أكّد البروفيسور سليمان بن عزيز يوم الخميس بالجزائر العاصمة أن الأمير عبد القادر لم ينخرط يوما في الماسونية مثلما تناقلته بعض الكتابات، مؤكّدا أن كبرى (محافل فرنسا والشرق الأكبر) حاولت استغلال الرسائل التي تبادلتها مع هذه الشخصية لصالحها. أوضح السيّد بن عزيز خلال ندوة صحفية نشّطها حول هذا الموضوع أن العلاقة بين الأمير عبد القادر والماسونية التي ما تزال تثير الجدل إلى يومنا هذا غذّت العديد من التأويلات، في حين أن البعد الإنساني لهذه الشخصية الفذّة (يتعدّى) ما كان يروّج له هذا المجتمع السرّي. وأوضح المحاضر أن (محفل هنري الرابع) تحديدا هو الذي حاول استمالة الأمير عبد القادر الذي يعتبر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، مُلمّحا إلى الرسائل التي كان يتبادلها مع هذا الأخير. وبعد تكذيبه لبعض المؤلّفات على غرار مؤلّف برونو إيتيان الذي شهد بأن الأمير عبد القادر انخرط عن بعد بفضل المحفل السابق ذكره، أوضح البروفيسور بن عزيز أن (تقاليد الماسونية لم تكن لتقبل بأيّ انخراط عن بعد)، واسترسل قائلا إنه في (الفاتح جوان 1864 كان الأمير ما يزال متواجدا في المنفى في سوريا فكيف يعقل أن ينخرط في الماسونية؟)، نافيا انخراط هذه الشخصية التاريخية في (محفل الإسكندرية) مثلما تناقلته أيضا العديد من المؤلّفات. وأوضح السيّد بن عزيز أنه (بالنظر إلى أخلاقه السامية كان الأمير يردّ على جميع الكتابات التي كان يتلقّاها بما فيها تلك القادمة من الماسونيين)، مفنّدا زيارة الأمير ل (محفل هنري الرابع) خلال نفس السنة (1864) عندما توجّه إلى باريس لحضور المعرض العالمي، وقال إنه من خلال إنقاذ 12.000 مسيحي من الموت في دمشق منذ 1855 لم يقم الأمير عبد القادر بذلك بدافع قيم الماسونية وإنما بدافع قيم (الإنسانية والتسامح). ولدى تطرّقه إلى مسألة استسلام الأمير عبد القادر في 1847 وهو موضوع آخر مثير للجدل دافع المحاضر عن الأطروحة القائلة إن هذا المسعى أملاه (حرص الحفاظ على حياة آلاف الجزائريين)، وأوضح أن (أزيد من 80 بالمائة من أفراد الشعب الجزائري تعرّضوا للإبادة من قِبل أكبر قوّة مسلّحة استعمارية آنذاك)، مشيرا إلى إرادة الأمير في (عدم التواطؤ في إبادة) الجزائريين. للإشارة، شغل سليمان بن عزيز الأستاذ بالمدرسة العليا للصحافة (الجزائر)، عدّة مناصب في الإدارة ووسائل الإعلام والنشر وكجامعي.