يعتمد تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال أو ما يُعرف بالقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، على استراتيجية جديدة باتت تبدو واضحة في تجنيد شبان مراهقين، مع استغلال عدم قدرتهم على التمييز، أو وضعهم الاجتماعي السيئ، وبالتالي تكليفهم بمهمات الرصد، أو بعمليات إرهابية كنصب قنابل تقليدية، ليتطور الأمر إلى تنفيذ هجمات انتحارية في مقابل إغراءات مادية، وهو ما يشير إلى درجة اليأس التي بلغها التنظيم الدموي الذي بات يقاتل بالأطفال!.. نشر تنظيم درودكال شريطا لإحدى عملياته الإرهابية نفذتها مجموعة تابعة للتنظيم نهاية جويلية 2009 ضد قافلة عسكرية بمنطقة الداموس بولاية تبيازة. وإضافة إلى اليأس الواضح في الشريط لأعضاء التنظيم، يكشف الشريط استغلال الجماعة السلفية للدعوة والقتال للأطفال والقصّر في عملياتها الإرهابية، ويُظهر أربعة قصّر لا يتجاوز سنهم 17 سنة ضمن مجموعة مسلحي التنظيم، الذين لم يكن يتجاوز عددهم 11 عنصرا، يقومون بتدريبات عسكرية قبيل تنفيذ العملية. صغار يحملون السلاح! ويظهر في الشريط القصّر الأربعة وهم يحملون السلاح ويردون على أسئلة من قبل المتحدث باسم التنظيم الإرهابي أبو صلاح محمد حول أسمائهم ودوافع انضمامهم إلى التنظيم الإرهابي، قبل أن تبدأ المجموعة نصب الكمين للاعتداء على القافلة العسكرية. كما يظهر في الشريط صوت طلقات الرصاص والقنابل والاشتباك العسكري الحاصل بين عناصر الجيش والمسلحين، قبل أن يُظهر صورا لعدد من ضحايا الاعتداء الإرهابي من جنود الجيش وقطع الأسلحة والذخيرة ومعدات وهواتف محمولة وصور استولت عليها المجموعة الإرهابية. وكانت مجموعة إرهابية قد اغتالت 14 عسكريا من الجيش وأصابت سبعة آخرين في كمين نصبته على طريق غابي بين بلدتي الداموس ومليك أقصى غرب ولاية تيبازة لقافلة إمداد عسكري كانت متوجهة إلى أحد المراكز العسكرية التي يقيمها الجيش في المنطقة. وهذه هي المرة الثانية التي يُظهر فيها تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، عددا من الأطفال والقصّر في صفوفه، وهو ما يفسر حال الانحصار التي يعرفها التنظيم خلال السنتين الأخيرتين بفعل الضربات الناجحة التي تلقّاها من قبل قوات الجيش والأمن في عدد من المناطق الجزائرية. اللافت في الموضوع، أن تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال تحول إلى البحث عن مجندين جدد غير مبحوث عنهم من طرف مصالح الأمن، وفي أعمار متقدمة حتى لا تطالهم الأنظار أو الشكوك، مما يسهل عليهم التحرك والقيام بالعمليات التي تعهد لهم، في ظل حديث عن اختراق من مصالح الأمن لخلايا القاعدة؛ مما صعّب من مهام عناصره في التحرك بحرية. وبالفعل، تمكنت مصالح الأمن، في تحقيقات أمنية، من توقيف أطفال أو مراهقين. وكشفت التحقيقات الأمنية أن المراهقين يلقون تدريبات على يد عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال بأحد مراكز التدريب. ودلت التحقيقات على أن الجماعة عهدت لهم مهمة نقل المعلومات لعناصر الجماعة عن تحركات الجيش الوطني الشعبي، أو الإجراءات الأمنية المتخَذة، وعدد العناصر الأمنية المتوزعة بالحواجز. أطفال في خدمة مخططات درودكال! وبالفعل، لم يتوقف عمل هذا التنظيم الإجرامي عند هذا الحد، لما تبين مثلا أن مروان بودينة مفجر قصر الحكومة، أو نبيل بلقاسمي مفجر ثكنة دلس، ولا حتى بلزرق الهواري الذي حاول استهداف رئيس الجمهورية، لم يتجاوزوا بعد سن الرشد! كل هذا دفع مصالح الأمن لأن تجري تحقيقات موسعة في ملف المراهقين، وعدد من عائلاتهم وأقاربهم، بحثا عن هوية منسقي الجماعة السلفية الذين يتولون مهام التجنيد. وقد دلت تحقيقات مثلا على أن صبية غادروا بيوتهم، وعلى مرات متقطعة، للتنقل إلى معاقل التدريب، وتدربوا بشكل منتظم على تقنيات الرصد والتربص بتحركات قوات الجيش، ونقاط تواجدها ونوع معداتها، وهي استراتيجية جديدة للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بتجنيد شبان مراهقين، مع استغلال عدم قدرتهم على التمييز، أو وضعهم الاجتماعي. وكشفت مصادر على صلة بملف التفجيرات، أن مصالح الأمن أنهت التحقيقات مع شبان ومراهقين كانوا مرشحين لتنفيذ عمليات انتحارية، حيث كانوا يلتقون مكلفين بالتجنيد بين الحين والآخر لمتابعة صور أقراص مضغوطة تتضمن العمليات التفجيرية في العراق، ثم تلجأ عادة الجماعات الإرهابية إلى الطلب من هؤلاء المراهقين تنفيذ عملية إرهابية على سبيل التزكية لدى قيادة التنظيم، وهي طريقة تعتمدها الجماعات الإرهابية للتأكد بأن الراغب في الالتحاق بصفوفها يريد فعلا أن ينخرط في الإرهاب، ويبعد بالتالي عنه شبهة العمل لفائدة مصالح الأمن. وأفادت المصادر أن هؤلاء الشبان المغرر بهم عادة ما يتلقون اتصالات هاتفية من إرهابيين، يطلبون منهم مثلا تعلم السياقة بغرض تنفيذ عملية إرهابية.