الملاحظ في هذه الأيام وبعد انخفاض درجات الحرارة إلى أقصاها لاسيما في الفترة الليلية هو الخلو التام الذي ميز شوارع وأزقة العاصمة خاصة المناطق الشعبية التي أصبحت تعرف سكونا وتكاد تنعدم فيها الحركة في الساعات الأولى من الليل، فلا تعدو أن تدق عقارب الساعة السابعة حتى يلاحظ الخلو التام وانعدام الحركة بأغلب الشوارع العاصمية والسبب راجع إلى المناخ الطاغي في الأيام الأخيرة على ولاية الجزائر وضواحيها، بحيث شهدت انخفاضا ملحوظا في درجات الحرارة ووصلت إلى ثماني وست درجات في الفترة الليلية ناهيك عن الثلوج التي خيمت على الجبال ووصل علوها إلى سنتيمترات عدة بحيث كستها حلة ناصعة البياض. كل تلك الظروف جعلت جل الشبان يهبون إلى بيوتهم في أوقات مبكرة ليستمتعوا بتلك الأجواء الأسرية الدافئة بدل الجلوس خارج البيت في ذلك الصقيع الناجم عن تساقط الثلوج والذي مهما تزود المرء بألبسة شتوية ومعاطف فلن يقوى على مقاومته، وكان الحل الأمثل هو المراهنة بتلك التجمعات الحميمة مع الأصدقاء والدخول المبكر إلى المنازل فمن يرى بعض المقاطعات العاصمية في ليالي الشتاء يخيل له انعدام السكان بها ما يجسده الغلق المبكر للمحلات وكذا قلة الحركة أو انعدامها أصلا. وفي هذا الصدد وتزامنا مع الأمطار الأخيرة التي تهاطلت عل مستوى العاصمة وبعض الولايات المجاورة والتي شهدت انخفاضا محسوسا في درجات الحرارة قمنا بجولة عبر بعض شوارع العاصمة على غرار المدنية شارع محمد بلوزداد... فلاحظنا السكون التام الذي ميز الأحياء التابعة لتلك المقاطعات وقلة الحركة التي تكاد منعدمة ولم يميزها إلا تنقل بعض الشبان وهم مزودون بقشابيات ثقيلة لمقاومة الصقيع الناجم عن شدة البرودة وانخفاض درجات الحرارة، تقربنا من بعضهم فقالوا أن أحياءهم لم تشهد تلك الوتيرة وان البرد هو من دفع بالكثيرين إلى الفرار نحو بيوتهم للاستمتاع بالدفء العائلي ووقاية أنفسهم من السقوط في الأمراض الشتوية كالزكام والسعال. وقال احدهم أن من يرى حيه في موسم الحر لا يصدق ما حل به في موسم الشتاء لاسيما وانه يقطن بمنطقة شعبية تكثر فيها الحركة إلا أن غلبة فصل الشتاء حكمت على حيه بالسكون والهدوء في وقت مبكر ويستمر الحال كذلك إلى غاية انتهاء موسم البرد لترجع الأجواء مع حلول فصل الربيع ومنه إلى الصيف الذي يطبعه السهر والسمر حتى الفجر، ففيه يقل النوم بسبب الارتفاع الذي يميز درجات الحرارة ليل نهار. شاب آخر صادفناه وهو يرتدي قشابية من النوع الرفيع قال انه ورثها عن جده وهو يستعملها الآن في عمله خاصة وانه يحرس الموقف الليلي لحيه وطبيعة عمله تفرض عليه المكوث خارج المنزل في ساعات متأخرة، ولاحظ بالفعل الخلو في حيه حوالي السابعة مساء، على خلاف المواسم الأخرى التي يشهد فيها حركة ونشاط دائمين وقال أن طبيعة الفصل تحكم بذلك خاصة مع تساقط الثلوج في المدة الأخيرة.