ربما لأنهم نشطن في محيط لا بد أن يستعملن فيه القوة، وربما أن العنف صار الطريقة الوحيدة التي تجعلهن لا يتعرضن للأذى، أو لأنّ طباعهن هي هكذا، ولكن الأكيد أنّهنّ تحوّلنّ إلى نساء مسترجلات، لا يتركن شيئا مما يفعله الرجال إلاّ ومارسوه. هنّ فئة من النساء نلتقي بهن خاصة في الأحياء الشعبية، يفعلن كل شيء، او يحاولن فعل كل شيء ليثبتوا أنهن قويات، او "قادرات على شقاهن" فيتصارعن ويصرخن، ويدخلن حتى في معارك مع الرجال، وقد تتحول إلى شجارات بالأيدي، وباستعمال الأسلحة البيضاء، ولا يكتفين بذلك فحسب، بل أنهن يزدن على ذلك بأن يتناولن كلّ أنواع المخدرات، ويتاجرن فيها كذلك، يدخلن السجون ويخرجن منها أكثر وحشية. ربما هذا أقصى ما تفعله تلك النسوة، واللائي صرن معروفات في بعض الأحياء الشعبية، وصار لهنّ لقب واشتهرن حتى في الأحياء والمناطق المجاورة، وصارت لهنّ هيبة كذلك، ويستعملنها للضغط على المواطنين، والذين سئم الكثير منهم من تلك الممارسات الشاذة. في حي بوزريعة بأعالي العاصمة، وفي سيدي يوسف، المنطقة التي يسكنها مواطنون من مناطق مختلفة من الوطن، القي القبض مؤخرا على "س" وهي امرأة فرضت نفسها ومنطقها لمدة على الحي، ولسنوات صار اسمها على كل لسان، وأصبح الكثير من المواطنين يتفادون الاصطدام بها، فهي معروفة ببطشها وبزبانيتها المجرمون، والذين صاروا ينقادون لأوامرها ونواهيها، ويفعلن كل ما تقوله لهن، حتى لو كان أمرا بالاعتداء على أشخاص ومواطنين أبرياء، ويحكي لنا بعض سكان الحي عن علاقتهم معها، يقول في البداية "ر" الذي صارحنا قائلا:" عندما قبض على "س" كدت أقيم احتفالا، فهي امرأة ليس كباقي النساء، بل أبأس من الكثير من الرجال، حيث استطاعت وبقوة السلاح الأبيض الذي تحمله معها ويحمله أصدقاؤها أن تفرض سيطرتها على الحي بأكمله، والكثيرون لا يعرفون بعضهم البعض في هذا الحي مما سهل المهمة لها ولأمثالها من التحكم في زماما الأمور"، أما البشير فيقول لنا:" لقد سيطرت تلك المرأة المسترجلة على الحي لسنوات، وفعلت كل شيء لا يتصوره العقل من الاعتداء على البشر، والمتاجرة في المخدرات، وغيرها من الأمور التي لا يجرؤ على فعلها حتى الرجال. وفي حي آخر كانت هناك حالة المدعوة "تيتا" والتي كبرت وتربت في محيط ليس فيه إلاّ الرجال، كما يقول لنا أبناء حيها، وهو الأمر الذي جعل، ربما، تصرفاتها تتحوّل إلى تصرفات رجولية، ومنذ صغرها كانت تفعل شيئا لا تليق بالفتيات في سنها، حتى أنها صارت تدخن مبكرا، وتتناول المخدرات، ثمّ انتقلت إلى العالم الإجرام، فارتكبت جريمة، قبل أن تدخل السجن، وتخرج منه أكثر بطشا ولؤما، وتُصبح في صراع مستمر مع أبناء حيّها، والذين سئموا من ممارساتها، ولكنهم، مع ذلك، ابدوا لنا تعاطفهم معها، ونيتهم في مساعدتها، وهي التي لم تعرف الحنان يوما ي حياتها.