وزارة الثقافة تنبري للدفاع عن كتاب ما يقوله أهل سبيبة الجارح! لا تكاد تهدأ قضية اعتداء على الثوابت حتى تشتعل أخرى أشد خطورة، وبعد أن استمات بنو علمان في نصرة المتطاولين على الإسلام والمجاهدين، على غرار الروائي كمال داود والمخرج إلياس سالم بحجّة حرية التعبير، ها هم اليوم يدافعون بكلّ ما أوتيوا من نفوذ عن الطاعنين في تاريخنا وتراث أجدادنا في صورة الباحثة مريم بوزيد سبابو التي تسبّب كتابها الجارح والمهين (ما يقوله أهل سبيبة) في إثارة شرفاء المنطقة الصحراوية. خلّف كتاب بعنوان (ما يقوله أهل سبيبة) بمعنى شعيرة عاشوراء في واحة جانت، بولاية إيليزي، في أقصى جنوب القطر الوطني، موجة من الاستياء العارم المرفق بدعوات لسحب الكتاب الذي تعمّد الطعن والقذف في شرف وأصول سكان منطقة جانت تحت ما يسمّى بالبحث حول حقيقة (السبيبة) الذي لم يكن هو المقصود بقدر ما كان الموضوع، حسب المحتجّين، (يهدف صراحة إلى المسّ بشرف أجدادنا وأمّهاتنا بصورة مباشرة بذريعة البحث العلمي)، هؤلاء أكّدوا أن أغلب ما ورد في الكتاب سلسلة أكاذيب استعمل فيها التجريح والطعن. ففي هذا الكتاب الجارح المنشور في 2013 لدى المركز الوطني للبحث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ التابع لوزارة الثقافة تقدّر الباحثة احتمال بروز آفات اجتماعية بفعل الاستعمار مثل الدعارة بسبب البؤس عند السكان المحليين. هذا التحليل غير الدقيق والطاعن في شرف سكان المنطقة الصحراوية أثار المحتجّين الذين اعتبروه تجاوزا خطيرا، في حين كان يفترض بالمؤلّفة أن تتحرّى تاريخ مدينة جانت من أهلها قبل أن تنشر ما وصفه أهل المدينة الغاضبين بمهزلة الكتاب الجارح والمهين لمدينة جانت، ومنه طالب هؤلاء بصورة عاجلة بوقف ونشر وتوزيع الكتاب المزوّر لحقائق المنطقة وفتح تحقيق ضد مؤلّفة الكتاب. وزارة الثقافة تهبّ للدفاع عن الكتاب الجارح! تفاعلت وزارة الثقافة أخيرا ويا ليتها لم تفعل مع الجدل الذي صاحب كتاب (ما يقوله اهل سبيبة: معنى شعيرة العاشوراء في واحة جنات) للباحثة الأنثروبولوجية الجزائرية مريم بوزيد سبابو، والذي انتقد سكان المنطقة الصحراوية فقرات منه، معتبرين أنها (قذف وطعن) لأهل المنطقة. واعتبرت الوزارة في بيان لها تحوز (أخبار اليوم) على نسخة منه، أن المجلس العلمي لمركز البحث الذي نشر الكتاب (وحده) المؤهّل ل (تقييم) البحث محلّ (الاحتجاج) من قِبل جمعيات وأعيان جانت (إيليزي) الذين وجّهوا نداء نهاية نوفمبر الماضي للسلطات العمومية من أجل سحب الكتاب من السوق، حسب الصحافة الجزائرية. وكان عدد من الباحثين والجامعيين من مركزالبحث (Cnrpah) قد استهجنوا في بيان لهم نشرته مواقع إلكترونية جزائرية (المساس بحرية البحث العلمي) بعد أن أصرّت إدارة المركز -حسبهم- (على حذف المقاطع المخالفة في الكتاب) و(نشر رسالة اعتذار إلى الأعيان) المحتجّين. وفي تجاوب غير منطقي مع الجدل أشارت وزارة الثقافة في بيانها إلى أن النقاش الدائر حول كتاب بوزيد سبابو يطرح (بقوة) إشكالية (احترام حرية البحث العلمي)، وبرّرت موقفها المبدئي الداعي إلى ضرورة احترام وضمان حرية الإبداع وحرية البحث، كما جاء في البيان. وفيما يعتبر عتابا مخفّفا عمّا جاء به الكتاب من افتراءات على تاريخ وسمعة الأجداد جدّدت وزارة الثقافة اعتبار أنه (من مسؤولية وواجب الدولة عامّة ووزارة الثقافة خاصّة) مراعاة (خصوصيات مجتمعنا في مختلف الفعاليات والمفاهيم الثقافية). ودعت وزارة الثقافة إلى (توازن إيجابي وضروري بين الحرية العلمية والأبعاد المرتبطة بواقع مجتمعنا). ماذا بعد...؟ تتوالى تجاوزات أدعياء الثقافة وتابعيهم في حقّ الثوابت الإسلامية والوطنية بشكل يبعث على الاشمئزاز في ظلّ استمرار دفاع بني علمان عنهم من جهة ووقوف السلطات موقف المتفرّج ممّا يحدث رغم كل ما يمثّله من خطورة على منظومة القيم والتماسك والاستقرار الوطني. وإلى ذلك تجدّدت الدعوات المطالبة بإشهار سيف القانون في وجه المتطاولين على المقدّسات، على غرار الروائي الذي سبّ الإسلام وأساء إلى العروبة كمال داود والمخرج المحرف لتاريخ المجاهدين الشريف إلياس سالم والقيادية في حركة بركات أمينة بوراوي والكاتب المطبع مع إسرائيل بوعلام صنصال وغيرهم كثير، استغلّوا قصور آليات العقاب وأشهروا ألسنتهم وأقلامهم ضد كل ما هو قيمي وثابت لدى الجزائريين. فماذا بعد...؟