الطفل إذا كان صغير السن لا يعرف بعد ما معنى الكذب، ولا يميز بينه وبين الخيال والمُزاح، ألا ترين أن الله قال: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}..[النحل:78]. فأولًا أنت بحاجة لأن تبذلي جهدًا في توضيح معنى الكذب، وشرح الفرق بينه وبين الخيال؛ من خلال المواقف المختلفة، وهذا يحتاج منك للصبر والحِلم. في السن الصغيرة يجب أن تعرفي، وتعي جيدًا عدم فهمه لمعنى الكذب، وتبدئي بغرس معناه، وعواقبه، مع عدم إيقاف إبداعه الخيالي، وحاولي قدر استطاعتك ألا تجمعي في هذا السن بين تعديل سلوكين في آن واحد. 1- نحتاج نوعين من الوعظ: - وعظ عام؛ في كل وقت أغرس في ابني الخوف من الله، وحب الله، ورجاء رحمته. - حاولي التوازن، فليس الأمر كله تخويف، ولا كله حب، ولا كله رجاء، نحتاج لهذه الأعمال القلبية الثلاثة معًا، بنفس النسب في العموم، وعظ عام خلال التربية اليومية. 2- ونحتاج وقت وقوع الكذب موعظة خاصة بالترغيب والترهيب معًا أيضًا، ولكن خاصة بالكذب والصدق. 3- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصِّدقِ، فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّةِ، وما يزالُ الرَّجلُ يصدُقُ، ويتحرَّى الصِّدقَ، حتَّى يُكتبَ عند اللهِ صِدِّيقًا، وإيَّاكم والكذِبَ، فإنَّ الكذِبَ يهدي إلى الفجورِ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النَّارِ، وما يزالُ الرَّجلُ يكذِبُ، ويتحرَّى الكذِبَ، حتَّى يُكتبَ عند اللهِ كذَّابًا" (صحيح مسلم؛ برقم: 2607)، رَغِّبِيه أن يكون صادقًا، حتى يُكتب عند الله صديقًا، وخوفيه من الكذب، لكي لا يكتب عند الله كذابًا. 4- أشعريه أن الصدق سلوك ذو قيمة عالية، وهو خلق رفيع للناس الرفيعة الراقية. فَخِّمي ولدك، وأخبريه أنه: "ليس أنتَ من يفعل هكذا، ليس بمستواك، أنت ذكي، أنت شجاع، لا تكذب أبدًا، من يكذب هو الضعيف، الجبان، أنت أكبر من ذلك". 5- وأظهري مساويء الكذب في عينيه. قولي له: "لو أن سيفًا على رقبتك فلا تكذب، وإن قُطِّعْت، وعُذِّبت، لا تكذب، أنت قوي، وشجاع، وعندك مروءة، ونبل أخلاق، أنت فارس من فرسان العرب، نحسب أن فيك خيرات كثيرات، فلا يليق بك أن تتصف بالكذب". 6- اهتمي بقصص السلف في الصدق. 7- انتهزي فرصة كلمة الصدق منه، وأظهري سعادتك بالطريقة التي يحبها. وانتهبي! لا تعط ولدك مقابلًا ماديًا لأنه صادق، بل أعطيه مقابلًا معنويًا، وشعورًا بالفخر. 8- أَلْفِتِي نظر الطفل للعواقب الطبيعية التي تحدث للكاذب والصادق، أَلْفِتِي نظره أنك تحترمي فلانًا الصادق، وأنك حزينة؛ أو مستاءة من فلان الكاذب. 9- إياك والمسامحة دومًا إذا كان صادقًا، لكن يمكن كل فترة: "سامحتك على كذا لصدقك".