يضطرُّ بعض الناس أحيانًا إلى الاقتراض من الآخرين مع تحديد موعدٍ مُعَيَّنٍ للسداد، ولكن عندما يحين الموعد قد يجد المقترض نفسه عاجزًا عن القضاء؛ وهنا يُعَلِّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سُنَّة جميلة، وهي سُنَّة التجاوز عن المتعسِّر في السداد، أو إنظاره إلى أجلٍ آخر، أو وضع جزء من القرض وأخذ الجزء الآخر، وكلها وسائل لرحمة المتعسِّر، وجزاء ذلك عند الله كبير؛ فقد روى البخاري عن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سمعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَتَاهُ المَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَلْ عَمِلْتَ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: مَا أَعْلَمُ. قِيلَ لَهُ: انْظُرْ. قَالَ: مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ، فَأُنْظِرُ المُوسِرَ، وَأَتَجَاوَزُ عَنِ المُعْسِرِ. فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ). وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (كَانَ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى مُعْسِرًا قَالَ لِفِتْيَانِهِ: تَجَاوَزُوا عَنْهُ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا. فَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُ). وروى مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ رضي الله عنه، طَلَبَ غَرِيمًا لَهُ، فَتَوَارَى عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ، فَقَالَ: إِنِّي مُعْسِرٌ. فَقَالَ: آللَّهِ؟ قَالَ: آللَّهِ؟ قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُنْجِيَهُ اللهُ مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلْيُنَفِّسْ عَنْ مُعْسِرٍ، أَوْ يَضَعْ عَنْهُ). وروى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ لَهُ، أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ تَحْتَ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ). فلنتجمَّل بهذا السلوك النبيل، ولنتجاوز عن المعسرين، عسى الله أن يتجاوز عنا يوم الدِّين.