في اليوم الأخير من أطوار "محاكمة الخليفة" عبد المومن مُجددا: "أنا بريئ" النطق بالأحكام في حق المتهمين يوم 23 جوان الجاري
غرقت محكمة البلدية في الدموع، أمس، خلال اليوم الأخير من مُحاكمة المتهمين بالتورط في قضية إمبراطورية الخليفة المنهارة، ولم يقتصر البكاء على المتهمين الذين لم يجدوا طريقة أفضل من الدموع لاستعطاف القاضي، بل تعداه إلى بعض المحامين وحتى بعض الصحفيّين الذين لم يتمالكوا أنفسهم وتأثروا كثيرا بحال بعض المتهمين، وخصوصا الموثق رحال عمر الذي يتواجد في وضع صحي متدهور. وتميز اليوم الأخير من (محاكمة الخليفة) بكثير من البكاء الذي تشاطره متهمون ومحامون و(شاركهم) فيه صحفيون غلبتهم الدموع وهم يتابعون كيف كان بعض المتهمين يطلبون (الشفقة) وهم يبكون، ولعل أكثر المتهمين تأثيرا على الحضور كان الموثق رحال عمر الذي تدهور وضعه الصحي بشكل كبير جعل كثيرين يبكون لحاله، في الوقت الذي بدا (الفتى الذهبي) سابقا عبد المومن خليفة متأثرا بالتماس المؤبد في حقه، حيث جدّد مطالبته بالحصول على حكم البراءة، مدعيا أنه لم يرتكب أي جريمة. ومن المقرر أن تنطق محكمة جنايات مجلس قضاء البليدة، بالأحكام في حق المتهمين في قضية الخليفة، يوم 23 جوان الجاري حسب ما أفاد به أمس الأحد رئيس الجلسة القاضي عنتر منور. وصرح القاضي منور في ختام اليوم ال35 والأخير من أطوار محاكمة الخليفة (أن المحكمة ستنطق بالأحكام في حق المتهمين يوم الثلاثاء 23 جوان الجاري). وكانت جنايات مجلس قضاء البليدة، قد شرعت في المحاكمة لهذه القضية يوم 4 ماي الفارط. دفاع "الخليفة" يُهاجم بنك الجزائر مجددا من جانب آخر، حمّل دفاع عبد المومن خليفة أمام محكمة جنايات البليدة مسؤولية انهيار بنك ومجمع الخليفة للجنة المصرفية لبنك الجزائر والمصفي منصف بادسي واللذين كانا وراء تفليس البنك الذي لم يصل أبدا إلى مرحلة عدم القدرة على الدفع بشهادة المتصرف الإداري جلاب محمد الذي أكد ذلك. واعتبر الأستاذ لزعر نصر الدين خلال مرافعته في الجلسة ال35 من مجريات قضية الخليفة أن مسؤولية انهيار بنك ومجمع الخليفة تقع على عاتق اللجنة المصرفية لبنك الجزائر والمصفي منصف بادسي واللذين تسبّبا في (تفليس البنك) الذي لم يصل يوما إلى مرحلة (الإفلاس أو عدم القدرة على الدفع) مُستدلا بشهادة المتصرف الإداري جلاب محمد عند سماعه من قبل المحكمة. وعاد دفاع المتهم إلى تذكير المحكمة بالتصريحات التي أدلى بها المتصرف الإداري حول وصول بنك الخليفة من عدمه إلى مرحلة عدم القدرة على الدفع لزبائنه والذي أكد أن الإفلاس لم يحدث إلا أنه كان وشيكا. وركز الأستاذ لزعر على هذه التصريحات التي كانت مبنية --حسبه -- على فرضيات أوصلت البنك لاحقا إلى مرحلة التصفية دون ترك أي مجال لإنعاشه وإعادة بعث رأسماله وتفادي (تحطيم ممنهج) شرع فيه من قبل بنك الجزائر والمصفي لمؤسسات اقتصادية واعدة كان بإمكانها أن تقدم الكثير للبلاد في عدة مجالات. نية مسبقة لتدمير "الخليفة"؟! توقف الدفاع في مرافعته عند ما أسماه (النية المسبقة لتدمير مجمع الخليفة) من قبل إطارات بنك الجزائر بالخصوص وإلا كيف يفسر رفض محافظ نائب البنك تواتي علي استقباله لعبد المومن خليفة لما تقدم هذا الأخير بطلب ذلك ورفضه تقديم أي مساعدة له لاحقا. ويدخل قرار تجميد التجارة الخارجية لبنك الخليفة خلال سنة 2002 والمتخذ من قبل نفس الهيئة المصرفية العمومية ضمن سياق الإعداد لتدمير المجمع والذي تجلى في سحب اعتماده وهو ما تم فعلا بعد أشهر قليلة، حسب الدفاع. وأضاف أنه بعد تعمد (جهات معينة) تسريب معلومات بشكل منظم للصحافة الوطنية توحي بقرب غلق بنك الخليفة، بدأ المودعون الخواص والمؤسسات العمومية بسحب اموالهم من البنك ما عجل بحدوث عجز مالي للمؤسسة، إلا أنه لم يصل --حسب الأستاذ لزعر -- بالرغم من ذلك إلى مرحلة عدم القدرة على الدفع حتى بعد قدوم المتصرف الإداري جلاب محمد والذي أكد ذلك في شهادته. كما عاد إلى محطات تصفية مياه البحر التي اقتناها الخليفة ولم يتم استقدام ثلاثة منها بعد كل ما قيل عن تحويل وتهريب اموال بالعملة الصعبة نحو الخارج تحت غطاء اقتناء تلك المحطات التي قال الخليفة إنه أراد إهداءها للجزائر. واستغرب الدفاع عدم حرص المصفي على استرجاع الأموال من المؤسسة المصنعة لتلك المحطات بحجة أن (التكلفة المالية للمنازعات القانونية الدولية كبيرة ولا يمكن تحملها)، مشيرا أن قيمة تلك المحطات كانت أكبر من أي تكلفة قانونية وتستحق بذل الجهود لإعادتها لصالح الاقتصاد الوطني ولصالح عملية التصفية. كما تساءل عن طائرة ملك لشركة انتينيا للطيران التي اقتناها موكله وألحقها بمجمعه والتي قام المصفي بإهدائها لأحد معاهد الطيران بالرغم من أن قيمتها المالية معتبرة وكان بالإمكان بيعها أو إعادة تأهيلها فور استرجاع محركها الثاني الذي كان قيد الصيانة ببريطانيا والذي لم يقم المصفي بأي محاولة للمطالبة به والاكتفاء بالقول اأن تلك الطائرة لم تعد صالحة للخدمة. "عن أي جمعية أشرار تتحدثون؟!" بعودته إلى تهمة تكوين جمعية أشرار قال الدفاع إن شخصا يستثمر في تكوين طيارين بأحسن مؤسسات التكوين ببريطانيا يعملون حاليا لدى الخطوط الجوية الجزائرية لا يمكن أن يكون على رأس جمعية أشرار تخطط للنصب والاحتيال لكنه فكر في الاستثمار على المدى البعيد من خلال تطوير قدرات الإطارات التي كانت نقطة قوة مجمعه. وبالرغم من ذلك فإن العديد من أولئك المسؤولين والذين كانوا يشغلون مناصب حساسة بالبنك كانوا وراء تلفيق التهم بالجملة ضد عبد المومن خليفة -حسب- الدفاع الذي استدل بتناقض وتغيير أقوال الكثير منهم بمن فيهم متابعون في قضية الحال والذي مثلوا كشهود بعد أن قضوا العقوبات الصادرة في حقهم إثر محاكمة 2007. ومن بين تلك التصريحات قيام الخليفة بإعطاء أوامر شفهية لسحب أموال من البنك باسمه وباسم المقربين منه دون أي مبررات أو محاسبات بنكية تفاقمت في الأخير لتشكل ثغرة مالية بالبنك قيمتها 3.2 مليار دج. ووصف الدفاع ملف قضية الحال ب(الخيالي والمصطنع) والذي ضخم من طرف البعض وشغل به الرأي العام لسنوات وروّج على أساسه أن عبد المومن خليفة مواطن تحت الرعاية السامية للنظام الملكي البريطاني فيما يشير الواقع إلى كونه مواطنا جزائريا أراد إحداث شيء من التغيير عن طريق الاستثمار وقضيته لا تتعدى عن كونها قضية بنكية كان يمكن أن تعالج بطريقة مغايرة. ولدعم فكرته فيما يخص (متابعة موكله قضائيا دون أن تسنتد التهم الموجهة إليه الى وقائع ملموسة) عاد الدفاع إلى مرافعة النيابة العامة التي التمس من خلالها حكما بالمؤبد ضد عبد المومن خليفة دون أن يحدد الوقائع متحدثا عن مواد في قانون العقوبات تمنع الجمع بين تهمتين ضد شخص واحد. وتطرق المحامي لزعر إلى تكييف النيابة وغرفة التحقيق بالتفصيل للتهم الموجهة لموكله والمتعلقة (بتكوين جمعية أشرار والسرقة الموصوفة بظرف التعدد والتزوير واستعمال المزوّر والإفلاس عن طريق التدليس والرشوة واستغلال النفوذ والنصب والاحتيال) قبل أن يطالب إفادته بحكم يُبرّئه من كل الأفعال المنسوبة إليه. ويبلغ عدد المتهمين في هذه القضية 71 متهما ويفوق عدد الشهود في القضية 300 شخص إلى جانب الطرف المدني والضحايا.