** لمن تُعطى الزكاة والصدقات؟ * يجيب د.حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر عن هذا السؤال بالقول: لقد تضمن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مصارف الزكاة والصدقات ولم يترك أمر ذلك لنبي أو لرسول، فهي على النحو التالي: أولا: مصارف الزكاة: يقول الله سبحانه وتعالى عن مصارفها في القرآن الكريم: "إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (التوبة: 60). ولقد استنبط الفقهاء من هذه الآية مصارف زكاة المال على النحو التالي: 1- الفقراء: الذين لا مال ولا كسب لهم يكفيهم الحاجات الأصلية للحياة الكريمة من مأكل وملبس ومسكن وعلاج وتعليم وزواج ونحو ذلك، أي يعيشون دون حد الكفاية. 2- المساكين: الذين لا مال ولا كسب لهم يكفيهم الحاجات الأصلية للحياة الكريمة لمدة عام وذلك عند رأي جمهور الفقهاء، ويرى بعض الفقهاء أنه لا فرق بين الفقراء والمساكين ولكن يشتركا في أنهما دون الكفاية. 3- العاملون عليها: ويقصد بهم من يتولون كافة أمور الزكاة بشرط أن لا يزيد ما يحصلون عليه عن أجر المثل ولا يزيد إجماله عن الثمن من إجمالي حصيلة الزكاة وذلك في حالة عدم قيام أي جهة بالسداد لهم مثل الدولة. 4- المؤلفة قلوبهم: وهم من يرجى إسلامهم من أهل الرأي والنفوذ ولهم دور في صلاح المسلمين وحمايتهم في ضوء المصالح الشرعية. 5- في الرقاب: ويقصد به تحرير الإنسان من العبودية والقهر والتسلط، ومن الأمثلة المعاصرة على ذلك: الإنفاق على تحرير الأسرى والمعتقلين ومن في حكمهم من الذين يجاهدون في سبيل الله عز وجل. 6- الغارمون: وهم الذين أثقلتهم الديون ومن أصابتهم الكوارث والمصائب ومن في حكمهم، كذلك ما يُنفق في إصلاح ذات البين. 7- في سبيل الله: ويُراد به الإنفاق بصفة عامة لجعل كلمة الله هي العليا، ولحماية الدين لدفع الشبهات عنه ولحماية الأقليات المسلمة المضطهَدة في بلدان العالم، وهناك من الفقهاء من يقصر هذا المصرف على القتال في سبيل الله. 8- ابن السبيل: ويقصد به المسافر مهما كانت مسافة سفره وطرأت عليه الحاجة إلى المال لأي سبب مشروع، ويدخل في هذا المصرف في التطبيق المعاصر المهجرين بسبب الحروب والفيضانات والكوارث، وكذلك طلاب العلم الوافدين الذين انقطعت مصادر مواردهم المالية. ولقد وضع الفقهاء ضوابط شرعية لكل مصرف من هذه المصارف حتى تقع الزكاة في يد مستحقيها بالحق، ويرجع في هذا الشأن إلى كتب الفقه، باب مصارف الزكاة. ثانيا: مصارف الصدقات غير الزكاة: ولقد أشار القرآن الكريم إلى مصارف الصدقات بخلاف زكاة المال فقال عز وجل: "لَيْسَ البِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي البَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ البَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ" (البقرة: 177). ويستنبط من هذه الآية أن من بين مصارف الصدقات التطوعية والجارية ما يلي: (1)- الأقربون من الفقراء والمساكين على النحو السابق بيانه في مصارف الزكاة. (2)- اليتامى من الفقراء والمساكين على النحو السابق بيانه في مصارف الزكاة. (3)- المساكين من عموم الناس عل النحو السابق بيانُه في مصارف الزكاة. (4)- ابن السبيل من عموم الناس على النحو السابق بيانه في مصارف الزكاة. (5)- السائلين من الفقراء بعد التأكد من فقرهم على النحو السابق بيانه في مصارف الزكاة. (6)-في الرقاب على النحو السابق بيانه في مصارف الزكاة. ومن الحالات المعاصرة لمصارف الزكاة والصدقات بصفة عامة ما يلي: • دعم المجاهدين في سبيل الله لتحرير الأوطان بالمفهوم الواسع، ويدخل في نطاق ذلك شراء السلاح والعتاد والإنفاق على تدريبهم، والإنفاق على أسرهم وكل ما يدخل في تفسير قول الله تبارك وتعالى: "وَأَعِدُّوٌا لَهُم مَّا استَطَعتُم" (سورة الأنفال: 60). • الفقراء والمساكين من الأقارب واليتامى والأرامل والمطلقات والمسنين والعجزة والمرضى والعاطلين وأسر المسجونين والمعتقلين والمفقودين الذين لا يسألون الناس إلحافا. • الطلبة الفقراء ولاسيما الوافدين الذين خرجوا لطلب العلم النافع المشروع، وضاقت عليهم السبل. • دور العلم الدينية مثل كتاتيب تحفيظ القرآن والمدارس الإسلامية في المهجر والبحوث والدراسات الإسلامية لنشر الدين والدفاع عنه، ودعم القنوات الفضائية الإسلامية التي لا تهدف إلى تحقيق الربح. • حماية الأقليات الإسلامية من حملات التنصير وحفظهم من كل ما يؤثر على عقيدتهم وحياتهم وحريتهم. • الدفاع عن المعتقلين والمسجونين في أي مكان في العالم بسبب الدفاع عن الإسلام والمسلمين. • دعم الحركات الإسلامية التي تدعو إلى تحرير المسلمين بالسبل المشروعة، وكذلك الذين يعملون في الدعوة الإسلامية. • المنكوبون بسبب الكوارث والمصائب والزلازل والحروب وما في حكمها. • مساعدة الشباب الفقير المقبل على الزواج في نطاق الضروريات والحاجيات لحفظ العرض والمجتمع. • القروض الحسنة لمن أصابتهم كارثة أو مصيبة أو حاجة أو ما في حكم ذلك. • وجوه البر العامة التي فيها منافع للناس في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية ومنها: بناء المساجد والمستشفيات الخيرية ودور الرعاية الاجتماعية ومراكز الثقافة الإسلامية. • تمويل المشروعات الصغيرة وتمليكها أو تأجيرها للشباب الفقير العاطل بهدف المساهمة في علاج مشكلة البطالة. والله أعلم. * المساكين هم الذين لا مال ولا كسب لهم يكفيهم الحاجات الأصلية للحياة الكريمة لمدة عام وذلك عند رأي جمهور الفقهاء، ويرى بعض الفقهاء أنه لا فرق بين الفقراء والمساكين ولكن يشتركا في أنهما دون الكفاية.