدماج المعاقين في مناصب شغل وزيادة المنحة وتوفير حافلات لنقل الطلبة والمتربصين المعاقين وتخفيض قيمة السكن لتبقى هذه الوعود حبر على ورق، حيث جاءت اغلب الوعود لحفظ ماء الوجه في اليوم العالمي للمعاق أين تنشّط الجمعيات أكثر في المناسبات فقط بتنظيم الحفلات وتقديم الهدايا التي لا تسمن ولا تغني من جوع هدفها الوحيد هو الحصول على إعانات ومساعدات الدولة ولا نعرف ما مصيرها في أرض الواقع وعند توجه المعوقين لتلك الجمعيات وبعدها تصد أبوابها في وجهه ولا تعيره أدنى اهتمام في خارج هذه المناسبات. ومن أبرز مكاسب هذه الشريحة، على المستوى التشريعي في الجزائر، هو صدور قانون رقم 02 - 09 المؤرخ في 8 ماي 2002 والمتعلق بحماية الأشخاص المعوقين، وترقيتهم، والذي يكرس جميع الحقوق، المقررة لهم في المواثيق الدولية، وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة، غير ان المجتمع والدولة مطالبان بالمزيد من العناية بالمعوقين، فليس ذلك تفضلا منا، لأن هؤلاء، أثبتوا جدارتهم بالتقدير والثناء، وبكل ما تحمله العبارة من مدح وثناء، لأنها فئة استطاعت أن تنظم نفسها، وتقوم بواجبها، ولم تتخذ الإعاقة مبررا للتكاسل والاسترخاء، بل شاركت مشاركة فعلية في التنمية والتطوير، ولكم على ذلك أمثلة كثيرة أصلت فيها هذه الفئة جدارتها وتمكنها، بالأخص في المؤسسات الخاصة بالحرف اليدوية التي عمت منتوجاتها السوق الوطنية، ملبية بعض احتياجاته، وفي مجالات شتى من علم، وتكنولوجيا، وإبداعات فكرية. وما يستحسن ذكره بهذه المناسبة الطيبة، هو تقديري العميق لما حصلت عليه، في العديد من الرياضات، من ميداليات ذهبية، و ألقاب عالمية. لقد وزعت الفرحة على كل الجزائريات والجزائريين، وهم يشاهدون أبطالهم أثناء التتويج، وعلم الجزائر يرفرف عاليا، فرحا بالنشيد الوطني. إنها اللحظات الخالدة في النفوس، والتي أعطت درسا، بأن عملة الجزائر القابلة للصرف، أيا كانت فئتها، هي حب الوطن. والحقيقة التي لا يمكن أن نغفل عنها، أن هذه الفئة تعيش وضعية لا تحسد عليها، فالمصابون بالتهاب العضلات، والمعاقون حركيا، والمكفوفون، والصم البكم، والمهمشون، وغيرهم، كلهم ينتظرون المزيد من التكفل الاجتماعي، ومن التكوين، والتعليم، والعلاج، والمزيد من الرعاية، وعليه فقد بات من الضروري أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، من طرف مؤسسات الدولة من جميع جوانبه الإنسانية، وتكييف بعض النصوص القانونية والتنظيمية، بما يتماشى مع طموحاتهم.