يتذكر الكل تلك القعدات التي كانت تعقدها النسوة في دويرات القصبة خاصة في أيام رمضان، تلك العادة التي عرفت تلاشيا في الوقت الحالي وغابت علاقات الجوار الطيبة التي كانت تميز الجيران في سنوات خلت، وكانت تجسد تآرزهم واتحادهم، وعن هذا تحكي الحاجة السعدية وتقول: (يا حسراه على يامات زمان _ تتنهّد _ كنا دار واحدة خاصة في رمضان الفضيل... كنا نتبادل الأطباق و(شربة المقطفة) وكانت تمتلئ كل الموائدمن بركة الجيران، وكان الكل يأكل أنواعا من الأطباق بعد تبادلها بين النسوة، فكان من العيب والعار أن ياكل الجار أنواعا من الأكل ليقف جاره موقف المتفرج، وقالت إنها شخصيا كانت تتبادل الأطباق مع جارتها، وبعد الإفطار تتجمع النسوة في وسط الدار على صينية الشاي والقهوة وتلتزم كل واحدة بإحضار نوع من الحلويات المعسلة التي حضرتها كالمقروط والخشخاش أو صبيعات العروسة أو المحنشة أو الصامصة ...وتجلس النسوة ويتسامرن ويعقدن (البوقالات) لسماع الفأل الحسن. وأضافت أن تلك العادات غابت في الوقت الحالي الذي فضل فيه كل واحد الانغلاق على نفسه ولم يعد لتلك السهرات الرمضانية حضورا بين الجيران مما أثر على نكهة رمضان، إذ لابد من العودة إلى تلك العادات الحميدة التي تزيد من التآزر والتآلف بين الجيران وبها تظهر (بنّة رمضان) كما تحمل أبعادا اجتماعية في تقوية الصلة والعلاقات وأخرى دينية عن طريق تجسيد معاني التآزر مع المحتاج.