أثار التفجير الإرهابي الذي استهدف السفارة الجزائرية بالعاصمة الليبية طرابلس ردود أفعال دولية غاضبة وموجة من التساؤلات، ففي الوقت الذي أعلن فيه تنظيم (داعش) الإرهابي الوهمي تبنّيه لهذه العملية الجبانة يقول محلّلون أمنيون ومتابعون إن الحادثة قد تكون من تدبير المخابرات الفرنسية، وهي على الأرجح (مؤامرة عالمية) حقيقية لثني الجزائر عن موقفها الرافض لأيّ تدخّل عسكري في الأراضي الليبية. أعلن تنظيم (داعش) الإرهابي الوهمي عبر قنواته في شبكات التواصل الاجتماعي مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف السبت مقرّ السفارة الجزائرية في طرابلس وتوعّد بالمزيد من ضرب المصالح الجزائرية في الداخل والخارج. وكشفت مصادر مطّلعة أن خلفية العملية الإرهابية التي استهدفت مقرّ السفارة تعود إلى قيام الجيش الجزائري بتوقيف ليبيين قبل أيّام في الحدود الجنوبية للبلاد مع ليبيا وبحوزتهما أسلحة حربية كانا بصدد تهريبها إلى داخل الأراضي الجزائرية، وتأتي العملية انتقاما من ذلك بعد رفض الجزائر إطلاق سراحهما والتفاوض بشأنهما أصلا مع المليشيات الليبية. وإثر هذه العملية شنّت عدّة صفحات تابعة للتنظيم الإرهابي الذي فشل في إيجاد موطء قدم له في الجزائر بفضل حنكة الجيش الشعبي وقوات الأمن هجوما عنيفا على الجزائر، حكومة وشعبا. وتمكّنت مصالح الأمن بفضل تحرّياتها الأمنية من رصد مخطّط يستهدف بعض الممثّليات الدبلوماسية الجزائرية في الخارج، وهو ما دفعها إلى اتّخاذ تدابير وإجراءات حماية تمسّ بشكل خاص تشديد الرقابة على سفارات الجزائر في كل من النيجر، مالي، تونس، مصر وسوريا، وهي الدول التي يتواجد بها ما يسمّى بتنظيم الدولة الإسلامية، سواء ككتائب قتالية أو خلايا نائمة وذئاب منفردة. في المقابل، لم يشر بيان الخارجية الرسمي إلى استهداف واضح لمقرّ السفارة الجزائرية، بل قال الناطق باسمها إن الأمر يتعلّق باستهداف لمبنى محاذي لها هو مقرّ بلدية طرابلس، إلاّ أن الناطق باسم مديرية الأمن في طرابلس قال إن سيّارة ألقت حقيبة مفخّخة على كشك حراسة أمام مقرّ السفارة الجزائرية وخلّف الحادث إصابة 5 رجال أمن من الحراسة الدبلوماسية. واعتبر الخبير الجزائري رمضان حملات في تصريحات تداولتها عدّة مواقع أمس أن الهجوم يهدف بالأساس إلى الانتقام من موقف الجزائر غير الواضح علنا وطردها مؤخّرا سفير حكومة طرابلس، كما يأتي للتشويش على الحوار الليبي ومبادرة الجزائر، وإضافة أن الاحتمال الآخر يكون الهجوم من تدبير مخابرات أجنبية لثني الجزائر عن موقفها الرافض لأيّ تدخّل عسكري في الأراضي الليبية وتحديدا المخابرات الفرنسية، حيث تسعى فرنسا لتدخّل عسكري في ليبيا تشارك فيه الجزائر. ردود أفعال دولية غاضبة أدانت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المؤقّتة بأشدّ عبارات الإدانة العمل الإجرامي الذي استهدف السفارة الجزائريةبطرابلس. وذكر بيان لوزارة الخارجية الليبية أن وزارة الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة الليبية المؤقّتة وهي تتابع بأسف شديد العمليات الإرهابية التي تتعرّض لها مقار البعثات الدبلوماسية في العاصمة طرابلس التي كان آخرها استهداف سفارة الجمهورية الجزائرية الشقيقة بطرابلس السبت تدين بأشدّ عبارات الإدانة هذا العمل الإجرامي الذي يرمي أساسا إلى نشر المزيد من الفوضى، في محاولة للتأثير على عملية الحوار الوطني التي بدأت في مدينة جنيف السويسرية وينظر إليها الليبيون كخطوة جدّية لإيجاد صيغة تنهي حالة الانقسام السياسي الذي أوصل البلاد إلى هذه المرحلة. من جانبها، طالبت الحكومة الليبية المؤقّتة المجتمع الدولي بالقيام بواجبه في مساعدة الدولة في حربها على الإرهاب من خلال رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي وتقديم المشورة الفنّية والتقنية له لكي يقوم بواجبه في مكافحة التطرّف والإرهاب وحماية أمن البلاد والمحيط الإقليمي والسلام الدولي. وبدوره، أدان حزب العدالة والبناء الليبي التفجير الذي وقع بالقرب من السفارة الجزائرية في طرابلس وكل الأعمال التي تهدف إلى زعزعة أمن البلاد واستقرارها، وطالب في بيان مقتضب السلطات والأجهزة الأمنية بضرورة توفير الأمن والحماية لكل المنشآت وخاصّة البعثات الدبلوماسية. في السياق، أدانت دولة الإمارات بشدّة التفجير الإرهابي الذي استهدف السفارة الجزائرية في العاصمة الليبية طرابلس السبت. وقالت وزارة الخارجية الإماراتية في بيان لها تناقلته وسائل إعلام محلّية الأحد إن (هذا العمل الإرهابي يتنافى مع قواعد القانون الدولي التي تكفل الحماية الواجبة للبعثات الدبلوماسية ويهدف إلى عرقلة جهود الحكومة الشرعية في ليبيا لتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد. وأكّد البيان ضرورة تضامن كل الجهود الدولية والإقليمية والعمل المشترك والجاد لمواجهة الإرهاب بصوره وأشكاله كافّة.