* (هذا ما يريده الأئمة..) * (نقابتنا مستقلّة عن أيّ انتماءات سياسية) اعتبر جمال غول، رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية، أنه ما زال الوقت مبكرا لتقييم أداء وزير الشؤون الدينية الحالي محمد عيسى لأنه شغل المنصب لمدة سنة غير كاف -حسبه- لتقييمه، فالوزير السابق غلام اللّه عمّر 19 سنة في منصبه، كما أن نجاح موسم الحجّ -إن حصل- سيحسب له وإذا فشل فسيحسب عليه، ومن خلال الحوار الذي خصّ به (أخبار اليوم) أوضح الفرق بين نقابته وتنسيقية الشيخ حجيمي التي اعتبرها أقل مصداقية لأنها لا تحوز على اعتماد من طرف وزارة العمل، كما أنها لا تُعنى -حسبه- بمصالح الإمام، بالإضافة إلى ذلك فقد عبّر عن رأيه في الكثير من القضايا التي تشغل الرأي العام في الآونة الأخيرة ومنها التشريعات القانونية المثيرة للجدل. حاورته: عتيقة مغوفل * بداية شيخ اعطنا تعريفا لنقابتكم وما هو الفرق بينها وبين التنسيقية الوطنية للأئمة؟ *** أولا نشكركم على اهتمامكم بنقابتنا وبقطاع الشؤون الدينية وهو ما يشجّعنا على المُضي قُدما في نشاطاتنا، بالنسبة للفرق بين نقابتنا وبين النقابة الأخرى فنقابتنا تسمّى المجلس الوطني المستقلّ للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف ولا تسمّى نقابة الإمام غول كما هو معروف في الإعلام، فقد كانت لدينا فكرة لتأسيس نقابة تدافع عن شؤون الإمام، ونقابة المجلس الوطني المستقلّ هي أول نقابة في قطاع الشؤون الدينية والأوقاف وهي الحقيقة التي لا يجب تغييرها، وما أُسس سنة 1999 هو شيء آخر ولا علاقة له مع النقابة، فهو رابطة للدعاة والعلماء انخرط فيها أشخاص ليسوا موظفين في قطاع الشؤون الدينية، فهم أحرار ولم تكن لها صبغة نقابية لأن سنة 1999 شهدت إنشاء الكثير من الأحزاب السياسية وجاء التفكير في تأسيس هذا الرابطة فلم يكن لها هيكل نقابي. الأمر الثاني على فرض أنها كانت نقابة لم يكن لها اعتماد فنحن نتكلّم عن تأسيس النقابة منذ أن يمنح لها الاعتماد، لذلك فهي مغالطة كبيرة أن نعتبر التنسيقية الوطنية للأئمة أول نقابة أنشئت في قطاع الشؤون الدينية لأنها أنشئت سنة 2013 بينما نقابتنا أنشئت في 15 سبتمبر 2012 وهي تضمّ 2000 موظف على المستوى الوطني، وهذا يعني أن نقابتنا هي أول نقابة في قطاع الشؤون الدينية، وعندما قمنا بتقديم طلب الاعتماد لدى وزارة العمل وهي المخوّل بإصدار الاعتمادات جاء الشيخ حجيمي وقرر أن ينشئ هو أيضا نقابة، وأحيطكم علما بأننا عندما قرّرنا تأسيس النقابة كان عندنا الكثير من الخيارات مثل أن نكون تابعين لوزارة العمل أو الاتحاد الوطني للعمال الجزائريين لكننا اخترنا أن تكون نقابتنا مستقلة من أجل خصوصية الإمام في مجتمعنا لأنه هو من يتبعه الناس وليس هو من يتبع غيره، فلا يستطيع أن يكون تحت سيطرة أي جهة من الجهات لها إيديولوجية معيّنة، وقد اخترنا أن نكون مستقلّين حتى لا نروّج لأيّ شخص كان في أيّ فترة كانت فقرّرنا العمل بما يناسب الموظف وليس بما يناسب سلطة من السلطات ونحن مستقلّون عن أيّ حزب سياسي. فالإمام له الحق في أن تكون له آراء سياسية لكن داخل النقابة ليس له الحق في السياسة أبدا، فنقابتنا مهنية ليست لنا توجهات سياسية، فكل موظف في قطاع الشؤون الدينية له الحق في أن ينخرط فيها من أجل الدفاع عن حقوقه هذا من جهة، ومن جهة أخرى نقابتنا اعتمادها كان من وزارة العمل مباشرة، في حين التنسقية لها اعتماد من طرف الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وهذا يعني أن نقابتنا تضاهي اعتماد المركزية النقابية لسيدي السعيد التي تشمل عدة فديراليات، فالتنسيقية هي جزء من الاتحاد العام للعمال الجزائريين. ثالثا أردناها أن تكون نقابة تدافع عن الحقوق المعنوية والمادية لجميع موظفي قطاع الشؤون الدينية من أجل أن نرتقي برسالة الإمام وقطاع الشؤون الدينية ومن ثمة الرقي بالمجتمع ككل، لأن الخطاب المسجدي له وقع كبير في بلادنا. والجدير بالذكر أن نقابتنا لها 15 مكتبا في 15 ولاية من الوطن، كما أنه لدينا 20 مكلّفا بهيكلة مكاتب جديدة في 20 ولاية أخرى. * ما هي الأهداف التي سطّرتها نقابتكم من أجل المُضي فيها؟ *** أول أمر هو أن تأسيس نقابة في قطاع الشؤون الدينية أمر قانوني يسمح به القانون الجزائري وليس لأيّ أحد أن يعترض على تأسيس نقابة في قطاع الشؤون الدينية ولو كان الوزير ذاته، لأن القانون 90-14 يسمح بذلك، ونحن نريد من خلال هذه النقابة أن نستغلّ القانون فيما يعود بالنفع على الإمام وموظفي الشؤون الدينية، هذا هو الأمر الأول، أما الأمر الثاني فمن أهداف النقابة الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوي لموظفي الشؤون الدينية أجمعين وليس الإمام فقط، لأن موظفي الشؤون الدينية تختلّ رتبهم، فكل الأصناف التي جاءت في قانون الشؤون الدينية لسنة 2008 لها الحق في الدفاع عنها وليس الإمام فحسب. الأمر الثالث نشر الوعي القانوني لدى الموظفين، فلو أن كل موظف يعرف القانون يمكن له أن يدافع عن نفسه من خلال قوة القانون ولا يترك حقوقه تهضم ولا يحتاج إلى نقابة تدافع عنه. الهدف الرابع هو الرقي بالعمل النقابي في الجزائر، خصوصا في قطاع حساس جدا مثل قطاع الشؤون الدينية، الآن أصبح ينظر إلى النقابات في الجزائر على أنها احتجاجات وصدام مع الآخر ونحن نريد أن نرتقي بالعمل النقابي في بلادنا دون أن نخالف القانون أو أن نخرج عن الضوابط الشرعية، وذلك بممارسة عمل نقابي نزيه وبذلك نكون قد دافعنا عن العمل النقابي في الجزائر من خلال توضيح صورته بعيدا عن الاحتجاجات والتظاهرات. * هل توافق مطالب نقابتكم مطالب التنسيقية الوطنية للأئمة التي رفعت إلى رئاسة الجمهورية في عارضة تضم 47 مطلبا؟ *** قبل أن أجيب على السؤال أريد أن أعطيكم رأينا في التنسيقية، يجب أن يعلم الجميع بأنه قبل أن نؤسس نقابتنا أقمنا لقاء مع الشيخ حجيمي وعرضنا عليه أن نكون في نقابة واحدة تجلب الحقوق، لكنه رفض ذلك بحجة أنه رأى أنه يستحيل أن تمنح الدولة اعتمادا لنقابة في قطاع الشؤون الدينية، لذلك رأى أن يختصر الطريق ويحصل على اعتماد من عند الاتحاد العام للعمال الجزائريين، كما وعدنا بأنه في حال تسلّمنا اعتمادا سيأتي ليلتحق بنا، لكنه رفض بعدها أن يلتحق بنا وفضّل أن يبقى في التنسيقية منفردا، لكن الآن إن كانت التنسيقية تهدف إلى الدفاع عن الموظف فسوف يكون وجود نقابتين في قطاع الشؤون الدينية تنوّعا وتكاملا في قطاع الشؤون الدينية، لكن إن خرجت النقابة عن الحدود كأن تؤازر مرشحا في الانتخابات الرئاسية دون غيره من المرشحين فهذا خروج عن العمل النقابي وهو عمل سياسي، والأئمة الذين رشحوه لم يخوّلوا له مؤازرة مرشّح دون غيره، فهل انتهى الشيخ من الحصول على كامل المطالب حتى يذهب إلى السياسة؟ بالنسبة للمطالب توجد قواسم مشتركة بين النقابتين، لكن ترتيب الأولويات والرأي يختلف بيننا، نحن في نقابتنا ندافع أولا عن المصالح المعنوية ثم المصالح المادية تأتي تبعا، مثلا لا نتكلم عن الراتب قبل أن نتكلم عن قانون يجرّم الإمام، فإذا قال كلاما في الخطبة يزج به في السجن بشكل عادي وهذا فيه تكميم للأفواه ونحن نريد أن يُلغى هذا القانون لأن فيه إهانة للإمام من الجانب المعنوي، الأمر الثاني نتكلم عن تكوين الإمام الذي أصبح ضروريا جدا لأنه في خطبة الجمعة تحضر مختلف شرائح المجتمع كالبروفيسور، الطبيب والمهندس، وهؤلاء الناس يمكن لهم أن يحللوا الخطاب، لذلك لابد أن يكون خطاب الإمام يلبي كامل الشرائح، لذلك نحن نطالب بمعاهد خاصة لتكوين الإمام حتى يكون في مستوى التطلعات، ثم المطالب المادية تأتي تبعا، فمثلا في قطاع الشؤون الدينية هناك فئة محرومة من الترقية، المؤذن لو يعمل 30 عاما يبقى مؤذنا دون أن يترقى، فالترقية حق يكفله القانون الجزائري لجميع الموظفين، فعدم ترقية الإمام إجحاف في حقه لأنه لن يدفعه إلى المُضي قُدما في العلم مادام لن يترقى، ثم تأتي المطالب المادية الأخرى لأن الإمام عضو في المجتمع. فنحن نريد في قطاع الشؤون الدينية أن يكون العدل بيننا وبين باقي موظفي القطاع العام ولا نريد أن نكون أشخاصا أغنياء بقدر ما نريد أن تكون لنا مرتبات تحفظ كرامة الإمام، فراتب إمام أستاذ بلغ 30 ألف وهو بعيد كل البعد عن متطلبات الحياة، فالإمام الذي يدرّس النّاس عن الأمانة ورد الديون ولا يستطيع هو رد ديونه لأن راتبه ضئيل هل يعتبر هذا إماما؟ نحن نريد عيشا كريما فقط، لذلك نحن نقترح تعديل القانون الأساسي الذي لدينا عليه 15 تحفظا، أما النظام التعويضي لدينا فعليه 10 تحفظات، فكثير من المنح التعويضية ليست لدينا كمنحة العدوى التي نحرم منها ونحن نشتغل في أماكن يأتي إليها آلاف النّاس يوميا. * تكلّمتم شيخنا سابقا عن تكوين الإمام، فما هي الأسس الصحيحة التي يجب أن يُكوّن الإمام وفقها؟ *** الإمام يداوي النّاس من الأمراض النفسية وأمراض الروح، وهي أصعب من الأمراض الجسدية التي يعالجها الطبيب العادي الذي يتكون لمدة 7 سنوات، لذلك من غير المعقول أن يكون الإمام الحامل لشهادة الليسانس في 3 أو 4 سنوات فقط، من جهة أخرى فإن كلية الشريعة لا تمنح ليسانسا خاصا في الإمامة، بل تمنح ليسانسا في الشريعة ككل، لذلك لابد من معاهد لتكوين نوعي في طريقة التعامل مع النّاس في طرق الفتوى. لماذا تمنح منحة للأساتذة الجامعيين من أجل البحث في الخارج في حين لا تمنح للإمام من أجل السفر إلى باقي الدول الإسلامية والنهل من العلوم الشرعية؟ نريد أن تكون للإمام منح إلى الخارج حتى يكون له تكوين راق يسمح له بأداء واجب راق حتى يعطي للنّاس رسالة مسجدية صحيحة. * شاع الفساد في المجتمع الجزائر، فهل هذا راجع إلى تدنّي الخطاب المسجدي في الجزائر؟ *** المسؤول عن تدنّي الأخلاق في الجزائر راجع إى حلقة متكاملة تبدأ من الأسرة على اعتبار أنها أول خلية في المجتمع، ثم المدرسة على اعتبار أنها ثاني مؤسسة بعد الأسرة، ثم المسجد الذي لديه دوره في تربية المجتمع، وهذا الأمر يحتاج إلى تشخيص ودراسة وإحصائيات لإظهار موقع الخلل في هذه الحلقة من المؤسسات الاجتماعية حتى نتمكن من علاجه، وفي كل حلقة نقص معيّن وفي المسجد أيضا نقص، ومما سيساعد على أداء دور المسجد أن تُعطى للإمام المطالب التي يبحث عنها حتى يصبح المسجد منارة للعلم والخير مثلما كان في يوم من الأيام. * هناك من ربط تدنّي الأخلاق في المجتمع الجزائري بالمشرّع، فما تعليقكم على مشروع القانون الذي يُجرّم الزّوج الذي يؤدّب المرأة في حال نشوزها؟ *** القاعدة المعروفة تقول إن (من أمن العقوبة أساء الأدب)، فمن يعرف أنه لا توجد عقوبة سيطغى على الغير، فلابد من التشريعات القانونية أن تكون هناك عقوبات زاجرة وهو ناقص في المجتمع الجزائري. اليوم السارق مثلا يزجّ به في السجن، يقدم له المأكل والمشرب دون أن نقطع يده مثلما ورد في الشريعة الإسلامية، وهو ما جعل الجريمة تتفشّى في مجتمعنا، لذلك جعل اللّه عقوبات وحدودا لردع الإنسان وهو حال الزّوج وزوجته، هذا من جهة، ومن جهة ثانية نحن مجتمع مسلم يجب أن تُسنّ القوانين من شريعتنا الإسلامية، لكن نحن اليوم نستورد القوانين من القوانين الدولية التي لا تتماشى مع شريعتنا، لذلك لابد من وجود هيئة تستشار في سَنّ قوانين الدولة، خصوصا القوانين الخاصّة بالأسرة والشؤون الشخصية. الأمر الثالث نحن نقابة مطلبية مهنية وليس لنا الحقّ في أن نتكلّم فيها، لكن كأئمة نحن تكلّمنا في خطب الجمعة ونحن نرفض مثل هذه القوانين الخارجة عن الشريعة الإسلامية، كما أننا نرفض تحرير تجارة الخمر وندعو أن يهدي اللّه المسؤولين حتى لا يورّطوا الجزائريين في مخالفة الشريعة التي ستجلب لنا الويلات. * بما أنكم فتحتم الباب للحديث عن الخمور، ما هو ردّكم كأئمة على قرار وزارة التجارة لفتح تجارة الخمور في بلد يدين بالإسلام؟ *** نحن كأئمة نرى في القانون دعوة إلى انهيار القيَّم في مجتمع يتميّز بالقيَّم، نرى فيه دعوة على الانحلال الخلقي الصريح، وهو ما سيزيد الاعتداءات في الشوارع، لأن المخمور لا يسيطر على سلوكياته ويعمل كلّ شيء، فالخمور أم الخبائث وهو ما سيجلب الويلات للجزائريين وسيشيع الفساد أكثر مما هو عليه إن طبّق القانون فعلا. * ما تقييمكم لوزير الشؤون الدينية الذي يلتزم الصمت كلما تعلّق الأمر بقضية تمسّ الشريعة الإسلامية رغم مُضي أكثر من سنة على تنصيبه على رأس القطاع؟ *** الآن كنقابة ليست لنا صلاحيات لتقييم مسؤول معيّن لكن كشريك اجتماعي لوزارة الشؤون الدينية نتمنّى أن يكون الوزير متفهّما لمطالبنا، والوزير نتمنّى أن يرى النقابة مثمنين للقطاع، أما تقييمنا للوزير في حد ذاته فلا نستطيع تقييمه في سنة، لأن الوزير الأول عمّر 19 سنة على رأس القطاع أما بن عيسى فله سنة فقط وهي غير كافية لتقييمه حاليا، ولما عيّن وزيرا تفاءلنا به لأنه متخصص في القطاع وله القدرة على متابعة الملفات ومعالجتها ونحن نتفاءل به خيرا. وعدم تعقيب الوزير على القضايا الراهنة لا يعني رضاه، فقد يكون يعمل في صمت مثلا أو أن المعلومة لم تصله بعد أو أنه يمهّد لأرضية صلبة وله حسبات أخرى تمنعه من اتخاذ القرارات أو بخلاف ذلك. هذه السنة تكفل الوزير شخصيا بملف الحج وأحدث لجنة خاصة للتكفّل بحجاجنا الميامين في البقاع المقدسة، وقد اختارت اللجنة الإقامة والترتيبات اللازمة لإنجاح موسم الحج، وإذا كان هذا الموسم ناجحا سوف يحسب للوزير وإذا كان غير ناجح فسيحسب عليه، لأنه قال إنه غير مسؤول على فشل الموسم الماضي لأنه لم يشارك في التحضيرات، لكن هذه السنة تكفّل بكل شيء فهو المسؤول عن نجاحه من عدمه. * ألا ترون أن هناك تهميشا لقطاع الشؤون الدينية في اتخاذ القرارات المصيرية؟ *** هذا أمر لا يمكن أن نجزم به، فنحن نرى أن قطاع الشؤون الدينية هو من القطاعات السيادية في الجزائر ولابد أن يُنظر إليه على أنه قطاع سيادي وأن إطاراته هم المحرّكون للدولة، فلا ينبغي أن ننظر إلى الإمام على أنه مازال في عهد الدراويش وعهد الكتاتيب مع احترامنا لهذه الفئة، فالآن يجب أن ينظر إلى وزارة الشؤون الدينية على أنها سيادية لأنها مسؤولة عن المساجد، فهل هناك قطاع من القطاعات له القدرة على تعبئة الجماهير مثل المسجد في يوم واحد ووقت واحد على مستوى الوطن دون أيّ دعوة؟ وهو ما يتضح في صلاة الجمعة، فالمسجد يأتي إليه الملايين حين صلاة الجمعة. الأمر الثاني اليوم أصبح لا ينظر إلى وزارة الشؤون الدينية على أنها عالة كما كان ينظر إليها من قبل فهذا خطأ، لأنها اليوم تنتج وتفوق بعض القطاعات. فوزارة التضامن وزارة لها ميزانية ضخمة لإعانة المحتاجين، الآن ما تقدّمه وزارة الشؤون الدينية عن طريق الزكاة وقفّة رمضان وغيرها توزّع على فقراء أكبر من وزارة التضامن الوطني، بالإضافة على ذلك ما تؤطّره المدرسة القرآنية في المدارس التحضيرية أكبر ممّا تؤطّره وزارة التربية الوطنية في هذه الأقسام، وعدد التلاميذ يفوق عدد التلاميذ في الأقسام التحضيرية في المساجد، نفس الشيء في محو الأمِّيّة دون أن تصرف عليه الدولة أموالا طائلة، ولولا الجمعيات لشاع الإجرام أكثر ممّا هو عليه الآن، والنّاس ينظرون بهيبة إلى كلام الإمام وذلك دون ميزانية ضخمة، أما الإمام فدون مقابل وهو ما يجعل وزارة الشؤون الدينية قطاعا منتجا وليس عالة، لذلك لابد أن يستشار قي قرارات الدولة وعلى جميع المستويات وفي كل ما يهمّ الشأن العام، لأن الإمام أعلم بمشاكل النّاس أكثر من غيره من المسؤولين وله من الخبرة والكفاءة للاقتراح الدائم في كل شيء. أما الخلل في الشؤون الدينية فيكمن في أن حفظة القرآن لا تمنح لهم شهادة تؤهلهم لتوظيف ومتابعة دراسات عليا على هذا الأساس، فالشهادة تؤهل للانخراط في المجتمع ولابد من الاعتناء بفئة معلّمي القرآن من حيث التكوين والحالة الاجتماعية.