مما لا يغيب عن ذاكرة الجزائريين وخصوصا العاصميين هو تقديم الشربات للأطفال في أول يوم من الصيام على اعتبار أنها مناسبة تحتفل بها أغلب العائلات الجزائرية، وكانت العادة أن يصوم الأطفال إما في ليلة السابع والعشرين أو في ليلة النصف من الشهر الفضيل أو كما يسميها البعض (النصفية)، حيث كانت الجدات يقمن بتحضير الشربات التي كانت أساسا عبارة عن ماء وسكر وليمون وقرفة وهي أقدم وصفة شربات توارثها العاصميون، كما سردت لنا الحاجة خديجة التي كانت إلى وقت ليس ببعيد تحضرها لأحفادها في أول يوم من صيامهم، ويشربونها بوضع خاتم ذهبي في كأس الشربات على أن نشربها الطفل في علو تيمنا بعلو مرتبته بأداء ركن الصيام، أيضا قالت الحاجة خديجة إن الطفل الصائم يعامل معاملة خاصة في هذا اليوم، حيث تعد له أطباق وفق رغبته لمكافأته على الصيام كاللحم لحلو والبوراك وغيرها من أطباق زمان التي لا زالت تميز الموائد الجزائرية إلى يومنا هذا، وكان الطفل الصائم يجلس جنب كبير العائلة للبركة ولكي يشعر بمدى أهمية صومه لرمضان فكما كان يقال (وليت راجل)، كانت مثل هذه العادات تلم شمل العائلة وتنمي تقدير من هم أكبر سنا وتعلم الأطفال فضل الصيام وتحببهم فيه ولازالت بعض العائلات تتمسك بتلك العادة الحميدة التي توارثناها عن سلفنا الصالح وهي كلها عادات أصيلة وجب المحافظة عليها وحمايتها من الاندثار.