دفعا لثقافة الحوار وتداول الأفكار وتبعا لما ورد في الحوار الذي أجرته جريدتكم الغرّاء (أخبار اليوم) مع الشيخ محمد شريف قاهر بتاريخ 28/10/2014، وتحديدا في معرض حديثه عن الإباضية تأتي هذه المناقشة المقتضبة وتصويبا لبعض ما ورد فيها. بداية أريد القول إننا لا نناقش الشيخ في تعريفه للخوارج لآن آراء المؤرّخين قد تضاربت حول تعريفهم واختلفت، أمّا قوله: الإباضية من الخوارج فقد تابع فيه أقوال بعض المؤرّخين الذين تملّقوا سلطات عصرهم وتابعهم في ذلك من جاء بعدهم دون بحث ولا تحقيق حتى أنهم وقعوا في التناقض فقالوا تارة الإباضية خوارج وقالوا تارة أخرى تبرّأ الإباضية من الخوارج وليس هذا شأن من يعرف مسؤوليته في إصدار الأحكام على غيره ويحتاط لدينه، وممّا يدلّ على إقدامه على إصدار أحكام على قوم مع جهله التام بهم قوله إنهم يعتمدون على كتاب واحد وهو لعبد اللّه بن إباض، فنرجو من الشيخ أن يدلّنا على عنوان هذا الكتاب الذي لا نعرفه، وأن يتكرّم بزيارة إحدى المكاتب الإباضية ليطّلع على ما فيها من الكتب المعتمدة، وقد ذكر أن عبد اللّه بن أباض من تابعي معاوية، فالخوارج إذن هم أتباع معاوية، وذكر أن الإباضية ينفون رؤية اللّه في الآخرة مستندين في ذلك على بعض الأدلّة الضعيفة، والحال أن أدلّتهم من القرآن، فهل القرآن عنده ضعيف أم أنه يجهل أدلّتهم؟ فهو يصدر الأحكام جزافا ويقول بغير علم. كما ذكر الشيخ أن أهل السُنّة سمّوا الإباضية نواصب لأنهم يلعنون عليًّا رضي اللّه عنه، بينما كتب التاريخ تشهد أن النواصب هم الأمويون الذين سنّوا لعن عليٍّ على المنابر وأجبروا عليه ولاتهم وأمراءهم، والذين ناصروهم سمّوا بأهل السُنّة نسبة إلى هذه السُنّة، والإباضية هم الذين طلبوا من الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي اللّه عنه لما رأوا من استقامته أن يبطل هذه السُنّة فأبطلها واستبدلها بقول اللّه تعالى: إن اللّه يأمر بالعدل والإحسان، فإن أجابني: قد تركنا لعن علي أجبناه: ونحن كذلك لسنا نلعنه وإن قيل كان الإباضية يلعنونه، وذكر أن الإباضية لا يؤمنون بالتوبة النصوح، اللّهم إن هذا افتراء وبهتان وعليه أن يأتي عليه بالدليل، أمّا ما نسبه إلى الإباضية من الطقوس والاعتقادات في موضوع الطهارة والصلاة فهو هراء لا يصلح حتى للعامّة ذكره وتصديقه وعليه أن يذكر لنا مصادر الإباضية التي أخذ منها ولا أظنّه يطالع كتب الإباضية، إلاّ ما ذكر من عدم رفع أيديهم عند تكبيرة الإحرام فهذا صحيح وهو من الاختلافات المقبولة في شرع اللّه كاختلاف مذهبه في قضية الرفع والضمّ مع غيره من المذاهب وكذلك ما ذكره من طريقة دفن موتاهم فهو أمر اجتهادي حسب الظروف وتوجد عندهم الطريقة الأخرى. وأرجو من فضيلة الشيخ أن يخبرني عن دلالة قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (... ولا يملأ جوف بن آدم إلاّ التراب) في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم والترمذي. هذا وللشيخ محمد شريف قاهر الشكر على ما دعا إليه من وحدة المسلمين وعدم تكفير بعضهم بعضا فإن هذا ممّا أوجبه اللّه علينا وأكّده علينا رسوله في أخريات حياته. وما أحوج المسلمين إلى نبذ هذه الأفكار التي ما فتئ أعداؤنا يستثمرونها لتشتيتنا وإضعافنا منتهجين سياسة فرّق تسد، وإنّي أدعوه وأدعو غيره ممّن يرجعون إلى كتب التاريخ إلى ألا يصدقوا كلّ ما قاله المؤرّخون وألا يبنوا عليه أحكاما فإن فيها الأخطاء والكذب والتزوير تبعا للأهواء والمصالح وذلك ما شهد به من سبقنا في كتاباتهم، كما أدعوهم إلى عدم الحكم على معاصريهم الأبرياء بما نسب إلى من نسبوا إليهم من فساد وضلال وعلى معاصريهم المقصّرين والآثمين بما نسب إلى من نسبوا إليهم من صلاح لقول اللّه عزّ وجلّ: {تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عمّا كانوا يعملون} ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟/ 134، وقوله: {ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن ليس للإنسان إلاّ ما سعى} الأنعام/ 164. مساهمة: عمر إبراهيم بابا نجار/ غرداية