العنف عبارة لطالما تكررت على مسامعنا في كل مكان وهو واقع مرير تعيشه الأسرة الجزائرية، فقد أضحت هذه الأخيرة ظاهرة منتشرة في المجتمع الجزائري الذي يعتبرها من الأمور التي يحظر الحديث عنها وتناولها، بل يشدد على أنها من أكثر الأمور حساسية وخصوصية، والأخطر من ذلك أن العنف يتغلغل داخل الأسرة وقد لا يشعر به أحد لأنه يحدث داخل جدران المنزل وتحت مظلة الرابطة الأسرية. حسيبة موزاوي قد يبدأ بكلمة بسيطة وينتهي بعنف، قد يقمع العنف وقد يعالج وقد يكون له جذور، فهل أصبح العنف أفضل وسيلة للتفاهم، وهل أصبحت اليد هي الوسيلة الأفضل لفض الخلافات؟ إن الصفة الغالبة على مجتمعنا اليوم هي العنف حيث أصبح سيد كل المواقف في الشارع، في البيت، في العمل وعلى شاشات التلفزيون بين المواطنين العاديين والمتعلمين والأميين والمثقفين والنخب والسياسيين، جرائم أصبحت متاحة للجميع ولذا لم يكن غريبا أن تحتل الجزائر المراتب الأولى في مقياس العنف العالمي، حيث أصبح هذا النمط السلوكي الآخذ في التجذر في المجتمع يشكل خطرا على أمنه واستقراره وديمومته واستمراره ويؤثر سلبا على علاقات أفراده ويعرقل حركة دورته الاقتصادية بل يؤثر كذلك على تطوره العلمي والتقني، والأدهى من ذلك كله والأعظم هو أنه يصيبه بنزيف حاد يصعب حله، أسباب متداخلة تسبب العنف في المجتمع، أسباب ظاهرية وأسباب باطنية لكن في الحالتين لا يزال المجتمع يعاني من هذه الظواهر المؤلمة، هاهو اليوم العنف يدخل من رواق الشارع إلى الأسر ويطرح مجموعة من التصرفات والسلوكات العنيفة التي قد تنتج وتقع بين الأمهات والآباء أو بين الآباء والأبناء أو حتى بين الأبناء فيما بينهم، قد يكون هذا العنف الأسري بسبب ظروف معيشية مثل العسر المادي وما يقابله من مستوى معيشي راقٍ خارج الأسرة وعدم التوازن الاقتصادي في المجتمع ومضايقات عديدة تمر بها الأسرة، حيث تقع في دوامة العنف والذي لا ينتهي على خير إلا إذا تدخل العقلاء. نسوة يواجهن العنف من الأزواج اقتربنا من بعض النسوة لكشف مآسيهن تقول إحداهن (لدي 3 أطفال بنتين وولد، حياتي كانت مبنية على العنف من طرف زوجي الذي كان عاطلا عن العمل وفي كل مرة يطلب مني المال ولا أعطيه يضربني أمام أولادي) العنف الأسري وللأسف لاتقف إفرازاته عند الضحية الأولى وهي الزوجة بل يتعدى إلى ضحايا أخطر وهم الأبناء الذين يرون أمهم في حالة يرثى لها، فأي شخصية سوية ستخرجها مثل هذه الأسر إلى المجتمع، لاشك أن الأبناء هم الضحية الأخطر في هذه الحالة، فبداية العنف في الأسرة سيدخل هذه الأخيرة في دوامة، إذ يورث من خلالها العنف للأطفال، لتواصل الحديث جاء اليوم الذي كبر فيه الأبناء وكبرت معهم مصاريفهم، وبدأت ألاحظ ابني الذي أصبح شابا وقلت إنه سيعوضني عن مآسي الماضي لكن هيهات بل صار حمله أثقل من أبيه وصار يطلب مني نقودا وإن قلت له لا أملك يصرخ عليّ قائلا: (نتيا تعيي) هذه الكلمة التي بدأ بها لكن مع مرور الوقت أصبح يرفع يده عليّ مثلما كان يفعل والده وأصبح يغيب عن المنزل لأيام لا أدري أين يذهب ويوم يعود إلى المنزل يكون لسبب معين وهو افتقاره للمال، إن أعطيته فإن اليوم يمر على خير وإن لم أعطه يضربني، بل الأدهى من ذلك أنه تعدى العنف وأخذ جميع مصوغاتي وما ادخرته طيلة حياتي. العنف خطر على الأسرة من هذا المنطلق ربطنا اتصالا بالأخصائية (ف.زهرة) التي أكدت أن العنف في مجتمعنا ظاهرة خطيرة جدا لا تلائم المجتمع الجزائري، ولو أن ظاهرة العنف هذه قيل الكثير فيها يعني أقلام جفت لكنها لا تزال مستمرة، أسباب متداخلة، أسباب اجتماعية كثيرة، فالعنف في مجتمعنا هو تلك البذرة الخبيثة السيئة التي تنمو شيئا فشيئا في المجتمع ونما زرعها شوكا ولا ننتظر من شجرة الشوك أن تعطينا عنبا. لتضيف المتحدثة قائلة (عندما تتأثر الأسرة بظروف اقتصادية صعبة، لا يمكنها أن تسلم من مشكل العنف إلا إذا عرفت كيف تتعامل مع كل هذه المشاكل، وتكون المواجهة بالإقناع خاصة الشباب، فمن المهم جدا معرفة كيف نقود بيتا فيه شباب لكن للأسف في الوقت الحالي أصبح الأمر صعبا جدا لأن التاثيرات الخارجية الموجودة تؤثر على الأسرة، مثلا طلباتهم تفوق القدرة المعيشية للأهل ولكن الطفل لا يقدّر ذلك ولا يستطيع أن يكون في مكان والده، فمثلا يطلب أن يشتري ملابس غالية بدون مراعاته للأحوال المادية لأنه يرى الشباب الذين مثله يرتدونها، هذا التأثير الخاص بالموضة لكن من يدفع الثمن الأولياء وبسبب الضغوطات الخارجية وبسبب التربية التي تربى عليها الطفل وسط عائلته يكون رد فعله مماثلا فالطفل الذي تربى على العنف لا ننتظر منه إلا العنف لا غير ذلك وقد يصل الأمر إلى الهروب من المنزل والدخول في متاهات أخرى مثل الآفات الاجتماعية كتعاطي المخدرات)، لكن العنف في المجتمع الجزائري بإمكاننا التحكم فيه وعلاجه بفضل جهود متكاملة من الأئمة ومن رجال الدين ومن رجال السياسة ومن كل المسؤولين في هذا المجتمع.