أما والذي حج المحبون بيته *** ولبُّوا له عند المهلَّ وأحرموا وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعاً *** لِعِزَّةِ من تعنوا الوجوه وتُسلمُ يُهلُّون بالبيداء لبيك ربَّنا *** لك الملك والحمد الذي أنت تعلمُ دعاهم فلبَّوه رضاً ومحبةً *** فلما دَعَوه كان أقرب منهم تراهم على الأنضاد شُعثاً رؤوسهم *** وغُبراً وهم فيها أسرُّ وأنعم وقد فارقوا الأوطان والأهل رغبة *** ولم يُثْنه م لذَّاتهم والتنعُّم يسيرون من أقطارها وفجاجِها *** رجالاً وركبانا ً ولله أسلموا ولما رأتْ أبصارُه م بيته الذي *** قلوبُ الورى شوقاً إليه تضرَّمُ كأنهم لم يَنْصَبوا قطُّ قبله *** لأنّ شقاهم قد تَرَحَّلَ عنهمُ فلله كم من عبرة مهراقة *** وأخرى على آثارها لا تقدمُ وقد شَرقَتْ عينُ المحبَّ بدمعِها *** فينظرُ من بين الدموع ويُسجمُ وراحوا إلى التعريف يرجونَ رحمة *** ومغفرةً ممن يجودَ ويكرمُ فلله ذاك الموقف الأعظم الذي *** كموقف يوم العرض بل ذاك أعظمُ ويدنو به الجبار جلَّ جلاله *** يُباهي بهم أملاكه فهو أكرمُ يقولُ عبادي قد أتوني محبةً *** وإني بهم برُّ أجود وأكرمُ فأشهدُكم أني غفرتُ ذنوبهم *** وأعطيته م ما أمَّلوه وأنعمُ فبُشراكُم يا أهل ذا الموقف الذي *** به يغفرُ الله الذنوبَ ويرحمُ فكم من عتيق فيه كُمَّل عتقُه *** وآخر يستسعى وربُّكَ أكرمُ قصيدة لابن القيم الجوزية