"أخبار اليوم" تنقل يوميات مأساوية للسكان في رمضان المسؤولون "يُغرقون" قرية شندر بالناصرية في التهميش والعزلة تعيش قرية (شندر) التابعة إداريا لبلدية الناصرية الواقعة حوالي 35 كلم شرق بومرداس، عزلة تامة في كل مناحي الحياة، جعلتها تصنّف ضمن أكثر المناطق تضررا في الولاية نتيجة سياسة التهميش والإقصاء التي فرضت عليها، فهي تشهد غيابا فادحا لأدنى ضروريات الحياة الكريمة، واستفحال ظاهرة البطالة، وأزمة السكن، وغياب المرافق الترفيهية، ونقص الأمن ونشاط الجماعات الإرهابية. كل هذه المشاكل إجتمعت لتصنع بؤس ومعاناة السكان حيث دفعتهم لهجر قريتهم إلى المناطق الأكثر أمنا والأحسن من حيث الإمكانيات. روبوترتاج ل. حمزة الزائر إلى قرية (شندر) سيلاحظ أنها تعاني نقائص عدة جراء الغياب التام لمشاريع التنمية، إذ تنعدم فيها المرافق الحيوية، فسكانها على مدار السنة ينتظرون التفاتة السلطات المحلية لتجسيد المشاريع الإنمائية التي من شأنها التقليل من حدة معاناتهم اليومية، ووضع حد نهائي لهذا الوضع الذي لطالما أرقّهم. وقد أجمع أغلبية المواطنين الذين التقيناهم في هذه القرية على أنه من الصعب جدا التأقلم مع هذه الظروف التي تميزها نقائص بالجملة، حيث أن المعيشة فيها واقع مر، ومن الصعب جدا تحمله، حيث عبروا عن تذمرهم الشديد من الوضعية المزرية التي يعيشونها نتيجة تفاقم مختلف المشاكل من وقت إلى آخر دون أن تحرك السلطات المعنية ساكنا. أزمة عطش حادة مع بداية رمضان.. مشكل غياب ماء الشرب عن الحنفيات أصبح الشغل الشاغل للسكان هذه الأيام، فحسب شهادات السكان فإنه يشهد هذه الأيام خاصة مع دخول شهر رمضان تذبذبا كبيرا، وفي هذا الصدد أكد السكان أنهم رفعوا عدة شكاوى ومراسلات للسلطات المحلية بما فيها الجزائرية للمياه قصد إيجاد حل عاجل لأزمة العطش التي يعانون منها لكنهم تأسفوا لعدم تسجيلهم لأي تدخل، ما جعل رحلتهم في البحث عن هذه المادة الحيوية مستمرة، حيث يقول أحد ممثلي السكان إن (إهمال المسؤولين لمطالبنا جعلنا نبحث عن حلول بديلة لجلب الماء لمجابهة أزمة العطش التي تعيشها القرية، مؤكدين أن وجود خزان الماء على بُعد أكثر من 5 كلم جعل وصول المياه إلى حنفياتهم بشكل متذبذب، كما لم يخف السكان أنهم يلجأون إلى المناطق الجبلية والغابية لجلب مياه الشرب، وما يؤكد حقيقة أن سكان قرية (شندر) يعيشون أزمة عطش حادة هو تواجد الحمير بأعداد هائلة في المنطقة، حيث يجعلها السكان كوسيلة لنقل الماء، وأضاف السكان أن أزمة مياه الشرب فتحت المجال لباعة الماء لكسب أموال بطريقة سهلة، علما أن الصهريج الواحد يباع بأسعار خيالية تتعدى في فصل الصيف 2500 دج، هذا إذا أتيحت لك فرصة الحصول عليه بالنظر لكثرة الطلب. البطالة .. الهاجس الذي يُؤرق شباب القرية ما يلفت الإنتباه بهذه القرية هو علامات اليأس وملامح الحزن البادية بصورة واضحة على وجوه الشباب، الذين أكدوا أن اتساع دائرة البطالة وتفشيها جرّاء الغياب التام لفرص العمل هو سبب تعاستهم، وأن كل هذه الظروف المؤثرة سلبا على حياتهم تدفعهم في الكثير من الأحيان إلى الهجرة ولو بصفة غير شرعية، مُعرّضين بذلك أنفسهم للخطر رغم وعيهم بنتائج ذلك في ظل غياب بديل أفضل، بل أكثر من ذلك فإن الوضع الحالي يتفاقم أكثر ويؤدي إلى استفحال ظواهر اجتماعية أخرى أكثر خطورة من الأولى في أوساط هؤلاء الشباب كتنامي ظاهرة السرقة وتعاطي المخدرات، حتى بالنسبة للشباب حاملي شهادات جامعية لم يسلموا من هذا المشكل الحاد، فأغلبهم يعيش حالة يأس بسبب عدم إتاحة الفرصة له للحصول على منصب شغل، موجهين بذلك أصابع الاتهام إلى السلطات المحلية التي تمارس -حسبهم-، سياسة الإقصاء والتهميش، حيث لم تجسّد أي مشروع تنموي قد يساهم في توفير مناصب شغل لهم. وأشار هؤلاء أمام هذا الوضع المزري وجدوا أنفسهم مجبرين على ممارسة مهن حرة بهدف تشغيل أنفسهم بأنفسهم للحصول على قوت يومهم، وهو ما لجأ إليه معظم سكان القرية بما فيهم كبار السن من أجل إعالة عائلتهم. .. حتى التلاميذ يتعذبون للوصول إلى مدارسهم كما يشتكي أولياء تلاميذ قرية شندر من إنعدام النقل المدرسي الأمر الذي جعل أبناءهم يتكبدون عناء التنقل إلى مقاعدهم الدراسية مشيا على الأقدام لمسافات طويلة دون أن تتدخل السلطات المحلية لإنهاء هذا المشكل الذي لازمهم لفترة طويلة، وأكد أولياء التلاميذ لأخبار اليوم في تصريحات سابقة أن أبناءهم يجدون صعوبة كبيرة للتنقل إلى مقاعدهم الدراسية وإلى الابتدائية المتواجدة بمحاذاة الطريق الوطني رقم 12، خاصة خلال فصل الشتاء أين يجد التلاميذ صعوبة كبيرة للوصول إلى الابتدائية مع تهاطل الأمطار وكذا الخوف من الاختطافات أو الكلاب المتشردة التي وجدت ظالتها على محاذاة الطريق، وهو الأمر الذي استاء له سكان المنطقة محمّلين المصالح البلدية كل المسؤولية في تماطلها لإنهاء هذا المشكل الذي لازمهم لفترة طويلة، وجدد أولياء التلاميذ مطالبة السلطات الوصية من أجل تزويد القرية بحافلة للنقل المدرسي لإنهاء معاناة العشرات من التلاميذ الذي يتكبدون عناء التنقل والظروف المناخية الصعبة وكذا قساوة الطقس للوصول إلى الابتدائية التي يدرسون فيها، هذه الأخيرة قال عنها المواطنون أنها تشهد عدة نقائص كما أنها تحتاج إلى ترميم وتهيئة، حيث أن بعض الجدران تآكلت وكذا الأرضية التي أصبحت لا توفر الجو المناسب للتلميذ للدراسة في راحة. إنعدام المرافق الترفيهية يعمّق المأساة تشهد القرية انعداما تاما لكل المرافق الترفيهية كدور الشباب وفضاءات اللعب على غرار ملاعب كرة القدم، وقد نتج عن هذا النقص مظاهر للبؤس التي كانت بادية على ملامح شباب القرية، شباب حرم من إستغلال أوقات فراغه وتنمية مواهبه الإبداعية ومن أبسط الأمور التي قد توفر لهم ولو قسط قليل من الراحة والترويح عن النفس، وفي هذا الصدد أوضح العديد من الشباب أنهم يقضون جل وقتهم في مقاهي للعب الدومينو في ظل غياب بديل أفضل، لكن الفئة الأكثر تضررا جراء انعدام المرافق الترفيهية هي شريحة الأطفال الذين لم يتمتعوا بدون شك بطفولتهم والذين يعانون من التهميش والحرمان، ولملئ أوقات فراغهم يعمتدون على ممارسة كرة القدم في أماكن غير مهيئة لذلك كاللعب في وسط الطريق، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج وخيمة إذ يعرض صحتهم وحياتهم للخطر وحوادث المرور، ناهيك عن مختلف أنواع الآفات الاجتماعية المحدقة بهم التي قد تؤدي بهم إلى ما لا يُحمد عقباه وفي سن مبكرة، في وقت لا يزال الأهالي يبحثون عن الأمل المفقود، وينتظرون بشغف أي التفاتة من السلطات المحلية بتخصيص برنامج تنموي خاص لإخراج القرية من خانة النسيان وتخليصها من حصار البؤس والحرمان ووضع حد نهائي لمعاناة سكانها.